الأربعاء، 18 سبتمبر 2024

مشاهدات (139) - أعظم اختراع للبشرية

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

حضرت الأسبوع الماضي فعالية في مقر العمل عن الثورة الصناعية الرابعة وكانت فعالية ممتعة ومفيدة جدا حيث تحدّث المشاركون عن تاريخ الثورات الصناعية وبعضا من التقنيات الحديثة الموجودة في الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها.

أثناء الفعالية، تم طرح سؤال على الحاضرين عن أعظم اختراع عرفته البشرية إلى الآن، فكانت الإجابات متعددة ومختلفة مثل الانترنت والذكاء الاصطناعي وغيرها. الذي شدّني في هذا الأمر هو اختلاف الآراء في مجموعة قليلة لا يتجاوز عددها خمسين إلى ستين شخص، فكيف إذا تمّ طرح السؤال على مئات أو آلاف الأشخاص؟ بالتأكيد سوف نحصل على مئات الإجابات.

لماذا هذا الاختلاف؟ أولا، يجب أن ندرك بأنّ اختلاف البشر أمر طبيعي جدا، وربّما ذكرت هذا الأمر في مقالات سابقة ولكن ينبغي لنا دائما أن نذكّر بهذا الأمر حتى لا نقع فريسةً للصراع أو التنازع أو التقليل من شأن الآخرين بسبب آرائهم المختلفة، فالأصل دائما هو احترام آراء الآخرين وتقبّلها بكل رحابة صدر ولا مانع بالطبع من المناقشة والاستفسار عن سبب هذه الآراء بكل احترام.

أمّا الإجابة عن السؤال الفائت، فالناس مختلفون في الإجابات والآراء لأسباب كثيرة، فالتربية تؤثّر، والتعليم يؤثّر، والإعلام يؤثّر، والخبرة والتجارب الشخصية تؤثّر، والإعلام بجميع أنواعه يؤثّر، والبيئة المحيطة بالشخص من أسرة وأصدقاء تؤثّر. كل هذه العوامل وغيرها تؤثّر في اختيار الشخص لأعظم اختراع عرفته البشرية.

أمر آخر هام له تأثير كذلك وهو الزمن الذي يعيش فيه الشخص، فإذا طرحنا نفس السؤال قبل عشر سنوات، فقد نحصل على إجابات مختلفة عن الوقت الحالي. ونفس الأمر سيتكرر إن سألنا نفس السؤال بعد عشر سنوات حيث سنحصل على إجابات مختلفة كذلك. بالطبع، لا ولن نستطيع تفسير أية إجابة أو رأي يصدر عن الشخص تفسيرا دقيقا لأنّ عمليات كثيرة تحدث داخل عقل الشخص حتى يخرج في النهاية بهذه الإجابة. لا نستطيع إلا أن نقول: "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" (النمل 88)، فما يحدث داخل عقولنا من عمليات بناء على عوامل متعددة شيء معجز بالفعل.

هذا يقودنا كذلك إلى أن نفهم أنّ فرض الآراء على الناس لا يجدي نفعا خاصة في مثل هذه القضايا، نعم، يمكن للشخص أن يقنع ويستخدم الأدلة والبراهين لإثبات وجهة نظره أو إجاباته، ولكن في النهاية تبقى وجهة نظر ومن الخطأ نسف آراء الآخرين أو التقليل من شأنها بحجّة أنها لا توافق رأيه.

نحتاج فعلا أن نتعلّم أدب الاختلاف وتقبّل الآراء ووجهات النظر حتى لا نقع في الخلاف والنزاع والشقاق. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (أسألك اللهم علما نافعا)، يُرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق