الخميس، 29 مايو 2025

مشاهدات (153) - الفوز الحقيقي

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

جميعنا نطمح إلى الفوز في مجالات مختلفة، ولا شكّ بأنّنا نفرح عندما نفوز في أي أمر سواء كان ذلك الحصول على تكريم أو جائزة أو الفوز في لعبة أو منافسة أو نحصل على إحدى المراكز الأولى أو غيرها، وهذا أمر حسن ما دام مشروعا، ولكنّ القرآن الكريم يأتي ليغيّر مفهومنا عن الفوز الحقيقي ويضبط البوصلة تجاه الأمر الذي يجب أن نسعى إليه لكي نحقّق هذا الفوز.

دعونا نتأمل بعض الآيات القرآنية التي تحدّثت عن الفوز حتى نعرف ماذا يريد منّا القرآن أن نركّز عليه. 

قال تعالى: "فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ" (آل عمران 185)، 

وقال الله تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (النساء 13)، 

وقال سبحانه: "قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (المائدة 119)، 

وقال سبحانه: "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ" (الجاثية 30).

هذه الآيات وغيرها تبيّن بوضوح بأنّ الفوز الحقيقي هو في دخول الجنّات والنجاة من النيران ونيل رحمة الله تعالى يوم القيامة، لأنّ هذا الفوز هو الفوز المطلق والكامل والذي تصغر أمامه كل فوز حقّقه الشخص في الدنيا ولو كان شيئا كبيرا في وجهة نظره أو الآخرين. قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: (فمن نُحِّي عن النار فأبعد منها وأدخل الجنة، فقد نجا وظفر بعظيم الكرامة).

وحتى ندرك معنى هذا الفوز، تأمّل في هذا الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ" (رواه مسلم)، فالحديث يصف بوضوح بأنّ لحظة واحدة في الجنّة تنسي الشخص كلّ ما مرّ به في حياته الدنيا ولو كانت لسنوات طويلة لأنّ هذا هو الفوز الحقيقي.

عندما نضع هذا الأمر نصب أعيينا دائما، فستتغيّر حياتنا بشكل كامل لأنّنا سنسعى إلى تحقيق كلّ ما يؤدي إلى هذا الفوز من عمل الصالحات واجتناب المعاصي والمحرّمات فسنسعد بذلك في الدنيا قبل الآخرة كما قال سبحانه: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (النحل 97).

نحتاج أن نتدبّر القرآن الكريم ونعيد حساباتنا وطريقة تفكيرنا لكي يتوافق مع ما يقوله رب العالمين سبحانه، وبهذا يتحوّل القرآن الكريم إلى كتاب نور وهداية فننال الفوز الحقيقي بإذن الله تعالى. نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (أحاديث للقلوب مباشرة)، يرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 20 مايو 2025

مشاهدات (152) - أحاديث للقلوب مباشرة

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

في كل مرة يتحدّث فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله تعالى ورعاه، تجد حديثه حديث الوالد لأبنائه والمعلّم لتلاميذه والمربّي لشعبه، ويتميّز سموّه بحديثه الدافئ وفي نفس الوقت تجد العمق في المعاني والواقعية في الطرح، ولذلك تصل أحاديثه إلى القلوب مباشرة.

هذا النوع من القيادة مزيج عجيب من القيادة بالحب والاحترام والقدوة مع وجود معرفة عميقة بالأمور سواء كان ذلك في الجانب النظري أو العملي من خلال الزيارات الميدانية والمتابعات الدقيقة. كل ذلك وسمّوه يتابع أمور الناس ومشاكلهم ويظهر ذلك جليّا من خلال مداخلاته القيّمة أو أوامره في برنامج الخط المباشر أو غيرها من الأدوات.

قبل مدة، كنت أسمع حديث سمّوه عن أهمية الصلاة ثمّ في مقطع آخر عن مسألة الأخلاق في وسائل التواصل الاجتماعي، واليوم تحدّث كذلك للاعبي فريق الشارقة لكرة القدم عن مسألة الأخلاق في المباريات وغيرها من الأمور. والجميل في أحاديث سمّوه هو إدخاله الفكاهة في بعض الأحيان مما يعطي أحاديثه كذلك متعة أخرى جميلة.

يقول صلى الله عليه وسلم: "خِيارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ ويُحِبُّونَكُمْ، ويُصَلُّونَ علَيْكُم وتُصَلُّونَ عليهم" (رواه مسلم). هذا الحب والدعاء المتبادل بين القائد وشعبه من أسباب سعادة المجتمع بعد توفيق الله تعالى وعونه. يحتاج القادة في مختلف المجالات أن يتعلّموا هذا النوع من القيادة من صاحب السمو لأنّ له ثمرات وفوائد كثيرة تعود على الجميع.

نسأل الله تعالى أن يوفّق صاحب السمو إلى كل خير وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب وأن يرزقنا الإخلاص والصواب في جميع الأقوال والأفعال، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)، يرجى الضغط هنا.