الخميس، 15 أغسطس 2024

سلسلة (صناعات) - سلسلة تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع الشخص أن يصنعها في حياته لكي يحقق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحلقة الأولى (المقدمة) - 15 أغسطس 2024


الحمد لله رب العالمين، له الحمد على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيّدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. أما بعد:

من رحمة الله تعالى بنا أن أعطانا مساحات كثيرة في حياتنا لنتّخذ فيها قرارات مناسبة لنا تفيدنا في دنيانا وآخرتنا، ومع ذلك، لا يأخذ البعض قرارات صحيحة بل وقد لا يعرفون كيف يأخذونا من الأساس ولذلك نرى مشكلات في السعادة والأمل والطموح والقيادة والتطوير الذاتي وقبل ذلك والأهم من ذلك كلّه مشكلات في العلاقة مع الله تعالى.

ولذلك، قرّرت أن أكتب هذه السلسلة بعنوان (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه، وبالطبع ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

هناك صناعات كثيرة يستطيع الشخص أن يصنعها في حياته، وكلّ هذه الصناعات ضمن قدرة الإنسان كما سنرى في هذه الحلقات، فلا نريد في النهاية أمراً مستحيلا يعجز الشخص عن القيام به، وفي نفس الوقت، كل صناعة من هذه الصناعات ستتطلّب جهدا ووقتاً، فالذي يريد التغيير نحو الأفضل لابدّ له أن يبذل الجهد وإلا لصار كل الناس متميّزين وناجحين وهذا غير منطقي.

الهدف هو أن يصبح الشخص بارعا في كلّ أو معظم الصناعات ومتى ما بدأ في صناعة أمر ما، سيبتكر أساليب جديدة ويتطوّر بإذن الله تعالى نحو الأفضل. ربّما يكون الأمر غامضاً للبعض ولكن متى ما بدأنا في سرد الصناعات خلال الحلقات القادمة، ستكون الصورة أوضح بإذن الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يوفّقني لتقديم شيء مفيد وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. والحمد لله رب العالمين.

********************************

الحلقة الثانية (اصنع سعادتك) - 26 أغسطس 2024

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:

مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

السعادة مطلب إنساني يسعى إليها مختلف الناس من الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والرجال والنساء والمدراء والموظفون وغيرهم. وهي من المفاهيم المختلف عليها بين المفكّرين والعلماء، ومهما كان هذا الاختلاف سواء في المعنى أو المصطلحات، فالجميع متّفق على وجود هذا الشعور الجميل.

كيف نصنع سعادتنا؟ أودّ هنا أن أقدّم الأفكار التالية:

أولا: يجب أن نعلم ونتيقّن بأنّ السعادة الكاملة الأبدية هي في الجنّة، وكلّ سعادة في الدنيا لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بسعادة دخول الجنّة والتلّذذ بنعيمها، ولذلك نستطيع أن نفهم ورود كلمة السعادة لمرة واحدة في القرآن الكريم مرتبطة بالجنّة في قوله تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ" (هود 108).

ثانيا: يرتّب على النقطة السابقة، بأنّ سعادتنا في الدنيا هي في الأمور التي توصلنا إلى هذه الجنّة، أي في الأمور التي ترضي الله تعالى من أداء ما أمر به تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي أمور في أيدينا وفي اختيارنا.

ثالثا: ابحث عن سعادتك في الشعائر التعبدية، فبعد الحفاظ على الفرائض، فهناك من يجد سعادته في الصلاة وآخر في الصيام وثالث في ذكر الله تعالى ورابع في تلاوة القرآن وخامس في غيرها. المهّم هنا أن تبحث عمّا يبعث فيك شعور السعادة والسكينة والطمأنينة وحافظ عليها وأكثر منها لكي تزيد سعادتك. وبالطبع، فقد يكون هناك أكثر من عبادة وفي كل ذلك خير.

رابعا: اصنع سعادتك في منزلك وفي أسرتك مهما كان دورك سواء كنت زوجا أو أبا أو أخا أو ابنا – وينطبق هذا كذلك على النساء -، فاجعل منزلك وأسرتك سَكَنا وسعادة من خلال التعامل الحسن والكلمات الطيّبة والبرامج والمشاريع. وكلّ ذلك أمور في أيدينا وفي اختيارنا.

خامسا: اصنع سعادتك في بيئة عملك أو دراستك أو في المجال الذي أنت فيه من خلال وجود الشغف لتحقيق الأهداف المشروعة والتعامل الحسن مع الجميع والمبادرات والاقتراحات ومواجهة التحديات والبعد قدر الإمكان عن المشاكل والمنغّصات.

أخيرا: اصنع سعادتك مع نفسك من خلال وجود أهداف في حياتك في مختلف النواحي والحرص على تطويرها وتنميتها مع وجود الشغف والإيجابية، فالهدف هو في النهاية النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة يستطيع بها الشخص أن يصنع سعادته في أي مكان وحال هو فيه، الأمر الهام دائما هو الحرص على الوسائل التي تؤدّي في النهاية إلى السعادة الأبدية والكاملة. والحمد لله رب العالمين.

********************************

الحلقة الثالثة (اصنع تميّزك) - 15 سبتمبر 2024

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:

مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

التميّز هو الانفراد بصفة أو عمل أو مهارة عن الآخرين أو هو تجاوز المعايير العادية في أداء عمل أو مهارة ما. فالتميّز مطلب لكثير من الناس وخاصة من يسعى إلى التأثير والفعالية. ولكي يصنع الشخص تميزه، فأقترح الأمور التالية:

أولا: يجب أن يكون التميز في أمر مشروع، وأقصد بالمشروع هنا ألا يخالف ما جاء به الإسلام من أوامر ونواهٍ وألا يخالف قوانين المجتمع أو الدولة، وكذلك لا يخالف أعراف المجتمع والأسرة. قد تكون هناك استثناءات محدودة ولكن الأصل هو ما ذكرناه وإلا صار التميز سلبيا وقد تترتب على ذلك عواقب دنيوية وأخرويّة.

ثانيا: ضرورة وجود رؤية وهدف واضح يسعى إليه الشخص، فهذه الرؤية والأهداف هي ما سيحقق التميز للشخص.

ثالثا: التركيز من أهم قواعد التميز، والتركيز هو توجيه التفكير والنشاطات إلى أمور محددة فلا يضيع جهده ووقته في أمور لا تحقق له رؤيته أو أهدافه.

رابعا: من الأفضل أن يكون التميز في أمر واحد بحيث يركز عليه الشخص ويصرف عليه معظم جهده ووقته، ولكن لا مانع من التميز في عدة أمور إن كان الشخص سيضمن الإنتاجية العالية في كل هذه الأمور مما يتطلب تخطيطا وإدارة عالية للذات وللوقت.

خامسا: لا يعني التميز في أمر ما إهمال الواجبات والفرائض كالشعائر التعبدية والواجبات الأسرية والمهنية، فالأصل هو التميز أولا في هذه الأمور ثم تأتي بعد ذلك الأمور الأخرى، وإن لم يستطع الشخص ذلك فلا أقل من أداء الحد الأساسي من كل أمر.

سادسا: التعلم المستمر جزء لا يتجزأ من التميز، بل إن المتميز يُعرف دائما بالتطور والتجدد ولكي يتحقق ذلك، لا بد من التعلم المستمر بمختلف الوسائل والأدوات.

أخيرا: أهم سؤال ينبغي أن يسأل الشخص نفسه، لماذا أريد أن أتميز؟ هل هو لمرضاة الله تعالى ودخول الدرجات العلا من الجنة ولخدمة العالم والوطن والمجتمع والأسرة أم إنّ المسألة هي للشهرة ولجلب المعجبين والحصول على الأموال والمناصب. لماذا هذا السؤال؟ لأن نفس السؤال سيتكرر يوم القيامة، ومن الأفضل هناك أن تكون الإجابة إيجابية وإلا كانت وبالا على الشخص والعياذ بالله.

توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة يستطيع بها الشخص أن يصنع تميزه، الأمر الهام دائما هو الحرص على التميز الإيجابي حتى يحصل الشخص على ثمرات هذا التميز في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق