الاثنين، 27 أغسطس 2018

مشاهدات (13) - تحدي عظيم وكبير



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

التحديات في الحياة كثيرة وقد كتبت سابقا سلسلة (تحديّات) ذكرت فيها تحديات مختلفة تواجه الإنسان في حياته. شخصيا، لديّ تحديات متعددة في حياتي، ليست كلّها بالطبع على نفس الدرجة من الأهمية ولكن تبقى هناك بعض التحديات أعتبرها مصيرية وهامة.
من أكبر التحديات التي أواجهها تحدي الخشوع في الصلاة وهو تحدّ عظيم وكبير لأنه يتعلق بأعظم عبادة على الإطلاق، وهو تحدّ ليس باليسير على الإطلاق – على الأقل بالنسبة لي –، لماذا؟ أعتقد أن هناك سببين، الأول هو كثرة مشاغل الدنيا وملهياتها، فمن أجواء البيت إلى العمل إلى الأصدقاء إلى الترفيه إلى الأحداث العالمية إلى التفكير في التطوير أو حل مشكلة ما أو الخروج في رحلة أو حتى المباريات الرياضية – بالنسبة لمن يتابعها -. كل ذلك يؤثر بلا شك على الخشوع في الصلاة لأن بال الشخص وتفكيره يكون مشغولا بهذه الأمور.
السبب الثاني هو تكرار الصلاة يوميا مما يعرّضها لئن تصبح عادة يقوم بها الشخص بشكل تلقائي دون خشوع. فالمسألة إذاً تحتاج إلى جهد ضخم وتركيز عميق، ليس لمرة واحدة وإنما لمرات متعددة يوميا وبشكل مستمر إلى أن يلقى الشخص ربّه سبحانه تعالى. ولذلك فهو تحدّ كبير وعظيم.
وأقوم بسؤال نفسي بعد كل صلاة، هل كنت خاشعا أم لا؟ والجواب على ذلك لم يكن سهلا، ولأني تعلّمت مبدأ جميلا في الإدارة (ما لا يمكن قياسه، لا يمكن إدارته)، وضعت لنفسي جدولا أقوم من خلاله بقياس مدى خشوعي في الصلاة حتى أتمكّن أولا من تطوير نفسي وأيضا حتى أعرف مواضع الخلل. (الأرقام للتوضيح فقط)

قد يقول البعض بأن العملية معقدّة والقيام بعملية التقييم يوميا ليس بالأمر السهل أو أنّ الخشوع أمر قلبي يصعُبُ تقييمه، كل هذا صحيح إلى حدّ ما ولكن بالنسبة لي كان هذا هو الأسلوب الأنسب - على الأقل في البداية - لإدارة الخشوع في الصلاة والوصول إلى نتيجة تقريبية لمدى الخشوع، ولا شكّ بأن هناك أساليب أخرى فعّالة تناسب الآخرين والمجال مفتوح لكل شخص بالأسلوب الذي يناسبه.
الدعاء هام كذلك ولا يمكن الاستغناء عنه على الإطلاق. نسأل الله التوفيق والإعانة والحمد لله رب العالمين.

السبت، 18 أغسطس 2018

مشاهدات (12) - فعلاً، إنه دين رائع




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
صلّيت قبل أيام في مسجد الصحابة بالشارقة، وبعد الصلاة ألقى إمام المسجد جزاه الله خيرا كلمة عن فضائل الحج، وبعد نهاية كلمته أدركت فعلا بأن هذا الدين رائع ومن مظاهر روعته تنوّع العبادات التي فيه.
عندما أسمع خطبة الجمعة عن موضوع ذكر الله تعالى مثلا، أظنّ بأن الذكر أفضل عبادة لما فيه من الأجور والثمرات، ثم أسمع خطبة أخرى عن الصدقة فأظنّ بأن الصدقة ومساعدة الفقراء والمحتاجين هي الأفضل. وفي الكلمة التي سمعتها عن الحج من إمام المسجد، ظننت بأن الحج هو أفضل العبادات، وسمعت من إمام المسجد في يوم آخر كلمة عن الصيام فظننت أنه الأفضل.
كل ذلك يدلّ على روعة هذا الدين، فهذا التنوّع في العبادات متوافقة كذلك مع شخصيات الناس المختلفة، فترى البعض يميل إلى كثرة المحافظة على الصلاة والبعض على الصدقات ومساعدة المحتاجين والبعض على الأذكار والبعض على تلاوة القرآن الكريم والبعض على الصيام وهكذا، ف "كلّ ميسّر لما خُلِقَ له" كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد قرأت حديثا نبويا جميلا يدلّ على هذا الأمر حين قال صلى الله عليه وسلم: "من أنفق زوجين في سبيل الله نُودِيَ في الجنة يا عبد الله هذا خير. فمن كان من أهل الصلاة دُعِيَ من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعِيَ من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعِيَ من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعِيَ من باب الريان" (رواه الترمذي)، فدلّ على الحديث إلى أن الناس مختلفون في إقبالهم على العبادات أو قُل حبُّهم للعبادات.
الذي ألاحظه أحيانا هو قيام البعض بالعتب على آخرين إذا رأوهم مقصّرين في عبادة ما وهذا في وجهة نظري غير صحيح. ينبغي النصح والترغيب في العبادات المختلفة ولكن في النهاية قد يكون الشخص يحبّ عبادة معينّة أكثر من غيرها وهذا لا شكّ أمر طيّب ولا ينبغي العتب أو الإنكار عليه. هذا مع التذكير بعدم التفريط والتقصير في الفرائض.
تنوّع العبادات في الإسلام أمر رائع وهو نعمة عظيمة ينبغي أن نحمد الله تعالى عليه، ومن حُبّبت إليه عبادة معينة أكثر من غيرها فليحرص عليها وليكثر منها، هذا مع أداء ما استطاع من العبادات الأخرى قدر الإمكان لزيادة الأجر والثواب، والحمد لله رب العالمين.