الاثنين، 29 سبتمبر 2025

مشاهدات (160) - وقفة مع أبيات شعرية

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من الشِّعرِ لحكمةً" (رواه ابن ماجه)، وقد استوقفتني أبيات شعرية تُنسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيها:

ولدتكَ أُمُّكَ يابنَ آدمَ باكياً               والنَّاس حَولكَ يَضحَكونَ سُروراً

فاعمَل لِنَفسِك أن تكون إذَا بكَوا                فِي يَوْمِ مَوتِكَ ضاحِكاً مسروراً

هناك معانٍ جميلة في هذه الأبيات استوقفتني منها معنًى هام ينبغي أن يكون دائما في أذهاننا بل هدفا أساسيا في حياتنا وهو (حسن الخاتمة) الذي يجعل الشخص ضاحكا مسرورا كما جاءت في الأبيات الشعرية. فلماذا الحرص على حسن الخاتمة؟

لا شكّ أنّ هناك معانٍ متعددة لحسن الخاتمة والجامع لهذه التعاريف هو أن يموت المسلم وهو على طاعة الله، مبتعدا من معصية الله، مُتَّبعًا لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. والأهمية هنا تكمن بأنّ حسن الخاتمة يعني بأنّ طريق الشخص سيكون بإذن الله تعالى أيسر وأسهل ابتداء من دخوله القبر ومرورا بالحساب وانتهاء بالمصير النهائي.

ومن هنا نفهم ما جاء عن الصحابي الجليل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّه كان يبكي عند القبر ويقول: (إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازلِ الآخرةِ، فإن نجا منهُ، فما بعدَهُ أيسرُ منهُ، وإن لم يَنجُ منهُ، فما بعدَهُ أشدُّ منهُ)، فحسن الخاتمة يعني أن يكون الشخص في نعيم في القبر بإذن الله تعالى ولذلك حرص عليه الصالحون في القديم والحديث.

والسؤال الهام هنا، كيف يتحقق حسن الخاتمة للشخص؟ بأمرين أساسيين هما: الحرص والمداومة على الأعمال الصالحة حتى آخر لحظة من حياة الشخص وسؤال الله تعالى حسن الخاتمة في كل وقت وحين. وليعلم الشخص بأنّ حسن الخاتمة توفيق من الله تعالى ولا يملك الشخص من ذلك شيء ولذلك فالحرص على الأمرين السابقين طريق لجلب هذا التوفيق من الله تعالى.

ومن توفيق الله تعالى للعبد ما جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ، قِيلَ: كيفَ يَستعمِلُهُ؟ قال: يُوفِّقُهُ لعملٍ صالِحٍ قبلَ الموْتِ ثمَّ يَقبِضُهُ عليهِ" (صحيح الجامع). نحتاج أن نضع (حسن الخاتمة) في بالنا دائما لأنّ سوء الخاتمة موجود كذلك حيث نسمع بين حين وآخر لأشخاص كانت خاتمتهم سيئة والعياذ بالله تعالى. نسأل الله تعالى أن يحسن خاتمتنا والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (كتاب علمتني الحياة)، يرجى الضغط هنا.

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

مشاهدات (159) - كتاب (علّمتني الحياة)

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

الإعلان الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله تعالى بخصوص كتابه الجديد (علّمتني الحياة) كان أكثر من رائع حيث شدّني فيه حرص سمّوه على نقل تجاربه وخبراته التي امتدّت لسنوات طويلة لكل الناس في صورة كتاب والذي سيبقى أثره لأعوام طويلة بإذن الله تعالى لتتناقل الأجيال هذه التجارب والخبرات.

عندما نقرأ في كتب القيادة، نجد أنّ من أهم صفات القادة الناجحين حرصهم على نقل تجاربهم وخبراتهم للآخرين حتى يستفيدوا منها ويتعلّموا من دروسها وهذا ما يفعله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين ينشر كتبه، فمثلا حين تقرأ كتابه (تأملات في السعادة والإيجابية) تجد بأنّه يضع خلاصة تجاربه وخبراته في موضوعي الإيجابية والسعادة من خلال قصص ومواقف عاصرها وتعلّم منها، وكذلك الحال بالنسبة لكتابه (وصيّتي) حيث يوصي سمّوه الناس بوصايا قيّمة جدا بناء على تجارب عاشها ودروس تعلّمها.

نشر التجارب والخبرات من أهم الأمور التي يجب أن يحرص عليها القادة في مختلف المجالات ولا شكّ بأنّ تنوع وسائل الإعلام في عصرنا الحالي يساعد على هذا النشر بشكل كبير خاصة مع انتشار برامج (البودكاست) بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يُقتصَر هنا فقط على التجارب الإيجابية بل حتّى السيئة منها لأنّ الدروس قد تكون فيها أكثر وأنفع للآخرين.

ولا يقتصر هذا الأمر على القادة في المؤسسات بل يتعدّى ذلك إلى الآباء والأمهات في البيوت والمعلّمين في المدارس والمدرّبين في الأندية الرياضية وغيرهم. فكل شخص له تجارب في حياته يستطيع أن يفيد بها الآخرين فينفعهم في دنياهم وآخرتهم.

وكلّ ذلك يدخل في نهاية الأمر إن أخلص الشخص نيّته لله تعالى في باب نشر العلم النافع وهذا لا شكّ من الحسنات الجارية كما قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم). فكلّما استفاد شخص ما من خبرة الذي نشر، كان ذلك في ميزان حسناته بإذن الله تعالى.

أتوقّع شخصيا بأنّ كتاب صاحب السمو الجديد سيكون له صدى كبير وانتشار واسع بإذن الله تعالى، فمثل هذه الكتب جديرة بأن تُقرأ لأنّ فيها كنوز كثيرة يستطيع الشخص أن يستفيد منها في جوانب كثيرة من حياته. جزى الله تعالى سمّوه خير الجزاء والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (المؤسسات الخيرية والوقفية...شكرا لكم)، يرجى الضغط هنا