الجمعة، 18 ديسمبر 2015

سلسلة (نقرأ لنرتقي) - سلسلة تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص


بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الأولى (المقدمة) (2015/12/18)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
في كل مرة أريد أن أبدأ سلسلة جديدة، احتار كثيرا في اختيار الموضوع، وأسعى دائما لئن أذكّر بقيمة أو مسألة أظن بأنها هامة لكل شخص لكي يكون من المتميزين والناجحين. وها أنا ذا أكتب في موضوع أحسب أنه واحد من أهم المواضيع التي يجب التذكير بها دائما لأنها تشكّل أزمة وتحدّ. أزمة على مستوى كثير من الدول العربية وتحدّ لكثير من الناس حتى يفعلوه أو يستمروا عليه.
هذا الأمر هو (القراءة). وقد يقول قارئ بأن هذا الموضوع متكرر وقد تمّ طرحه كثيرا من قبل، فأقول: هو من باب قول الله تعالى "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" (الذاريات 55)، وبما أننا لازلنا نعاني من أزمة في القراءة فينبغي التذكير بهذا الموضوع دائما وبطرق مختلفة حتى تزول هذه الأزمة بإذن الله تعالى.
وأيضا، شجّعني على الكتابة في هذا الموضوع إقدام حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في جعل عام 2016 عاما للقراءة أملا في زيادة نسبة القرّاء ليس فقط على مستوى دولة الإمارات وإنما على مستوى العالم العربي ككل.
وقد أسميت السلسلة ب (نقرأ لنرتقي) إيمانا منّي بأن القراءة النافعة من أكبر أسباب رقي الإنسان في جوانب كثيرة. وسوف أسعى بإذن الله تعالى – كعادتي في كل سلسلة – إلى بث رسائل قصيرة في كل حلقة عن موضوع القراءة، أهميتها، كيفية الإقبال عليها، عوائقها، ثمراتها وغير ذلك مما يفتح الله تعالى علينا.
وقبل أن أختم هذه الحلقة، أودّ القول بأنني ألمس تقدّما في مستوى القراءة وهذا ما ألحظه عند زيارة معارض الكتاب المختلفة، ولكننا لا زلنا بحاجة إلى جهد كبير جدا للوصول إلى المستوى الذي نطمح إليه وهو أن يكون لدينا مجتمع قارئ بإذن الله تعالى "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً" (الإسراء 51).
أسأل الله تعالى أن يوفقني لطرح هذه السلسلة وأن يرزقنا جميعا الإخلاص في القول والعمل وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثانية (لمن هذه السلسلة؟) (2015/12/28)

الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
هناك سؤال هام وصلني عبر المدونة واعتقد أنه من الهام مشاركتها مع الجميع، لمن هذه السلسلة؟ ومن هم المستهدفون من هذه الحلقات؟ هل هم الحريصون على القراءة أم الذين لا يقرؤون؟ جلست أفكّر في هذا الأمر – بالطبع قبل كتابة هذه السلسلة – ووصلت إلى أن الإجابة على هذا السؤال هو نفس الإجابة على أسئلة متشابهة مثل: من يستهدف خطيب الجمعة عندما يتحدث عن أهمية الصلاة، هل هم المحافظون على الصلاة أو غير المحافظين عليها؟ ومن يستهدف الطبيب عندما يتحدث عن خطر التدخين، هل هم المدخّنون أم غير المدخّنين؟ ومن يستهدف رجل المرور حينما يتحدث عن أهمية الالتزام بقواعد المرور، هل هم المحافظون على هذه القواعد أو غير المحافظين عليها؟ وغير ذلك من هذه الأسئلة.
إن كل هؤلاء – وأنا منهم بالطبع – يستهدفون فئتين من الناس، الإيجابيون والسلبيون. فالإيجابي (كالقارئ والمحافظ على الصلاة وغير المدخّن والمحافظ على قواعد المرور) لكي يزداد إيجابية إلى إيجابيته ولكي يقوم بحَثّ ونصح غيره، أمّا السلبي فلكي يتوقف عن سلبيته.
والسؤال الهام كذلك، إذا لم يقم الناس – كل في مجاله – بتذكير الآخرين بهذه الأمور الهامة، فمن سيذكّرهم؟ هل سيعرف الناس من تلقاء أنفسهم عن أهمية القراءة أو الصلاة أو خطر التدخين وغيرها؟ لابد إذا من التذكير الدائم بهذه الأمور من باب "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" (الذاريات 55)، ومن باب الدلالة على الأمور النافعة كما جاء في الحديث الشريف: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أجْرِ فَاعِلِهِ" (رواه مسلم).
وكذلك فإننا في عصر يندر أن لا يقرأ فيه شخص شيئا ما خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة، فلعل مثل هذه المقالات تأتي عند شخص لا يحب القراءة كثيرا أو لا يقرأ القراءة النافعة، فيتأثر بهذه المقالات فيصبح من القرّاء بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثالثة (وقفات مع "اقرأ باسم ربك الذي خلق" - 1) (2016/1/17)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
عندما يتحدث أي شخص عن أهمية القراءة فإن من أوائل ما يستشهد به قول الله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق 1-5) وهي أولى الآيات التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، ودعونا نقف قليلا مع هذه الآيات الكريمة.
المتأمل في هذه الآيات يجد أمرا غريبا، فلماذا بداية الوحي تكون بالقراءة؟ ولم تكن مثلا ب (أقم الصلاة) مع أن الصلاة هي عمود الدين، ولم تكن كذلك ب (اذكر الله) مع عظم قدر الذكر، ولم تكن ب (ادع إلى سبيل الله) مع عظم قدر الدعوة إلى الله تعالى وغير ذلك. يجب أن نعلم بأن جميع هذه الأمور لا تحقّق مرادها بغير أمر هام جدا وهو العلم، والقراءة هي أهم طرق العلم كما هو معلوم.
كيف نستطيع أن نصّلي بغير علم؟ وكيف نستطيع أن نذكر الله تعالى بغير علم؟ وكيف نستطيع أن ندعو إلى الله تعالى بغير علم؟ وكيف وكيف؟ بغير علم لا نستطيع أن نعبد الله تعالى كما أمر سبحانه، وكل ذلك يدّلنا على أهمية القراءة ولماذا بدأ الوحي بهذا الأمر العظيم.
يجب علينا أن ندرك قيمة القراءة وأنها أمر شرعي وطريق إلى دخول الجنة إن ابتغى الشخص بقراءته وجه الله تعالى ونفع نفسه ومجتمعه وأمته. ولذلك وجب علينا الحرص عليها أشد الحرص كما كان حال العلماء في القديم والحديث.
مع وقفات أخرى بإذن الله تعالى مع هذه الآيات الكريمة في الحلقة القادمة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الرابعة (وقفات مع "اقرأ باسم ربك الذي خلق" - 2) (2016/1/30)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
ذكرنا في الحلقة الماضية بأن القراءة أمر شرعي خاصة أن أولى الآيات التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كانت: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق 1-5). وقد ذُكرت القراءة مرتين في هذه الآيات مما يدل على عظم قدرها وأنها الوسيلة الأولى للحصول على العلم.
هناك لفتة جميلة في هذه الآيات الكريمة حيث يحثّ الله تعالى المسلم على القراءة النافعة، وهذه القراءة النافعة يمكن أن تكون في أي علم يفيد الشخص أو البشرية والأهم من ذلك أنه يوصل إلى الله تعالى. والله تعالى في هذه الآيات الكريمة أشار إلى خلق الإنسان أي يمكن أن تكون العلوم المرتبطة بالأحياء والطب، وهذه من العلوم النافعة التي أفادت وتفيد البشرية على مرّ الأزمان.
جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ" (رواه مسلم)، وفي الحديث الآخر: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقةٍ جَاريَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم)، فالقراءة التي هي طريق العلم يجب أن تكون نافعة وإلا ستكون سببا لضياع الأوقات وربما تخلّف المجتمعات. وهذا – وللأسف الشديد – مُشاهد بين كثير من المسلمين حيث يمضون أغلب الأوقات في قراءة أمور لا تفيد ولا تقدّم أبدا.
إن أول ما ينبغي به الاهتمام حين البدء بالقراءة الحرص على المفيد والنافع، وضابط النفع هنا هو: هل هذه القراءة مفيدة للنفس بمعنى أنه سيطوّرها وينمّيها في إحدى هذه الجوانب: الروحية أو الجسدية أو العاطفية أو العقلية؟ وهل هذه القراءة ستفيد المجتمع أو الأمة بحيث تتقدم في مجال ما تنافس به المجتمعات الأخرى أو تفيد سكّانها الموجودين فيها؟ وهل هذه القراءة مفيدة في العلاقة مع الله تعالى بحيث ستنمّي العلاقة مع الله تعالى؟ إذا كانت إجابة هذه الأسئلة بنعم، فهذه هي القراءة المفيدة والنافعة بإذن الله تعالى، أما إذا كانت بلا، فالأفضل تركها والاتجاه إلى غيرها.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الخامسة (أهمية القراءة - الرقي والتميز) (2016/2/15)

الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
أسعى في كل الحلقات التي أكتبها إلى إرسال رسائل قصيرة لفتح الأذهان وتوجيه الأنظار إلى مسألة معينة، وأعترف بأنني قد أكرر بعض المواضيع التي أكتبها ولكني على يقين بأنه يجب التكرار للمواضيع الهامة (كالقراءة مثلا) من باب "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" (الذاريات 55)، ولأن المشكلة لازالت قائمة، وبالتالي يجب التذكير الدائم بها حتى نصل إلى المستوى المطلوب بإذن الله تعالى.
أعود إلى السؤال الهام، لماذا يجب أن نقرأ؟ ذكرت في حلقة سابقة بأن القراءة أمر شرعي لأن الله تعالى قال في بداية نزول الوحي بأمر صريح مباشر: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق 1)، وهناك سبب آخر هام جدا وهو أن القراءة من أهم أسباب التميز والرقي في المجتمعات والدول.
أريدك وأنت جالس في منزلك أو في مكان عملك أن تنظر إلى ما حولك، كم من الأشياء الموجودة صُنِعت في دولة عربية؟ ستكون الإجابة في أغلب الظن (لا شيء) أو شيئا أو شيئين من مئات الأشياء الموجودة.
ولا أشك أبدا بأن من أهم العوامل التي أدت إلى تصنيع المنتجات في الدول الصناعية وبجودة عالية هي القراءة، لأن الصناعة تحتاج إلى علم، وهذا العلم يتم تحصيله عن طريق القراءة بالدرجة الأولى.
لست ضد إتيان البضائع من الخارج، ولكن سيكون لنا فخر كبير إن كان الكرسي الذي نجلس عليه أو الطاولة التي نأكل عليها أو القلم الذي نكتب به أو التلفاز الذي نشاهد منه أو السيارة التي نركبها صُنِعت محليا وبجودة عالية. كيف يكون ذلك؟ علينا بالقراءة.
وقد بدأت بعض الدول العربية بالتصنيع فعلا والاعتماد على نفسها، وهذه لا شك خطوة رائعة، وإذا دقّقنا في المسألة نجد بأنها اهتمت بالقراءة والعلم كعامل رئيسي لذلك.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السادسة (أهمية القراءة - الخروج من الأمّية) (2016/2/28)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
أسعى في هذه الحلقات للإجابة على السؤال الهام، لماذا نقرأ؟ وقد بدأنا في الحلقات السابقة ببيان بعض المعاني حول أهمية القراءة، وفي هذه الحلقة أريد أن أطرح أهمية أخرى للقراءة وهي هامة جدا ألا وهي الخروج من الأمية.
قد يستغرب البعض من هذه النقطة إما أنه لا يعرف معنى الأميّة أو يجهل خطورة المسألة. الأميّة تعني عدم القدرة على القراءة أو الكتابة وهذا يعني أن الشخص الأمّي يكون غالبا بعيدا عن العلم، بعيدا عن التقدم والرقي، بعيدا عن التنمية الذاتية وغير ذلك، والأدهى من ذلك أن الأمّي لا يستطيع قراءة القرآن الكريم ولا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويكتفي فقط بالسماع وهذا يعني خسارة عظيمة جدا.
أطرح هذه الأمور ليعلم الشخص القارئ مدى النعمة الكبيرة التي هو فيها عندما يعرف القراءة، والأمر الآخر الخطير عن الأمية هو أن نسبة كبيرة من العالم العربي يعيش في الأمية!! والعجيب أن هذه الأمة هي أمة (اقرأ) ومع ذلك فإن نسبة تقترب من الثلث من سكان الوطن العربي أمّي أي لا يعرف القراءة والكتابة أي لا يقرأ القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو العلوم المختلفة، ولا شك بأن هذا سبب أساسي من أسباب تخلف العالم العربي بشكل عام.
لا شك بأن هناك جهودا كبيرة تُبذل من الحكومات أو الأشخاص للقضاء على هذه الظاهرة ولكن لازال هناك عمل كبير ينبغي بذله.
القراءة ذات أهمية كبيرة جدا، إذ أن المجتمع الأميّ لا يُرجى منه الكثير ولذلك وجب على الجميع الاهتمام بالقراءة حتى ينتقل المجتمع ليصبح مجتمعا قارئا، عندئذ سيفتخر الجميع بهذا المجتمع.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السابعة (أهمية القراءة - معرفة العظماء) (2016/3/16)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
ورد عن أحد الصالحين أنه كان يستأذن من أصحابه ليجلس مع الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فكان أصحابه يستغربون من ذلك خاصة أن الصحابة رضوان الله عليهم قد ماتوا جميعا، فكان هذا الرجل الصالح يخبرهم بأنه سوف يعيش معهم عن طريق الكتب والقراءة.
وما ذكره هذا الرجل الصالح صحيح، فإن الكتاب من أهم الوسائل التي تساعد على معرفة العظماء في التاريخ القديم والحديث، وإذا سألنا أي شخص، ما هي فرصتك للجلوس أو اللقاء المباشر مع عظيم من العظماء لتسأله عن حياته وإنجازاته؟ قد تكون الفرصة نادرة جدا لمعظم الناس، ولكن الكتاب يوفّر هذه الفرصة بشكل مستمر حيث يجعل الكتاب القارئ يعيش مع العظماء في أي زمان شاء وفي أي علم شاء ومن أي دولة شاء.
القراءة تعطي الشخص ثقافة واسعة حول مختلف الشخصيات العظيمة في المجالات المختلفة، وهذا يتضح بشكل واضح عند سؤال القارئ من غير القارئ، فعندما تسأل القارئ عن الشخصيات العظيمة في التاريخ فإنه يبدأ بسرد الأسماء واحدا تلو الآخر في حين قد يأتي غير القارئ ببعض الأسماء التي سمعها في خطبة جمعة أو محاضرة من المحاضرات أو مازال يتذكرها من أيام الدراسة المدرسية أو الجامعية.
 إن معرفة العظماء في التاريخ ذات فوائد عظيمة أولها أنها تساعد في تشكيل وصقل شخصية الإنسان بشكل إيجابي من خلال تعلّم القيم الإيجابية المختلفة كالحرص على العلم النافع والمثابرة والطموح والتضحية ومساعدة الآخرين وغيرها، ومن الفوائد كذلك الاستفادة من الإنجازات والأخطاء التي وقع فيها هؤلاء العظماء والبدء من حيث انتهوا إن أراد أن يكمل في نفس المجال، ومن الفوائد كذلك سعة أفق الشخص وتنمية تفكيره وإبداعاته في مختلف المجالات.
حينما يعرف الشخص العظماء ويقرأ لهم وعنهم فإن نسبة كونه عظيما سيزداد بإذن الله تعالى بعد توفيقه سبحانه، ولو لم تكن للقراءة إلا هذه الثمرة والفائدة لكفى.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثامنة (أهمية القراءة - معرفة التاريخ) (2016/3/29)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
هناك مقولة شهيرة تقول بأن التاريخ مدرسة وهو بالفعل كذلك، ففوائد معرفة التاريخ كثيرة ولولا أن هذه السلسلة عن القراءة لذكرت فوائد معرفة التاريخ في عدة حلقات كوني من محبّي قراءة وسماع التاريخ بشكل عام والتاريخ الإسلامي بشكل خاص.
ولكن كيف يمكن للشخص إدراك هذه الثمرات إذا لم يقرأ؟ في وجهة نظري، أن من لم يتذوق حلاوة قراءة التاريخ فقد فاته خير عظيم. نعم، إن لقراءة التاريخ حلاوة عظيمة، فمنها تتعرف على أحداث عظيمة حدثت في مكان قريب منك أو بعيد جدا لم يتوقع أحد في يوم من الأيام أن تقع فيه هذه الأحداث.
وقراءة التاريخ كذلك يبيّن العظماء – كما ذكرت في الحلقة الماضية – ويبيّن كذلك الأشخاص السلبيين الذين دمّروا بلادهم ومجتمعاتهم بل بعضهم دمّر العالم كالزعيم التتري جنكيز خان أو هولاكو. فالتاريخ من أكبر مصادر معرفة الشخصيات على مر العصور.
حينما يقرأ الشخص في التاريخ يرى أحداثا شبيهة جدا بما يحصل في الواقع اليوم، وهذا مصداق قول العلماء بأن (التاريخ يعيد نفسه) ولكن بأسماء وأماكن مختلفة، ولعل معرفة هذه الأحداث من أقوى أسباب بعث الأمل في نفوس اليائسين من الأوضاع في الوقت الحالي، فالأمة الإسلامية مرّت بأحداث أسوأ بكثير مما نحن عليه الآن ولكنها استطاعت العودة إلى الصدارة مرات ومرات.
قراءة التاريخ كذلك يبعث الفخر للأجيال الحالية حينما يعلمون ما قام به أجدادهم من جهد وبذل حتى وصل حال المجتمع أو حتى حال الأسرة إلى ما هي عليه. وكما ذكرت، فإن فوائد قراءة التاريخ كثيرة ولن أستطيع بحال من الأحوال تغطيتها كلها ولكن أريد أن أؤكد على المتعة الكبيرة بجانب الفائدة العظيمة التي يكتسبها القارئ للتاريخ.
القراءة ذات أهمية كبيرة جدا ولولاها لما عرفنا ما فعلته الإنسانية ولا المسلمين في العصور السابقة، ولا عرفنا الحروب وأسبابها ولا عرفنا كثيرا من الدول ومزاياها. كل ذلك يأتي بالقراءة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة التاسعة (المعرفة قوة) (2016/4/17)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
هناك مقولة باللغة الإنجليزية تقول بأن (المعرفة قوة) (Knowledge is Power) وهي مقولة صحيحة وواقعية ومشاهدة في التاريخ القديم وحياتنا المُعاصر.
شخصيا، عندما أحضر دورات أو مؤتمرات أو أشاهد برنامجا على التلفاز أو الانترنت، فإنني ألاحظ بوضوح هذه المقولة، فالشخص المثقف الذي يملك معرفة واسعة ومعلومات هائلة يستطيع أن يأسر المستمع خاصة إن كان الطرف الثاني أقل معرفة منه، والمعرفة من أقوى وسائل الإقناع كذلك حيث يستخدم الشخص الذي يريد أن يقنع شخصا آخر كمية المعرفة التي لديه لكي يقنعه في أمر ما وغالبا ما ينجح في ذلك – بجانب استخدام وسائل الإقناع الأخرى-.
المعرفة تأتي بالقراءة بالدرجة الأولى، وهذه هي النقطة الهامة التي يجب أن ننتبه إليها خاصة إن كنّا نريد أن نؤثّر في أي مجال أو نكون ضمن الأوائل والمتميزين، فالشخص الذي يملك المعرفة هو المؤثّر الحقيقي في أي منظمة بل على مستوى الدول أحيانا، وحين يريد الأعداء تدمير أي دولة من الداخل فإن من أوائل ما يلجؤون إليه إقصاء أصحاب المعرفة والمفكرّين بجانب تهميش أو تدمير دور المعرفة كالمكتبات، وليس قصة ما فعله التتار حين دخول بغداد بغريب عنّا.
الشخص القارئ يتميز بسرعة بين الناس بسبب حجم المعرفة والمعلومات التي يملكها، ليس هذا فقط وإنما سرده للقصص والأحداث التاريخية وربطها بالواقع يجعله محترما بين الناس ومسموع الكلمة بينهم مما يؤكد المقولة التي ذكرناها في البداية بأن المعرفة قوة.
يحتاج المسلمون إلى امتلاك هذه القوة حتى نعود من جديد إلى صدارة الأمم، وما نشاهده اليوم من اهتمام بعض الدول كدولة الإمارات العربية المتحدة بمسألة القراءة لهي مبشّرات جميلة في سبيل هذه العودة من جديد. وكم سنكون سعداء عندما نرى جميع المسلمين قرّاء مثقّفين "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً" (الإسراء 51).

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة العاشرة (مهرجان الشارقة القرائي للطفل) (2016/4/30)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
أريد أن أقف اليوم مع فعالية رائعة تنظّمها إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الفعالية هي (مهرجان الشارقة القرائي للطفل) حيث تستهدف هذه الفعالية الأطفال بالدرجة الأولى وتتخذ هذه الفعالية شعارا لها في كل سنة للتركيز على معنى معيّن ومفيد للأطفال.
تربية الطفل على القراءة من أهم الأمور التي يجب أن يهتم بها الوالدين والمربين سواء في المنزل أو المدرسة، وتأتي مثل هذه الفعاليات لتكمل دور هؤلاء المربين في غرس حب القراءة في الطفل حيث يحتاج الطفل إلى كتب معينة ليس ككتب الكبار حيث الألوان المختلفة والإخراج المختلف والمعلومات الواضحة البسيطة.
عندما تذهب إلى المهرجان تجد فعاليات متعددة للطفل حيث تكون هناك ورش مختلفة لتعليم الأطفال مهارات حياتية مختلفة، ولكن الجزء الأهم من المعرض هو في الكتب المتاحة حيث توجد مختلف الكتب للأطفال ولأعمار متنوعة وفي مواضيع مختلفة.
المهم في مثل هذه المهرجانات تحبيب الكتاب إلى الطفل ويمكن ذلك من خلال اصطحابه إلى المهرجان ورؤيته للكتب المختلفة مع وجود توجيهات من المربين. وأعتقد بأن دور القدوة هام جدا في مثل هذه المسائل، فحين يشاهد الطفل أبواه يقرآن فإنه سيتشجع أكثر للقراءة ولكن حين تكون الكتب موجودة في الرفوف والمكتبات في المنزل ولا أحد يقرأها، فإن الطفل لن يقرأ بطبيعة الحال.
وجود مثل هذه الفعاليات من الأمور الرائعة التي نتمنى وجودها في كل دولة لأننا نتمنى أن نرى جيلا قارئا وخاصة من الأطفال لأن هؤلاء هم سيكونون جيل المستقبل فإذا كان قارئا فإن مستقبل القراءة سيكون لا شك أفضل. ولا أننسى كذلك أن أشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة على دعمه للقراءة وإقامة مثل هذه الفعاليات الرائعة وكذلك كل القائمين عليها.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الحادية عشرة (إحصائيات مرعبة) (2016/5/17)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
قرأت وسمعت كثيرا عن إحصائيات أعتبرها شخصيا (مرعبة) بالنسبة للقراءة في عالمنا العربي، فمن إحصائيات تبيّن أن الفرد العربي يقرأ صفحات قليلة جدا في السنة مقارنة بغيره من الغربيين أو الشرقيين إلى النسبة القليلة من الكتب التي يقرأها الطالب العربي مقارنة كذلك بغيره من الطلبة الغربيين أو الشرقيين وغير ذلك.
هذه الإحصائيات كفيلة بأن تضع معظم الدول العربية في مؤخرة الصفوف مقارنة بالدول التي يحرص شعوبها على القراءة، وهذه نتيجة طبيعية جدا إذ لا يمكن لدولة لا يعرف أفرادها عن العلم شيئا أن تكون في المقدمة.
إن على الدول العربية أن تنتبه أنها في خطر إن لم تتدارك هذه الأزمة، وأنا أسمّيها أزمة لأنها تؤدي إلى مشاكل خطيرة على جميع المستويات لأن التخبط سيكون هو الأساس بينما الدول التي تسير على أساس العلم والقراءة تسير على خطوات وخطط واضحة تحافظ بها على القمة.
حينما تصبح القراءة عادة لدى الشعوب كما هو الحال في كثير من الدول كاليابان وبريطانيا وغيرها تتقدم، أما إذا كانت القراءة عبئا كما عند الطالب العربي ويتمنى أن يأتي وقت نهاية الاختبارات ليلقي بالكتب على الأرض، فهنا تكمن المشكلة – لا أريد أن أعمّم لأن هناك نماذج مشرقة كذلك - .
وهنا أود الإشادة مرة أخرى بدولة الإمارات العربية المتحدة في جعل هذا العام تحت مسمّى (عام القراءة) إيمانا منها بأهمية القراءة، وسأخصص بإذن الله تعالى عدة حلقات في هذه السلسلة للحديث عن بعض فعاليات هذا العام.
أود فقط أن أقول للذين لا يشعرون بخطورة الإحصائيات التي ذكرناها في البداية بأن الأمر ليس مجرد إحصائيات وإنما أزمات قد يكتوي بنارها الجميع إن لم يتم تدارك الأمر بأسرع وقت.
وربّما نحتاج في بعض الحلقات أن نتحدث كذلك عن خطورة عدم القراءة على الفرد والمجتمعات، وسنخصص الحديث عن هذا الأمر بإذن الله تعالى مستقبلا.
نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثانية عشرة (عام القراءة) (2016/5/29)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
مع نهاية العام الماضي 2015م، غرّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس الوزراء بأن عام 2016 سيكون تحت مسمّى (عام القراءة) معلنا بذلك عن خطوة هامة نحو التوجه إلى العالمية وإلى مصاف الدول المتقدمة، ولا شك في ذلك فقد قال سمّوه في نفس التغريدة بأن أي أمة لن ترقى بغير القراءة وقد صدق سموّه في ذلك.
ومنذ ذلك الإعلان، والجهات الحكومية والمحلية في دولة الإمارات تخطط وتقيم فعاليات كثيرة لدعم القراءة وهذا بحدّ ذاته إنجاز كبير إذ أن الوعي بأهمية القراءة هو أول خطوات التقدم والرقي لأنه بدون هذا الوعي لن تحصل النتيجة المطلوبة إذ ستكون الفعاليات عبارة عن شكليات فقط.
ولن يتوقف الأمر عند مجرد الإعلان بل تبعته خطوات عملية من حكومة دولة الإمارات إذ أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن إطلاق السياسة الوطنية للقراءة للعشرة أعوام القادمة مما يدل على أن المسألة ليست مجرد شكليات أو فعاليات وإنما الحرص على أن تكون القراءة جزءا لا يتجزأ من حياة الشخص.

وكذلك يتم التخطيط لإعداد قانون القراءة والخطة الاستراتيجية للقراءة في قطاعات الدولة المختلفة وكلها خطوات مباركة ومفيدة وعملية في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة للقراءة. وتم كذلك تحديد شهر مارس من كل عام ليكون الشهر الذي تتم فيه التركيز على فعاليات القراءة.

هذا على مستوى الخطط والقوانين، أما على مستوى الفعاليات، فهناك فعاليات كثيرة ومتنوعة في دعم مسألة القراءة وسأقف على بعض منها في الحلقات القادة بإذن الله تعالى.
شخصيا، أفتخر بهذه الخطوة الجبارة لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم القراءة وأشكر جميع المسؤولين وأصحاب القرار على هذه الخطوة الطيبة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثالث عشرة (من فعاليات عام القراءة) (2016/7/16)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
بدأت في الحلقة الماضية في الحديث عن بعض فعاليات (عام القراءة) الذي أطلقته حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي خطوة رائعة في سبيل إعادة الاهتمام بهذا الأمر الهام الذي هو أمر ربّاني بالدرجة الأولى.
في شهر رمضان الماضي، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإطلاق حملة تحت مسمّى (أمةٌ تقرأ) واستهدفت توفير 5 مليون كتاب على الأطفال والطلاب اللاجئين في العالم، وكذلك إنشاء 2000 مكتبة حول العالم الإسلامي ودعم البرامج التعليمية للمؤسسات الإنسانية وهذا لا شك أمر رائع بأن لا يقتصر موضوع الاهتمام بالقراءة على الدولة فقط وإنما ينتشر الخير في جميع أنحاء العالم وخاصة لمن لا يحصلون على المواد اللازمة للقراءة.
الحملة بحمد الله تعالى نجحت في توفير مبلغ يكفي لتوفير أكثر من 5 مليون كتاب مما سيساهم بإذن الله تعالى في رفع مستوى القراءة حول العالم وخاصة بين المسلمين.

الأمر الهام هنا ليس بالمشاركة والتصفيق لهذه الحملة المباركة، وإنما الاهتمام الشخصي كذلك بالقراءة، فالحكومة تحاول بشتى الوسائل الإشعار بأهمية القراءة، وبالتالي وجب على الناس جميعا الاستجابة لهذه التوجهات والحرص على القراءة النافعة.
وما أعجبني كذلك في هذه الحملة، بيان بأن العمل الخيري ليس مقتصرا على بناء المساجد والآبار ومساعدة الفقراء بالمال – مع عظم هذه الأمور جميعا – وإنما يمتد كذلك إلى نشر العلم والقراءة، فقد يكون هذا الأمر أهم من مساعدة الفقير بالمال حيث إن العلم يبقى بل وقد يستطيع الفقير بهذا العلم أن يكسب المال ويخرج من دائرة الفقراء. وكذلك فإن تعليم العلم من أكثر الأمور أجرا عند الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأهْلَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الخَيْرَ" (رواه الترمذي).
شكر الله تعالى من قام على هذه الحملة المباركة في هذا الشهر المبارك وأسأل الله تعالى أن يجزيهم خير الجزاء.
مع أمثلة أخرى لبعض من فعاليات عام القراءة في الحلقات القادمة، إلى ذلك الحين نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الرابع عشرة (من عوائق القراءة - الشعور بالملل 1) (2016/7/30)

الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
أود في هذه الحلقات أن أكتب عن بعض عوائق القراءة قبل أن أكمل الحديث عن فعاليات عام القراءة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لعل من أولى هذه العوائق الشعور بالملل، وهذا الشعور منتشر عند الكثيرين وهو سبب رئيسي لعدم القراءة، وأسباب هذا الشعور كثيرة جدا لعل أبرز هذه الأسباب هي عدم استشعار أهمية القراءة.
عدم استشعار أهمية أي شيء يؤدي إلى تركه أو الشعور بالملل أثناء تأديته، فالذي لا يستشعر أهمية الصلاة لا يحافظ على الصلاة كثيرا، وإذا صلّى فإنه يشعر بالملل أثناء تأديته وتراه يريد الانتهاء منها بأسرع وقت ممكن. وكذلك الأمر إلى الشخص الذي لا يستشعر أهمية العلم والصحة والعمل والأسرة وغير ذلك، فإنه يشعر بالملل أثناء الوجود فيها أو تأديتها وتكون النتيجة عدم الإقبال عليها أو الاهتمام بها في الغالب.
والحل يكمن في توعية الأشخاص بأهمية القراءة بالوسائل المختلفة ابتداء من الحكومة ومرورا بالوسائل الإعلامية المختلفة وانتهاء بالأسرة والجهات التعليمية المختلفة، فإن الشخص عندما يرى اهتمام كل هذه الجهات بموضوع القراءة، فإنه سيشعر بأهميتها وربما تكون هذه هي الخطوة الأولى للاتجاه نحو القراءة.
وما تفعله حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في إطلاق (عام القراءة) ما هو إلا مثال على اهتمام الحكومة بهذه المسألة الهامة من أجل توعية الشعب بأهمية القراءة وأنها سبب للرقي والتميز على مستوى العالم.
ولا أريد أن أغفل دور القدوات في إبراز أهمية القراءة، ولعلي هنا أشير إلى شخصية هامة في هذا المجال وهو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة والذي يعتبر قدوة في مجال القراءة، ولعلي أخصص حلقة من الحلقات للحديث عن هذه الشخصية الرائعة ودورها في تعزيز القراءة لدى الناس.

عدم استشعار الأهمية ليس هو السبب الوحيد لحدوث الملل، وإنما هناك أسباب أخرى سنتعرض لبعض منها في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
الحلقة الخامس عشرة (من عوائق القراءة - الشعور بالملل 2) (2016/8/15)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
بدأت بالحديث في الحلقة الماضية عن عوائق القراءة وذكرت بأن الشعور بالملل من أوائل العوائق، وذكرت كذلك بأن من أكبر أسباب هذا الشعور هو عدم استشعار أهمية القراءة.
وأكمل في هذه الحلقة أسباب أخرى تؤدي إلى الشعور بالملل ولعل من أهم هذه الأسباب البداية غير الصحيحة للقراءة. وتشمل هذه البداية غير الصحيحة الاختيار الخطأ للكتب وكمية القراءة ووقتها.
أما عن اختيار الخطأ للكتب، فهو خطأ يقع فيه الكثيرون ممن يتحمّسون للقراءة بعد حضور ندوة أو دورة أو سماع موضوع عن القراءة، فيسارعون إلى شراء الكتب من غير اختيار واضح للعناوين فيتوقفون عن القراءة بعد فترة قصيرة من البدء.
والحل يكمن في الاختيار الصحيح للكتب بحيث يبدأ الشخص بقراءة بعض القصص الهادفة القصيرة أو الكتيبات الصغيرة أو الكتب ذات الإخراج الملون – وهي منتشرة في الآونة الأخيرة بكثرة – حيث تساعد هذه الكتب على فتح الشهية للقراءة، ولكن إذا بدأ الشخص بقراءة كتاب طويل أو موضوع معقّد فإنه سيملّ حتما بعد فترة قصيرة من البدء.
وكذلك تأتي كمية القراءة غير المناسبة لتشكل سببا آخر للملل إذ قد يبدأ الشخص بقراءة كمية كبيرة نتيجة الحماس ثم يبدأ بالتقليل حتى يشعر بالملل ويتوقف عن القراءة. والحل يكون في وجود هدف واضح للقراءة من حيث كمية الصفحات أو عدد الكتب وكذلك التدرج في كمية القراءة بحيث يقرأ ولو على الأقل صفحة واحدة يوميا لمدة معينة ثم يزيد بعد ذلك. وينبغي التنبيه هنا على ضرورة الالتزام والجدية.
أما عن وقت القراءة، فليس هناك وقت مناسب واحد للقراءة، وإنما لدى كل شخص وقته المناسب، فمن الناس من يحب القراءة صباحا ومنهم في المساء ومنهم قبل النوم وهكذا، المهم هو أن تكون القراءة في وقت نشاط وتركيز وليس في وقت تعب أو عدم تركيز كما يفعل البعض مما يسبب لهم الملل من القراءة.
إذا استطاع الشخص التغلب على هذه العوائق، سيقبل بإذن الله تعالى على القراءة بشكل جيّد، ولا ينس الشخص طلب العون والتوفيق الدائم من الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
الحلقة السادس عشرة (من عوائق القراءة - البيئة غير المشجعة) (2016/8/29)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
عندما أتأمل في الذين لا يقرؤون أو لا يحبّون القراءة، فإنني أجد بأن من أولى الأسباب التي تجعلهم كذلك البيئة غير المشجعة على القراءة، ولعل هذا الأمر من أهم عوائق القراءة وهي منتشرة بكثرة في عالمنا العربي.
هذه البيئة غير المشجعة تبدأ من المنزل حيث لا يحرص الوالدان على القراءة ولا على تشجيع أبنائهم عليها، وبالطبع فإن أغلب البيوت خالية من المكتبة وإن وُجدت فهي للزينة فقط. ماذا نتوقع بعد ذلك من الأطفال عندما يشاهدون قدواتهم لا تقرأ؟ إصلاح المشكلة يبدأ من المنزل بالدرجة الأولى.
ثم تأتي المدرسة لتزيد الطين بَلّة، ولن أعمّم أبدا هذه المسألة، فهناك نماذج رائعة لمدارس تشجّع على القراءة بأساليب إبداعية ولكن الأغلب لا يفعل ذلك والدليل نسبة القراءة – غير الكتب المدرسية – بين الطلاب. فالمدرسة وخاصة المعلّمين يحرصون على المادة الدراسية وقليل من يشّجع على القراءة الحرة النافعة، هذا غير الإدارة التي لا تشجّع على القراءة، وإن فعلت ففي بعض المناسبات فقط، فهل نتوقع بعد ذلك من الطلاب الحرص على القراءة؟.
ثم تأتي الصحبة وهي أخطر الأمور لتقطع الشخص عن القراءة نهائيا، فالاهتمامات السائدة بين الشباب – إلا من رحم الله تعالى – بعيدة عن القراءة وبالتالي نجد هذه النسبة الضعيفة في القراءة في العالم العربي مقارنة بالعالم الغربي والشرقي. القليل من الشباب فقط يجتمعون على قراءة كتاب معين في ناد أدبي أو مكتبة عامة أو حتى في الفضاء الالكتروني والأعم الأغلب منهم بعيد عن القراءة.
هذه بعض النماذج للبيئة غير المشجعة على القراءة وهي عائق خطير ينبغي الاهتمام بها على جميع الأصعدة ابتداء من المنزل ومرورا بالجهات التعليمية المختلفة وانتهاء بالمؤسسات والشركات.
ومرة أخرى، أقدّر وأحيي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في جعل هذا العام (2016م) عاما للقراءة حيث إنها خطوة رائعة في سبيل النهوض والتقدّم وحل هذه الأزمة العصيبة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السابع عشرة (من عوائق القراءة - الرضا بالواقع) (2016/9/18)



الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
لازلت في هذه الحلقات أتحدث عن الأمور التي تعيق الشخص عن القراءة، وقد ذكرت عائقين اثنين في الحلقات السابقة وهما الشعور بالملل أثناء القراءة وأسبابه وكذلك البيئة غير المشجعة على القراءة، وفي هذه الحلقة أتحدث عن عائق آخر وهو الرضا بالواقع.
ليس هذا العائق سبب في عدم القراءة فحسب وإنما سبب في التخلف وعدم التطور في أي مجال من المجالات لأن الذي يرضى بواقعه الذي هو فيه ولا يريد التغيير نحو الأفضل سوف يتخلف عن الباقيين لأن العالم يتقدم في كل لحظة ولن ينتظر الواقفين في مكانهم. وهذا ينطبق كذلك على المجتمعات كما هو الأفراد.
الذي يريد أن يغيّر من واقعه لابد أن يتخذ خطوات عملية، والقراءة تأتي على رأس هذه الخطوات لأن التغيير يتطلب علما ومعرفة وتخطيطا وتنفيذا وتقويما وتقييما وكل ذلك يتطلب أن يقرأ الشخص في مجالات مختلفة حتى يحقق التغيير المنشود. وقد يقول قائل بأن أمر التغيير أو التطوير معقّد، فنقول له هذا هو لسان حال الراضين بواقعهم الذي هم فيه، لا تغيير ولا تطوير بل روتين يومي وبرنامج متكرر كل يوم، والنتيجة هي التأخر والتخلف.
إذا أردنا أن نكون في مصافّ العظماء والمتميزين كأفراد ومجتمعات علينا أن نقرأ، ولعل الأمثلة التي نشاهدها في دول كاليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وكندا وسنغافورة من مدى اهتمامهم بالقراءة والعلم يؤكد ذلك، ولذلك تجد هذه الدول في المقدمة دائما رغم أنها لا تملك كثيرا مما نملكه نحن المسلمين.
لابد أن لا نرضى بواقعنا الذي نعيش فيه، بل نطمح دائما للأفضل، وليس الأفضل فحسب وإنما أفضل الأفضل، فالتميز قيمة إسلامية أصيلة وهي جزء من ديننا الحنيف.
ولا يتعارض هذا الطلب نحو التميز وعدم الرضا بالواقع مع شكر الله تعالى وحمده على كل شيء، فليس القصد الشكوى والسخط من الواقع والحال، وإنما الحرص على التطور والتميز مع حمد الله تعالى دائما على كل شيء وعلى كل حال.
القراءة أقوى الوسائل في سبيل التطور والرقي ويا ليتنا ندرك ذلك نحن المسلمين فنتميز ونتقدم "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً" (الإسراء 51).
نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين. 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثامن عشرة (القراءة المفيدة) (2016/9/28)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إني أعوذُ بك من علمٍ لا ينفعُ"، ولذلك ينبغي الحرص دائما على القراءة المفيدة. وبلا شك فإن الكثيرين سوف يختلفون حول معنى (مفيدة) فأي كاتب سوف يدّعي بأن ما كتبه مفيد، ولكن يمكننا تحديد بعض الخطوط العامة في هذه المسألة وعندها يمكننا معرفة إذا ما كانت هذه القراءة مفيدة:
1- القراءة المفيدة هي التي تساهم في تطوير النفس في جوانبها الرئيسة، الروحية (كالعلاقة مع الله تعالى) والعقلية (كالمتعلقة بالفكر) والعاطفية (كالمتعلقة بالمشاعر والأحاسيس) والجسدية (كالمتعلقة بالصحة والرياضة).
2- القراءة المفيدة هي التي تساهم في تطوير العلاقات مع الآخرين وكيفية التعامل معهم. والآخرين هنا يبدأ من الوالدين والأسرة مرورا بالأصدقاء وانتهاء بجميع الناس.
3- القراءة المفيدة هي التي تساهم في معرفة كيفية خدمة المجتمع والوطن والإسلام والمسلمين.
4- القراءة المفيدة هي التي تساهم في زيادة المعرفة في الجوانب الرئيسة التي يحتاجها الشخص في حياته كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والتقنية وغيرها.
هذه بعض الخطوط العامة للقراءة المفيدة، وكما ذكرت فإن المسألة ليست سهلة في تحديد إذا ما كانت هذه القراءة مفيدة أم أنها تضيّع وقت الشخص، ولكن نستطيع بشكل عام أن نحدد أن هذه القراءة غير مفيدة حين يقرأ الشخص في مجال لا يفيد دينه أو دنياه كمن يقرأ بكثرة في مجالات السحر والشعوذة والجنس والطبخ والروايات والقصص السخيفة وغيرها.
وحتى في قضايا الدين، فإن هناك بعض القراءات غير مفيدة كمن يقرأ في أمور لا يمكن أن تقع أو نادرة الحدوث أو من يقرأ في معلومات لا تنفع كعدد الذين ركبوا سفينة نوح عليه السلام أو نوع الحوت في قصة يونس عليه السلام.
ليست المسألة مجرد القراءة ولكن الأهم هو نوعية القراءة ومدى فائدتها وانعكاسها على حياة الشخص في جوانبه المختلفة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة التاسع عشرة (صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي) (2016/10/17)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
سوف أتحدث في هذه الحلقة عن شخصية متميزة في مجال الثقافة والقراءة ألا وهي شخصية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه الشخصية التي تبهر كل من يسمع لحديثه وخواطره أو يقرأ لكتبه وتحليلاته التي تعبّر عن شخصية مثقّفة واعية تفهم الماضي والحاضر.
الذي أريد أن أوجّه الأنظار إليه هو أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان حاكم إمارة أي أن له مسؤوليات كبيرة وعظيمة في متابعة شؤون الإمارة من مشاريع ومستجدات وكذلك متابعة شؤون المواطنين والمقيمين على أرض الإمارة، هذا غير اللقاءات والاستقبالات للوفود والبعثات الداخلية والخارجية، والاجتماعات التي يعقدها مع المسؤولين وأصحاب الشأن، ويكفي أنه الرئيس الأعلى لجامعة الشارقة الجامعة الأمريكية بالشارقة والجامعة القاسمية وهذا يتطلب متابعة كذلك، وغير ذلك من الأعمال والمتابعات.
مع هذا كله، فإن سموّه لا يغفل عن القراءة والثقافة كما صرّح بذلك مرات كثيرة وكما يدل على ذلك حديثه وكتاباته، فهو صاحب مؤلفات كثيرة في مجالات متنوعة، وهي مؤلفات غزيرة وعميقة تنمّ عن شخصية مثقّفة وقارئة ومطلّعة.
هذا غير متابعاته للمخطوطات القديمة وإهدائه لهذه المخطوطات للجهات المختلفة، وكذلك دعمه اللامحدود لواحدة من أشهر المعارض الدولية للكتاب وهي معرض الشارقة الدولي للكتاب والذي يقام سنويا منذ أكثر من ثلاثين سنة. وكذلك مهرجان الشارقة القرائي للطفل الذي يركّز على تنمية القراءة لدى الطفل (وقد كتبت عن هذا الموضوع في حلقة سابقة).
وقد أمر سموه كذلك بمشروع جميل هو (مكتبة في كل بيت) وهو عبارة عن توفير مكتبة مع مجموعة من الكتب في كل بيت في إمارة الشارقة حرصا منه على أن تنتشر القراءة في كل بيت.
الشيخ الدكتور سلطان القاسمي رعاه الله تعالى قدوة للناس في مجال القراءة والثقافة وهي بحق شخصية رائعة ومبهرة. وهو يؤكد في كل مرة في أنه لا سبيل للنهضة والرقي إلا بالحرص على القراءة الدائمة والمفيدة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة العشرون (تحدي القراءة العربي) (2016/10/31)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
قبل أن أبدأ، أرجو منك أن ترى المقطع التالي لأحد الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم السابعة من عمره.

هذا الطفل من دولة الجزائر واسمه محمد عبد الله فرح وقد فاز بالمركز الأول لمهرجان تحدي القراءة العربي (الدورة الأولى 2016) متفوقا على أكثر من 3 ملايين طالب شاركوا في هذا التحدي من مختلف دول العالم. والذي شدّني في هذا الطالب هو قدرته اللغوية الرائعة ومعلوماته الهائلة والعميقة التي فاقت التوقعات والتي لم تتحقق لولا القراءة، فهذا الرقي الذي وصل إليه هذا الطالب والذي نال به إعجاب كل من شاهده وسمعه، وصل إليه بعد توفيق الله تعالى بالقراءة.

وبالطبع، فإن منافسيه الآخرين الذين حصلوا على المركزين الثاني والثالث كانوا على مستوى كبير جدا وقد أبهروا وأبدعوا أيضا حين تحدّثوا، وكذلك كان كل من فاز على مستوى دولته في هذا التحدي حيث تم عرض نماذج من هؤلاء الأشخاص وكيف كان إقبالهم الكبير على القراءة رغم ما كان يعانيه البعض من صعوبات وربّما إعاقات. كل ذلك أكّد أن القراءة هي إحدى أهم سبل الرقيّ والنهضة.
تحدي القراءة العربي مشروع رائد أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إيمانا من سموه على أهمية القراءة في نهضة المجتمعات العربية وقد تحقق هدف المشروع بشكل كبير من خلال الأرقام الكبيرة التي شاركت في هذا التحدي. (موقع تحدي القراءة العربي لمن أراد التعرف على هذا المشروع http://www.arabreadingchallenge.com/).


حينما تنتشر القراءة على مستوى الأطفال والشباب نكون قد حققنا إنجازا عظيما ورؤية مشرقة على المدى البعيد، فهؤلاء الأطفال والشباب هم من سيقودون مجتمعاتهم مستقبلا، وحينما يكون هؤلاء على قدر عال من المعرفة وحب للقراءة، سنتوقع بإذن الله تعالى مجتمعات راقية ومتطورة ومنافسة للعالم أجمع.
مثل هذه المبادرات الرائدة خطوة ممتازة وإيجابية ولا بد لنا من أن نشكر القائمين عليها وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الحادية العشرون (معرض الشارقة الدولي للكتاب) (2016/11/14)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
اختُتمت منذ أيام قليلة معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورتها الخامسة والثلاثين وقد وفقني الله تعالى لزيارة هذا المعرض الذي أنتظره بشوق في كل سنة ثلاث مرات، والذي لاحظته في هذه السنة كثرة الإقبال على المعرض خاصة في نهاية الأسبوع مما يدل على نجاح هذا المعرض من جهة وزيادة إقبال الناس على القراءة من جهة أخرى.
لاحظت كذلك أثناء تجوالي في المعرض وجود الشباب والشابات لشراء الكتب وهذه علامة طيبة جدا حيث إن الشباب والشابات هم مستقبل أي مجتمع وبالتالي إذا كان الجيل قارئا فإن المستقبل سيكون أكثر إشراقا بإذن الله تعالى.
إن مجرد الذهاب إلى المعرض يدفع الشخص لشراء الكتب بشكل تلقائي وهذا بحد ذاته إيجابية كبيرة، هذا غير القراءات الكثيرة السريعة التي يفعلها الشخص لاختيار الكتب مما سيكسبه معلومات متنوعة، وكذلك تنوع العناوين وغرابتها أحيانا من الأمور المشوّقة كذلك في المعرض.
حضور المعارض ذو فائدة كبيرة لجميع الأعمار، ولكن أنصح وبشدة أن تكون للشخص خطة واضحة فيما يريد شراءه إن كان يريد فائدة أكبر، ومع ذلك فإن لم هناك خطة للشخص فإن جولته في المعرض سيساهم في شرائه للكتب. المهم هو استهداف شراء كتاب مفيد. وكذلك فإن السؤال عن الدور المعروفة سوف يساهم كثيرا في اختيار الكتب الجيّدة.
وهنا أود التنبيه على مسألة الكتب المفيدة (راجع الحلقة الثامن عشر من هذه السلسلة) حيث توجد في المعارض كتب كثيرة ليست كلّها مفيدة وبالتالي ينبغي للشخص الانتباه واختيار المفيد فقط.
زيارة معارض الكتاب من أمتع البرامج لي شخصيا وما رأيته في هذا المعرض أفرحني كثيرا رغم الازدحام الشديد. ومجرد رؤية الكتب المختلفة تبعث في الشخص طاقة رائعة للقراءة ولكن يجب أن تتم تحويل هذه الطاقة إلى خطة واضحة للقراءة وإلا فقدت أثرها بعد حين.
ولا أنسى أن أشكر هيئة الشارقة للكتاب على جهودها الضخمة في تنظيم هذا المعرض ومن قبلهم أشكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة على رعايته ودعمه اللامحدود لهذا المعرض، والحمد لله تعالى أولا وأخيرا.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثانية والعشرون (قل لمن لا يقرأ: اقرأ) (2016/11/27)



الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
إذا سألت كثيرا ممن لا يقرؤون عن سبب عدم القراءة، فإن إجابة الكثيرين منهم سيكون عدم وجود الوقت المناسب للقراءة. ربما يكون القليل منهم على حق ولكن الأغلب يتخذ من الوقت حجة لعدم القراءة لأنه في حقيقة الأمر لا يريد أن يقرأ أو قل: لا يريد أن يتعب نفسه بالقراءة.
وهؤلاء الأشخاص أنفسهم يملكون وقتا لمشاهدة التلفاز ولممارسة الرياضة وللأكل وللنوم وللخروج مع الأصدقاء وغير ذلك. الشيء الأكيد عند هؤلاء أن القراءة ليست من أولوياتهم وبالتالي أخرجوها من حساباتهم بالكلية.
المشكلة فكرية بالدرجة الأولى، والمشكلة هي مشكلة قناعة لأنه لو كان الشخص مقتنعا بأهمية القراءة لوجد له الوقت من تحت الأرض. ولذلك أعتقد أن على الوالدين جهدا كبيرا في تربية الطفل على حب القراءة ثم تأتي دور المؤسسات التعليمية كالمدرسة والجامعة وحتى مكان العمل في المساعدة على توفير الجو المناسب للقراءة. ولا نريد أن ننسى دور الإعلام كذلك في غرس حب القراءة، وكذلك للحكومة دور في التشجيع على القراءة من خلال الفعاليات المختلفة ووضع الجوائز للمتميزين في القراءة.
ولنفترض بأن الشخص فاتته كل هذه الأمور بحيث لم يُغرس فيه حب القراءة في المنزل ولا في المدرسة ولا في الجامعة، فهل يُعذر الشخص في عدم القراءة؟ في رأيي أنه لا يُعذر لأن العصر الذي نعيش فيه أصبح مفتوحا ويستطيع الشخص العاقل أن يدرك بوضوح بأن القراءة عامل رئيسي في التفوق والتميز على المستوى الفردي والجماعي من خلال المعلومات والبرامج والدورات والفعاليات والندوات الكثيرة المنتشرة في أنحاء العالم والتي يستطيع الشخص أن يشارك فيها أو يحصل على المعلومات المختلفة فيها بضغطة زر.
ولو دقّق الشخص قليلا لوجد أن من يلجأ إليه في كثير من الأمور الهامة في الحياة كالأمور الشرعية أو أمور الأسرة أو أمور العمل الدقيقة أو الأمور الصحية هو شخص قارئ وعالم إذ أنه لو لم يقرأ لما وصل إلا ما وصل إليه ولما تم اللجوء إليه من الأساس.
فليسأل هذا الشخص غير القارئ نفسه، لماذا لا يكون هو أحد المراجع في أمر من هذه الأمور الهامة؟ يستطيع ذلك من خلال القراءة والعلم.
في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى سنبيّن أمورا أخرى في سبيل إقناع الناس بالقراءة.

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثالثة والعشرون (لا مستحيل ولا يأس) (2016/12/15)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
يظن البعض بأن مشكلة عدم القراءة لن تُحَلّ أبدا خاصة مع الواقع الموجود في كثير من الدول العربية في عدم إقبال الناس وخاصة فئة الشباب على القراءة، ولكن هل يعني ذلك التوقف عن الحثّ ونصح هؤلاء على القراءة؟
دعني أسأل سؤالا آخر، إذا رأينا الواقع يقول بأن كثيرا من الناس لا يحافظون على الصلاة أو أنّ أخلاقهم سيئة أو يرتكبون المنكرات فهل يعني ذلك بأن نتوقف عن النصح وإرشاد هؤلاء إلى الخير؟ لا بالطبع، لأن واجبنا كمسلمين أن ندلّ الآخرين إلى الخير لأننا ببساطة نريد لكل الناس أن يدخلوا الجنة وينجوا من النار. وكذلك هو الأمر بالنسبة للقراءة.
لقد ذكرنا في حلقات سابقة بأن القراءة أمر ربّاني بل هو أول أمر نزل في القرآن الكريم "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق 1)، ولذلك وجب على العلماء والمفكرين والقرّاء أن يحثّوا الناس على القراءة المفيدة بكل الوسائل والطرق المتاحة، وحتى إن لم يروا نتائج قريبة فإن جهدهم لن يضيع هباء بإذن الله تعالى على الأقل في الدار الآخرة، وأنا على يقين أنه إذا اجتمعت الجهود فإن النتائج ستكون أفضل.
لا نريد فقط أن ننظر إلى الناحية السلبية، فهناك الكثير ممن يقرأ ولقد ذكرت لكم في حلقة سابقة عن معرض الشارقة الدولي للكتاب وكيفية إقبال الناس عليه، هذا في دولة واحدة فما بالك بالمعارض الكثيرة التي تقام، وما بالك بالنوادي الثقافية والقرائية الكثيرة الموجودة، هذا غير البرامج المرئية المتنوعة والمواقع الالكترونية الكثيرة عن القراءة. كل ذلك يدل على وجود أناس يقرؤون.

لكن لازلنا نطمع بالمزيد، نطمع بأن تصبح القراءة جزءا من ثقافة المجتمع، نطمع بأن يكون الوقت الذي يقرؤه الشخص مثل الذي يستهلكه في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة المباريات الرياضية وغيرها. قد يقول قائل: هذا مستحيل، وأنا أقول: بل هذا ممكن ولكننا نحتاج أن نبذل الجهود لإقناع الناس بالقراءة.
أحيانا نطمع إلى نتائج ضخمة بوقت قصير "وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً" (الإسراء 11)، ولكن يحتاج الأمر إلى صبر. محاضرة من هنا، ومقطع مرئي من هناك، ومقال من هنا، وبرنامج حواري من هناك سوف يغيّر أشخاصا بلا شك. ربما يكون عددا قليلا في كل مرة ولكن الأعداد القليلة هذه ستصبح كثيرة في يوم من الأيام.
وأريد أن أذكّر بأن بعض الحريصين على القراءة الآن كانوا لا يقرؤون في يوم من الأيام، فما الذي غيّرهم؟ إنه شخص أو وسيلة من الوسائل. المهم هنا عدم اليأس والتشبّث بالآية الكريمة: "وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً" (الإسراء 51).

نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الأخيرة (2016/12/23)


الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه هي الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة (نقرأ لنرتقي) والتي تهدف إلى بيان أهمية القراءة والحرص عليها في حياة الشخص.
السؤال الطبيعي الذي قد يسأله كثير من الناس، ما هي نتيجة كتابة هذه السلسلة؟ هل زاد عدد القرّاء؟ هل لاحظت تغيّرا في المجتمع؟ وغيرها من هذه الأسئلة. وقبل أن أجيب على مثل هذه الأسئلة، أوّد القول بأنني المستفيد الأول من هذه السلسلة حيث تعلّمت معلومات وأشياء جديدة وزادت قناعتي أكثر بأهمية القراءة، وتعلّمت كذلك أن أتحاور مع الناس بشأن القراءة أو حتى أن أتكلم عنها إن طُلِب منّي الحديث في مناسبة ما. كل ذلك يُعدّ فائدة كبيرة أحمد الله سبحانه وتعالى عليها حمدا كثيرا.
أما بالنسبة للإجابة عن الأسئلة المطروحة، فلا أملك إجابات عنها ولكنني سعيد بأنّي قد ساهمت ولو بشكل بسيط في الحث على موضوع القراءة، ولا أزعم أبدا أنني قد طرحت جميع المواضيع المتعلقة بالقراءة وأهميتها بل سعيت لفتح الأذهان لبعض المواضيع عن القراءة علّها تجد آذانا صاغية وقلوبا متفتّحة وعقولا واعية.
الذي دفعني لكتابة هذه السلسلة هو رغبتي في أن يقرأ الآخرون ويستفيدوا ويستمتعوا كما يحصل لي ولغيري من القرّاء، والسؤال هنا، هل استفاد أحد؟ العلم عند الله تعالى وحده وربما لن يحصل الاستفادة الآن وإنما في وقت آخر قريب أم بعيد، المهم أن نساهم بشيء ولو كان بسيطا في هذا الموضوع الهام وسيتغيّر المجتمع شيئا فشيئا بإذن الله تعالى.
في ختام هذه السلسلة، أوّد التأكيد على عدة نقاط رئيسة ذكرتها في حلقات سابقة:
·   القراءة أمر شرعي خاصة أن أولى الآيات التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كانت: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق 1)
·  القراءة تعطي الشخص ثقافة واسعة حول مختلف الشخصيات العظيمة في المجالات المختلفة.
·    (المعرفة قوة) (Knowledge is Power)
·    من أولى عوائق عدم القراءة الشعور بالملل.
·     لو كان الشخص مقتنعا بأهمية القراءة لوجد له الوقت من تحت الأرض.
أسأل الله تعالى أن أكون قد أضفت شيئا مفيدا للأمة الإسلامية ولكل مجتمع مسلم، وأن أكون ممن ساهموا في نهضة هذه المجتمعات وهذه الأمة، كما أسأله تعالى أن يؤجرني على هذه السلسلة وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.

هذا وما كان من صواب وتوفيق فمن الله تعالى وحده، ومن كان من خطأ فمني والشيطان، وأسأل الله تعالى أن يغفر لنا خطأنا وجهلنا. والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ