الجمعة، 31 مايو 2024

مشاهدات (133) - لماذا هذا الاهتمام الكبير؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

انتهيت قبل فترة من قراءة كتاب (حال السلف مع القرآن) للدكتور بدر بن ناصر البدر، وهو كتاب يحتوي على نماذج من اهتمام السلف بالقرآن الكريم ابتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ومرورا بالصحابة وانتهاء بالتابعين والعلماء.

الذي جذب انتباهي بهذا الكتاب هو كمّية الأشخاص الذين ذكرهم المؤلف في كتابه وحجم اهتمامهم بالقرآن الكريم. وقد مرّ عليّ في الكتاب أسماء لم أسمع بها من قبل كان لهم اهتمام كبير وشديد بهذا الكتاب الكريم فخلّد التاريخ أسماءهم بسبب هذا الاهتمام.

هذا الاهتمام لم يكن عاديا أبدا، بل هناك قصص ومواقف عجيبة في حجم هذا الاهتمام. ليس لمدة محدودة بل لسنوات طويلة. السؤال هنا، لماذا هذا الاهتمام من هؤلاء الأشخاص؟ بالتأكيد، هناك أسباب مختلفة ولكن من وجهة نظري، هناك سبب عميق جدا خاصة مع كثرة هؤلاء الأشخاص الذين تم ذكرهم في الكتاب.

هذا السبب سمعته في محاضرة عن أحداث يوم القيامة ذكر فيها المحاضر الموقف الذي تنتهي به الحياة الدنيا وتموت كل الخلائق ثم ينادي الله تعالى: لمن الملك اليوم؟ فلا يجيب أحد، فيقول سبحانه: لله الواحد القهّار.

هذه العظمة المطلقة لله تعالى سبب أساسي لاهتمام السلف بكتاب الله تعالى، فحينما عرف هؤلاء عظمة الله تعالى اهتمّوا بكلامه العظيم وجعلوه أولوية في حياتهم وأثّر عليهم بشكل كبير لدرجة أنّهم لم يتركوه ولو للحظة.

ولا يعني هذا الاهتمام الكبير بالقرآن الكريم من هؤلاء الأشخاص انشغالهم عن باقي العبادات والأمور الحياتية بل إن بعضهم قد عُرِف بأمور أخرى كثيرة كالأئمة الأربعة مثلا ومع ذلك، شَغَل القرآن الكريم وقتا كبيرا في حياتهم. عرف هؤلاء عظمة الله تعالى وعظمة كلامه، فاهتمّوا هذا الاهتمام الكبير.

السؤال الهام هنا، ما هو اهتمامنا نحن بالقرآن الكريم وهل هو أولوية في حياتنا أم نعطيه فضول أوقاتنا أم نحن بعيدون عنه؟ التذكير بتلاوة وتدبّر القرآن الكريم يجب أن يكون مستمرا حتى لا ننقطع ولو للحظة عن كتاب الله تعالى لأنّ فيه خيري الدنيا والآخرة. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (اقتربت الساعة)، يرجى الضغط هنا.

السبت، 18 مايو 2024

مشاهدات (132) - اقتربت الساعة

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: "ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ" (القمر 1): (وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة، وقرب فناء الدنيا، وأَمْرٌ لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم، وهم عنها في غفلة ساهون). فهاتان الكلمتان لها معان كبيرة ودلالات متعددة وقبل ذلك كلّه، هو نداء متجدد لنا في كل لحظة لكي ننتبه.

"ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ" نداء لنا لكي ننتبه بأنّنا في كل لحظة نقترب من الرحيل من هذه الدنيا وننتقل إلى حياة أخرى تبدأ بالقبر ثم الدار الآخرة. قال الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى: (يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك).

"ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ" نداء لنا بأنْ ننتبه بأنّ يوم القيامة أصبحت قريبة منّا أكثر وأكثر، فكما قيل: (من مات فقد قامت قيامته)، وهذا يدعونا إلى الحرص على العمل الصالح والابتعاد عن المعاصي والمنكرات حتى يُختم للشخص بالخير بإذن الله تعالى.

"ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ" نداء لنا بأن ندرك بأنّ الحياة الدنيا مهما طالت فهي قصيرة جدا، ولكي ندرك ذلك فلنتأمّل كيف يسير الوقت بشكل سريع لا يمكننا تصوّره، فقبل أيّام قليلة استقبلنا بداية عام جديد ونحن الآن في الشهر الخامس. كيف مرّت هذه الشهور بهذه السرعة؟ الله أعلم. الأمر الهام هنا هو أن ننتبه بأنّ أعمارنا تمضي بسرعة هائلة وستنتهي في لحظة ما، فهل نحن مستعدّون لذلك؟

"ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ" نداء لنا بأن نضع الجنّة والنّار نُصْبَ أعيننا دائما مما يعني الاهتمام بمسألة الحسنات والسيئات لأنّهما أساس الحساب يوم القيامة وبالتالي يتحدّد مصير الشخص إمّا إلى نار وإمّا إلى جنّة. والقاعدة هنا واضحة جدا: الحسنات تؤدّي إلى الجنة والسيئات تؤدي إلى النار. والاختيار لنا فيما نريد.

هذه الآية القرآنية القصيرة كفيلة بأنْ توقظنا من غفلتنا وتدفعنا إلى عمل الصالحات وترك المنكرات. في كل يوم، هناك جنائز كثيرة وسيأتي يوم ما يكون فيه الدور علينا، وعندئذٍ يكون الفرح أو الحزن بالنسبة للشخص. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (عجيب أمر هذا النوم!!!)، يرجى الضغط هنا.