مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
السعادة مطلب إنساني
يسعى إليها مختلف الناس من الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والرجال والنساء
والمدراء والموظفون وغيرهم. وهي من المفاهيم المختلف عليها بين المفكّرين
والعلماء، ومهما كان هذا الاختلاف سواء في المعنى أو المصطلحات، فالجميع متّفق على
وجود هذا الشعور الجميل.
كيف نصنع سعادتنا؟ أودّ
هنا أن أقدّم الأفكار التالية:
أولا: يجب أن نعلم ونتيقّن
بأنّ السعادة الكاملة الأبدية هي في الجنّة، وكلّ سعادة في الدنيا لا يمكن
مقارنتها بأي حال من الأحوال بسعادة دخول الجنّة والتلّذذ بنعيمها، ولذلك نستطيع
أن نفهم ورود كلمة السعادة لمرة واحدة في القرآن الكريم مرتبطة بالجنّة في قوله
تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ
سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ
وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ" (هود 108).
ثانيا: يرتّب على النقطة السابقة،
بأنّ سعادتنا في الدنيا هي في الأمور التي توصلنا إلى هذه الجنّة، أي في الأمور
التي ترضي الله تعالى من أداء ما أمر به تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب
ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي أمور في أيدينا وفي
اختيارنا.
ثالثا: ابحث عن سعادتك في الشعائر
التعبدية، فبعد الحفاظ على الفرائض، فهناك من يجد سعادته في الصلاة وآخر في الصيام
وثالث في ذكر الله تعالى ورابع في تلاوة القرآن وخامس في غيرها. المهّم هنا أن
تبحث عمّا يبعث فيك شعور السعادة والسكينة والطمأنينة وحافظ عليها وأكثر منها لكي
تزيد سعادتك. وبالطبع، فقد يكون هناك أكثر من عبادة وفي كل ذلك خير.
رابعا: اصنع سعادتك في منزلك وفي
أسرتك مهما كان دورك سواء كنت زوجا أو أبا أو أخا أو ابنا – وينطبق هذا كذلك على
النساء -، فاجعل منزلك وأسرتك سَكَنا وسعادة من خلال التعامل الحسن والكلمات
الطيّبة والبرامج والمشاريع. وكلّ ذلك أمور في أيدينا وفي اختيارنا.
خامسا: اصنع سعادتك في بيئة عملك أو
دراستك أو في المجال الذي أنت فيه من خلال وجود الشغف لتحقيق الأهداف المشروعة
والتعامل الحسن مع الجميع والمبادرات والاقتراحات ومواجهة التحديات والبعد قدر
الإمكان عن المشاكل والمنغّصات.
أخيرا: اصنع سعادتك مع نفسك من خلال
وجود أهداف في حياتك في مختلف النواحي والحرص على تطويرها وتنميتها مع وجود الشغف
والإيجابية، فالهدف هو في النهاية النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة
يستطيع بها الشخص أن يصنع سعادته في أي مكان وحال هو فيه، الأمر الهام دائما هو الحرص
على الوسائل التي تؤدّي في النهاية إلى السعادة الأبدية والكاملة. والحمد لله رب
العالمين.
********************************
الحلقة الثالثة (اصنع تميّزك) - 15 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
التميّز هو الانفراد بصفة أو عمل أو
مهارة عن الآخرين أو هو تجاوز المعايير العادية في أداء عمل أو مهارة ما. فالتميّز
مطلب لكثير من الناس وخاصة من يسعى إلى التأثير والفعالية. ولكي يصنع الشخص تميزه،
فأقترح الأمور التالية:
أولا: يجب أن يكون التميز في أمر
مشروع، وأقصد بالمشروع هنا ألا يخالف ما جاء به الإسلام من أوامر ونواهٍ وألا
يخالف قوانين المجتمع أو الدولة، وكذلك لا يخالف أعراف المجتمع والأسرة. قد تكون
هناك استثناءات محدودة ولكن الأصل هو ما ذكرناه وإلا صار التميز سلبيا وقد تترتب
على ذلك عواقب دنيوية وأخرويّة.
ثانيا: ضرورة وجود رؤية وهدف واضح
يسعى إليه الشخص، فهذه الرؤية والأهداف هي ما سيحقق التميز للشخص.
ثالثا: التركيز من أهم قواعد التميز،
والتركيز هو توجيه التفكير والنشاطات إلى أمور محددة فلا يضيع جهده ووقته في أمور
لا تحقق له رؤيته أو أهدافه.
رابعا: من الأفضل أن يكون التميز في
أمر واحد بحيث يركز عليه الشخص ويصرف عليه معظم جهده ووقته، ولكن لا مانع من
التميز في عدة أمور إن كان الشخص سيضمن الإنتاجية العالية في كل هذه الأمور مما
يتطلب تخطيطا وإدارة عالية للذات وللوقت.
خامسا: لا يعني التميز في أمر ما
إهمال الواجبات والفرائض كالشعائر التعبدية والواجبات الأسرية والمهنية، فالأصل هو
التميز أولا في هذه الأمور ثم تأتي بعد ذلك الأمور الأخرى، وإن لم يستطع الشخص ذلك
فلا أقل من أداء الحد الأساسي من كل أمر.
سادسا: التعلم المستمر جزء لا يتجزأ
من التميز، بل إن المتميز يُعرف دائما بالتطور والتجدد ولكي يتحقق ذلك، لا بد من
التعلم المستمر بمختلف الوسائل والأدوات.
أخيرا: أهم سؤال ينبغي أن يسأل الشخص
نفسه، لماذا أريد أن أتميز؟ هل هو لمرضاة الله تعالى ودخول الدرجات العلا من الجنة
ولخدمة العالم والوطن والمجتمع والأسرة أم إنّ المسألة هي للشهرة ولجلب المعجبين
والحصول على الأموال والمناصب. لماذا هذا السؤال؟ لأن نفس السؤال سيتكرر يوم
القيامة، ومن الأفضل هناك أن تكون الإجابة إيجابية وإلا كانت وبالا على الشخص
والعياذ بالله.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة
يستطيع بها الشخص أن يصنع تميزه، الأمر الهام دائما هو الحرص على التميز الإيجابي
حتى يحصل الشخص على ثمرات هذا التميز في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الرابعة (اصنع طموحك) - 25 سبتمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
جاء في معنى الطموح أنّه السعي
بِرَغْبَةٍ لِلْحُصُولِ على مَا هُوَ أَعْلَى وَمَحْمُودٌ وَنَبِيلٌ،
فالناجحون والمتميزون والعظماء في القديم والحديث كان لديهم طموح في مجال ما وهو
ما قادهم إلى تحقيق الإنجازات المتتالية. ولكي يصنع الشخص طموحه، فأقترح الأمور
التالية:
أولا: ينبغي أن يكون طموح الشخص
الأسمى والأعلى هو نيل رضوان الله تعالى ودخول الفردوس الأعلى من الجنّة وهذا ما
أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: "فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ،
فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ وأَعْلَى الجَنَّةِ"
(رواه البخاري)، فهذا الطموح العالي لدخول أعلى درجات الجنّة هو ما سيقود الشخص
إلى التميّز في عمل كل ما يقرّب إلى الله تعالى.
ثانيا: الشخص الطموح يسعى لأن ينافس
العظماء والمتميزين بل ويكون أفضل منهم، كل ذلك عن طريق التنافس الشريف والمحمود
مع الابتعاد عن كل أسباب البغضاء والكراهية والحسد. قال الله تعالى في وصف عباد
الرحمن أنهم يقولون في دعائهم: "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً"
(الفرقان 74)، فالمتّقون هم من أعلى فئات المؤمنين، ومع ذلك فهم يدعون بأن يكونوا
إماما لهذه الفئة مما يدلّ على وجود طموح عالٍ لأن يكونوا أفضل منهم.
ثالثا: الطموح ينبغي أن يكون في أمور
مفيدة من شأنها أن تنفع الشخص والآخرين في دنياهم وآخرتهم ولذلك قال صلى الله عليه
وسلم: "إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، وأَشرافَها، ويَكرَهُ
سَفْسافَها" (صحيح الجامع)، فالحديث يحثّ على أن يجعل الشخص طموحه في مجال
مفيد وليس فيما يضرّ الشخص في دنياه وآخرته.
رابعا: حدّد مجال طموحك بناء على
قدراتك ومهاراتك ومعرفتك وخبرتك، فاختيار مجال أو مجالات الطموح ينبغي أن يكون
مدروسا حتى يحصل الشخص على الثمرات المرجوّة في الدنيا والآخرة.
خامسا: قراءة قصص الناجحين والعظماء
والمؤثّرين عبر التاريخ يفيد كثيرا في تحديد الطموح ثم العمل على تحقيق الطموح،
ويعطي الشخص كذلك طاقة إيجابية وشغفا لتحقيق طموحه.
وأخيرا: وجود الطموح أمر جميل جدا
والأجمل منه هو العمل وتحويل هذا الطموح إلى إنجازات متتالية، ومن المهم هنا
الاستعانة الدائمة بالله تعالى وطلب التوفيق منه سبحانه وكذلك الحرص على وجود
البيئة الصالحة والإيجابية التي تساعد الشخص على صناعة الطموح وتحقيقه.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع طموحه، الأمر الهام هنا هو الحرص على الطموح الإيجابي حتى يحصل
الشخص على ثمرات هذا الطموح في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الخامسة (اصنع علاقاتك) - 15 أكتوبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
العلاقات الاجتماعية من الأمور
الأساسية في الحياة وتختلف قوة واتّساع هذه العلاقات بين الناس حسب معايير متعددة،
ولكنّ الشيء الأكيد هي أنّ العلاقات سبب أساسي لتميّز ونجاح الشخص في الحياة كما
يؤكّد على ذلك العلماء والمفكّرين، ولذلك يحتاج الشخص إلى صنع علاقاته في الحياة
لكي يحقّق هذا النجاح والتميّز، ليس فقط في الدنيا وإنّما كذلك في الآخرة. ولكي
يفعل الشخص ذلك، فأقترح الأمور التالية:
أوّلا: يجب أن يحرص الشخص على علاقات
قوّية مع أقرب الناس إليه. نتكّلم هنا عن الوالدين والزوج أو الزوجة والأبناء،
فهؤلاء سبب رئيس لسعادة وراحة وتميّز الشخص إن كانت العلاقات قويّة ومتينة لأنهم
سيكونون مصدر دعم وتشجيع وتحفيز للشخص.
ثانيا: العلاقات مع الأرحام من
الأمور الأساسية في الحياة وقبل ذلك مطلب شرعي كما جاءت بذلك الآيات الكريمة
والأحاديث النبوية. وكلّما حرص الشخص على تقوية علاقاته مع أرحامه القريبين والبعيدين،
كان ذلك أفضل له في دنياه وآخرته، فثمرات صلة الأرحام متعددة منها قوله صلى الله
عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ
لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (متّفق عليه). وأنصح هنا
بقراءة تفسير هذا الحديث ليعرف الشخص هذه الثمرات الرائعة.
ثالثا: العلاقات مع الأصدقاء هامّ
كذلك للشخص، فالصديق له دور كبير في حياة الشخص كما قال صلى الله عليه وسلم:
"الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُر أَحَدُكُم مَنْ يُخَالِل"
(رواه الترمذي)، فقوة العلاقات مع الأصدقاء له دور كبير في تميّز الشخص وذلك لأنّ
الأصدقاء يدعمون ويشجّعون وينصحون الشخص في مواقفه المختلفة السعيدة منها والحزينة.
رابعا: من المهم الحرص على العلاقات
الطيّبة مع جميع الناس من خلال تطبيق الأخلاق الكريمة والابتعاد عن الأخلاق
السيئة. فالعلاقات الطيّبة مع الناس تنفع الشخص في دنياه وآخرته. قال الله تعالى:
"وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" (البقرة 83).
وأخيرا: يجب الاهتمام كذلك بالعلاقات
الافتراضية التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيمكن لأي شخص أن يكوّن شبكة
علاقات ضخمة مع أي شخص في العالم من خلال هذه الشبكات ولذلك وجب على الشخص الحرص
والانتباه والحذر حتى يحصل على النتائج الإيجابية من هذه العلاقات.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع علاقاته، الأمر الهام هنا هو الحرص على العلاقات الإيجابية والطيّبة
والنافعة مع الجميع حتى يحصل الشخص على ثمرات هذه العلاقات في الدنيا والآخرة.
والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة السادسة (اصنع أملك) - 26 أكتوبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
جاء في معنى الأمل أنّه الرجاء
والتفاؤل الشديد ورؤية المستقبل المشرق، فالأمل وقود العمل وهو مطلب في جميع مجالات
الحياة ابتداء في العلاقة مع الله تعالى والصراع مع الشيطان ومرورا بالأسرة والعمل
وانتهاء بالأصدقاء والمجتمع والعالم أجمع. ولذلك يحتاج الشخص إلى صنع أمله في
الحياة لكي يضمن أنّه يسير في الطريق الصحيح. ولكي يفعل الشخص ذلك، فأقترح الأمور
التالية:
أولا: مصدر الأمل الأول هو الله
تعالى ولذلك يجب على الشخص أن يلجأ إلى الله تعالى دائما ويدعوه بأن يرزقه الأمل
في جميع أموره.
ثانيا: تدبّر القرآن الكريم وخاصة
الآيات التي تحثّ على الأمل أو الآيات التي تتكلّم عنه، فآيات القرآن الكريم مليئة
بالأمل، والمطلوب من الشخص اليقين بكلّ ما جاءت به الآيات الكريمة حتى لو كان
الواقع مغايرا الآن.
ثالثا: الحرص على قراءة السيرة
النبوية المطهّرة والأحاديث النبوية الشريفة فهي مليئة كذلك بالأمل، ومن يقرأ
السيرة النبوية والأحاديث النبوية فسيرى أثر ذلك على حياته. المطلوب هنا اليقين
كذلك كما ذكرنا ذلك بالنسبة للقرآن الكريم.
رابعا: قراءة التاريخ القديم والحديث
من المصادر الهامة لتعلّم الأمل، فهناك أشخاص حقّقوا إنجازات وصاروا عظماء رغم
التحدّيات والصعوبات فقط لأنّهم تشبّثوا بالأمل فواصلوا حتى نهاية الطريق. ومن ضمن
قراءة التاريخ، قراءة قصص وسير الناجحين والعظماء، فهؤلاء ضربوا أروع الأمثلة في
التمسّك بالأمل حتى آخر لحظات حياتهم.
خامسا: الحرص على البيئة الإيجابية
والابتعاد قدر الإمكان عن البيئة والأخبار السلبية بما في ذلك الأشخاص السلبيين،
ومع قوة الإعلام بمختلف وسائله في عصرنا الحالي، أصبح نشر وتناقل الأخبار والأحداث
السلبية سهلا للغاية وبالتالي وجب على الشخص أن يحصّن نفسه من هذه الأمور وذلك
بالتمسّك بالأمل من خلال الحرص على المصادر التي ذكرناها سابقا.
وأخيرا: يجب أن يتحوّل الأمل إلى عمل
وبذل وجهد فهذا هو الهدف من الأمل وإلاّ كان أملا كاذبا، فالعظماء والناجحون عبر
التاريخ حوّلوا آمالهم إلى عمل فوصلوا إلى ما وصلوا إليه، أمّا من يدّعي الأمل فقط
بدون عمل، فلن يحقّق شيئا.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع أمله، الأمر الهام هنا هو إبقاء هذا الأمل دائما مع ضرورة تحوّل هذا
الأمل إلى عمل إيجابي. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة السابعة (اصنع عطاءك) - 17 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
العطاء مطلب إسلامي وإنساني وله ثمرات
وفوائد كثيرة تعود على الشخص والمجتمع والعالم أجمع إذ بغير العطاء سيتأثّر
الكثيرون خاصة من المحتاجين والفقراء. وينبغي العلم بأنّ معنى العطاء أوسع بكثير
من مجرّد إنفاق الأموال إذ يدخل فيه كل شيء نافع يعطيه الشخص للآخرين كالنصيحة
والمساعدة والدلالة على الخير وحتى الابتسامة. ولذلك يحتاج الشخص إلى صنع عطائه في
الحياة حتّى يحقّق أكبر قدر من الثمرات والفوائد. ولكي يفعل الشخص ذلك، فأقترح
الأمور التالية:
أولا: أن يخلص الشخص في عطائه لله
تعالى، إذ أنّه بغير الإخلاص يذهب كل عطاء الشخص هباء منثورا يوم القيامة حتى لو
حصل على ما أراد في الحياة الدنيا. والأمر الخطير هنا أنّ عدم وجود الإخلاص قد
يجعل الشخص ممّن يُسعَّر بهم النار يوم القيامة كما جاء في الحديث الشريف: "إِنَّ
أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ – وذكر منهم - رَجُلٌ
وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ
بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا
تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا
لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ
قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ"
(رواه مسلم). فالأمر خطير جدا وينبغي الانتباه له.
ثانيا: فليحرص الشخص على طرق أبواب
العطاء المختلفة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فلكل باب من هذه الأبواب أجر عظيم وفضل
كبير مع ما للعطاء نفسه من أجر كبير.
ثالثا: الاستمرارية في العطاء يحقّق
للشخص ثمرات وفوائد متتالية في الدنيا والآخرة، فليحرص الشخص على الاستمرار في
العطاء ولو كان يسيرا، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "أَحَبُّ الأعمالِ
إلى اللهِ أدْومُها وإن قَلَّ" (رواه البخاري). ومن المفيد هنا أن يضع الشخص
في خطّته أو برنامجه تذكيرا للعطاء بشكل دوري بحيث يداوم عليه ولا ينساه.
رابعا: من الجميل أن يتّخذ الشخص
لنفسه شكلا من أشكال العطاء يكون متميزا فيه ويحرص فيه أكثر من غيره كالمساهمة
مثلا في بناء المساجد أو حفر الآبار أو كفالة الأيتام أو بناء المستشفيات أو غير
ذلك من أشكال العطاء المختلفة.
خامسا: هناك أمور تحدث في الحياة تتغيّر
من شأنها أولويات العطاء ولذلك ينبغي التنبّه إلى هذه الأحداث فقد يكون مساعدة
الأشخاص في مجتمع ما أولى من بناء المساجد وقد يكون بناء مستشفى أولى من إرسال
الطعام وهكذا. وهذا الأمر ينبغي فيه سماع العلماء والجمعيات الخيرية المتخصصة.
وأخيرا: استشعار الأجر العظيم
المترتّب على العطاء فهذا مما يساهم بشكل كبير في استمرارية العطاء، ولا ينسَ
الشخص أن يجعل من عطائه نصيبا مما يبقى له بعد موته كما قال صلى الله عليه وسلم:
"إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ
يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". (رواه مسلم).
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع عطاءه. الأمر الهام هنا هو إبقاء هذا العطاء دائما مع الحرص على
تتبّع ما فيه مصلحة العباد والبلاد. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الثامنة (اصنع قوتك) - 26 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
جاء في الحديث الشريف: "المُؤْمِنُ
الْقَوِيُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي
كُلٍّ خَيْرٌ" (رواه مسلم). فالقوة مطلب إسلامي وهو يحقّق الخيرية
للشخص الذي يتّصف به كما جاء في الحديث الشريف، ولكن يحتاج الشخص قبل ذلك أن يفهم
معنى القوة الحقيقية وأن يصنع قوّته. ولكي يفعل الشخص ذلك، فأقترح الأمور التالية:
أولا: أهم أنواع القوة هو القوة
الإيمانية ونقصد بها هنا قوة العلاقة مع الله تعالى، ويتحقق ذلك من خلال أداء
الفرائض والإكثار من النوافل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، كل ذلك في ضوء ما أمر الله تعالى
به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: القوة الأخلاقية من الأمور
التي يجب أن يحرص عليها الشخص، والقوة هنا تأتي من أمرين هما الالتزام بالأخلاق
الكريمة والابتعاد عن الأخلاق السيئة. وينبغي أن يكون هذا الالتزام في جميع الأحوال
والأوقات وكذلك أن يكون مستمرا مع الإنسان حتى مماته، وكلّما كان الالتزام أكبر
كانت القوة الأخلاقية أكبر.
ثالثا: القوة الاجتماعية من خلال
العلاقات القوية مع الأسرة القريبة والبعيدة، وكذلك العلاقات القوية مع الأصدقاء
المقرّبين والحسنة مع الآخرين.
رابعا: القوة المعرفية أصبحت من
أساسيات العصر الحالي ولذلك لابدّ من الاهتمام بها اهتماما شديدا، ويأتي ذلك من
خلال الاهتمام بمصادر المعرفة مثل القراءة وسماع العلماء والمفكّرين وحضور الدورات
والمحاضرات وغير ذلك. ولابدّ من الاهتمام بالمعرفة في مجال التخصص حتى يكون الشخص
قويّا.
خامسا: القوة التقنية والتكنولوجية
من أساسيات العصر الحالي كذلك وهي من الضرورات التي ينبغي الاهتمام بها وهي مرتبطة
بالقوة المعرفية بالإضافية إلى الإنتاجات ومعرفة التقنيات الحديثة في مجالاتها
المختلفة.
وأخيرا: لا ينبغي التغافل عن القوة
الجسدية والصحية فهما ضرورة لكي يحصل الشخص على بقية القوى التي ذكرناها من قبل.
وينبغي التنبيه هنا بأن الاهتمام بالجسد ينبغي أن يكون في حد المعقول وليس زائدا
عن الحاجة حتى لا تتحول هذه القوة إلى ضعف.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع قوّته. الأمر الهام هنا هو أن تكون جميع هذه القوى إيجابية بمعنى أن
تكون مسخّرة في تنمية الشخص ومصلحة البلاد والعباد. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة التاسعة (اصنع لحظاتك) - 25 ديسمبر 2024
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
لحظات الشخص هي حياته، فاللحظات هي وقت
الإنسان ولذلك ينبغي الحرص عليها أشدّ الحرص لأنّها هي ما سيحاسب عليها الشخص يوم
القيامة، والأحاديث الواردة في أهمية الوقت الذي هو لحظات الشخص وضرورة استثماره
في الخير متعددة. ولذلك يحتاج الشخص في هذه الحياة الدنيا إلى أن يصنع لحظاته حتى
يحقّق أقصى استفادة، ولكي يفعل الشخص ذلك، فأقترح الأمور التالية:
أولا: معرفة أنّ الشخص سيحاسب على لحظات
حياته كلّها كما جاء في الحديث الشريف: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ
القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ... الحديث" (رواه
الترمذي)، وهذا مما يحثّ الشخص على استثمار لحظاته في هذه الحياة أفضل استثمار.
ثانيا: عندما يكون للشخص رؤية واضحة
في حياته، فإنه سيحرص على استثمار لحظاته أفضل استثمار لكي يحقق هذه الرؤية. وينبغي
أن تتحول هذه الرؤية إلى خطط وأهداف.
ثالثا: وجود خطة يومية للشخص يساعد
كثيرا على استثمار لحظات الشخص بأفضل طريقة ممكنة، وهذه الخطة ينبغي أن تتضمن
أهدافا بحيث يستثمر لحظاته خلال اليوم.
رابعا: طلب العلم النافع وممارسة الشعائر
التعبدية من صلاة وقراءة قرآن وذكر لله تعالى وغير ذلك مما جاء في كتاب الله تعالى
وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل ما يستثمر الشخص به لحظاته في هذه الحياة
الدنيا ويعود بالنفع الكبير على الشخص يوم القيامة.
خامسا:
قراءة سير الصالحين والعظماء في استثمار لحظاتهم من أفضل ما يعين الشخص على معرفة
الأمور التي تعينه على حسن استثمار لحظاته في هذه الحياة الدنيا، فهؤلاء الصالحين
والعظماء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا من خلال استثمار لحظاتهم في الأمور
النافعة لهم وللآخرين.
وأخيرا:
الحرص على الابتعاد عن مضيّعات الوقت وهي الأمور التي لا تنفع الشخص في دنياه وخاصة
المحرّمة منها، وكذلك الحرص على عدم الإكثار من المباحات كالخروج مع الأصدقاء
لساعات طويلة من غير فائدة حتى لا تضيع لحظات الشخص فيما لا يفيد.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع لحظاته. الأمر الهام هنا هو أن تكون جميع هذه اللحظات إيجابية بمعنى
أن تكون مسخّرة في تنمية الشخص ومصلحة البلاد والعباد. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة العاشرة (اصنع خبرتك) - 15 يناير 2025
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
الخبير من الأشخاص الذين تبحث عنهم المؤسسات
المختلفة بشكل مستمر، وتستخدم شتّى العروض والمغريات لاستقدامهم والعمل لديهم.
والشخص الخبير هو المتمكّن في مجال عمله أو في أي أمر من الأمور سواء كانت شرعية
أو حياتية. ويستطيع الشخص أن يصنع خبرته من خلال الأمور المقترحة التالية:
أولا: الخبرة تأتي من التعلّم
المستمر بشتّى الوسائل كالقراءة وسماع المختصين وحضور الدورات والندوات
والمؤتمرات، وأصبح التعلّم والحصول على المعلومات سهلا جدا بتوفّر الشبكة
العنكبوتية (الانترنت) ولكن لا ينبغي أن يغني ذلك عن الوسائل الأخرى. المهم هنا هو
الاستمرارية في التعلّم.
ثانيا: من أهم وسائل اكتساب الخبرة
التعلّم من الأخطاء حيث أنّ الأخطاء جزء من طبيعتنا البشرية كما جاء في الحديث
الشريف: "كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ" (رواه الترمذي)، والأخطاء
تعلّم الشخص أمورا كثيرة بشرط أن يوظّفها التوظيف الصحيح، وهناك قصص كثيرة لأشخاص ناجحين
ومؤثّرين في الحياة فشلوا فشلا ذريعا في مرحلة ما من حياتهم ولكنّهم تعلّموا من
أخطائهم وأصبحوا خبراء وناجحين بعد ذلك.
ثالثا: السؤال من أهم وسائل التعلّم
وفي الوقت نفسه، تُكسِب الشخص خبرة في المجال لأنّه مهما كان عند الشخص من معرفة
وعلم، فهناك أمور كثيرة قد تخفى عليه ولذلك كان سؤال الآخرين وسيلة لتعلّم هذه
الأمور الجديدة ومعرفة وجهات نظر أخرى خاصة من الخبراء الآخرين.
رابعا: الاحتكاك بالخبراء في نفس
المجال أو في المجالات الأخرى من الأمور التي تزيد خبرة الشخص خاصة أنّ العلوم
أصبحت مرتبطة ببعضها البعض سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. والاحتكاك بالآخرين يسهم
كذلك في التعلّم ومعرفة الآراء الأخرى واكتساب أفكار جديدة وغيرها.
خامسا: التركيز من أهم عوامل ازدياد
الخبرة لدى الشخص، وأقصد بالتركيز هنا توجيه التفكير والنشاطات إلى مجال أو مجالات
معيّنة. وهذا التركيز يؤدي بالشخص إلى أن يجعل كثيرا من وقته في هذه المجالات سواء
بالتعلّم أو السؤال أو التجربة أو التطوير أو غيرها.
وأخيرا: مهما كان الشخص خبيرا في أي
مجال، فعليه بالتواضع مع الآخرين كما هو شأن العظماء والمؤثّرين في الحياة، فهذا
التواضع من شأنه أن يزيد من خبرة الشخص كذلك لأنّه بهذا التواضع سيسعى إلى زيادة
خبرته بالوسائل التي ذكرناها سابقا، أمّا التكبّر فلن ينفع الشخص لا في دنياه ولا
في آخرته، فقد يكون الشخص خبيرا ولكن بسبب تكبّره، يبتعد عنه الناس ولا يفيد أو
يستفيد من خبرته أحد.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع خبرته. الأمر الهام هنا هو أن تكون جميع هذه الخبرات في مجال مفيد
بحيث يفيد نفسه والآخرين. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الحادية عشرة (اصنع إنجازاتك) - 26 يناير 2025
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع
أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع
أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء
بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط
المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.
أَنْجَزَ في اللغة تعني أتمّ الشيء وقضاه، وتعريفي الخاص للإنجاز هو (تحقيق شيء مفيد، يفيد النفس أو يفيد المجتمع). والملاحظ هذه الأيام ومع الانتشار القوي لوسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص هو الاهتمام بمسألة الإنجازات ونشرها من الناس بشكل موسّع على هذه الوسائل المختلفة. ويستطيع الشخص أن يصنع إنجازاته من خلال الوسائل المقترحة التالية:
أولا: الإنجاز الأكبر والأعظم هو
الحصول على رضا الله تعالى ودخول الجنّات يوم القيامة، وهذا يتحقق بإذن الله تعالى
من خلال تنفيذ أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه وكذلك باتّباع ما جاء به الرسول
صلى الله عليه وسلّم. وكلّ الإنجازات المتحقَّقة في الحياة الدنيا لا بدّ أن تصبّ
لتحقيق هذا الإنجاز الأعظم وإلا فلا فائدة منها للشخص.
ثانيا: بناء على التعريف السابق
للإنجاز، فكلّ الأعمال الصالحة تُعتبر إنجازاً للشخص وكذلك بالنسبة للابتعاد عن
الأعمال السيّئة، ولا شكّ بأنّ أداء الفرائض يُعتبر إنجازا أكبر ثمّ تأتي بعد ذلك
النوافل لتزيد من إنجازات الشخص ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وكذلك الأمر بالنسبة
للابتعاد عن الكبائر والذنوب العظام، فإنّ في ذلك إنجازا عظيما للشخص.
ثالثا: هناك أعمال صالحة تتعدّى
نفعها للآخرين كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "مَن سَنَّ
سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها، لا
يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا" (رواه ابن ماجه)، والأمثلة على هذه الأعمال
الصالحة هي الصدقة الجارية وتعليم الآخرين الخير وبناء المساجد والمدارس
والمستشفيات وغير ذلك. فأداء هذه الأعمال الصالحة من أكبر الإنجازات التي يمكن أن
يحقّقها الشخص.
رابعا: تختلف الإنجازات من حيث
تأثيرها ومستواها وانتشارها، والعاقل من يحرص على أن تكون إنجازاته أكبر حتى تنفعه
في دنياه وآخرته، وحتى يستفيد منها أكبر قدر من الناس. وهذه الإنجازات يمكن أن
يكون أي عمل مفيد ويدخل فيها جميع التخصصات الحياتية مثل الطب والهندسة والإدارة وغير
ذلك. فالذي يخترع مثلا دواء مفيدا يفيد المرضى لا شكّ أنّه حقّق إنجازا عظيما، بشرط
أن يكون فيه عنصر الإخلاص حتى يفيد الشخص في آخرته.
خامسا: الأمر الهام في مسألة الإنجاز
هو الاستمرارية، فقد جاء في الحديث الشريف أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: "أَدْوَمُهُ وإنْ
قَلَّ". (رواه مسلم)، فالأصل أن يحرص الشخص على الإنجازات المتتالية، وليتّذكر
أن كل إنجاز هو إضافة رصيد من الحسنات إلى ميزانه يوم القيامة.
وأخيرا: يحتاج تحقيق الإنجاز المستمر
إلى عوامل مختلفة كالعزيمة والإصرار والإرادة القويّة وقبل ذلك وأثناءه وبعده،
التوفيق من الله تعالى كما قال الله تعالى: "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا
بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود 88).
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع إنجازاته. الأمر الهام هنا هو أن تكون جميع هذه الإنجازات في مجال
مفيد بحيث يفيد نفسه والآخرين. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الثانية عشرة (اصنع قراراتك) - 15 فبراير 2025
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق
النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص
يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد
التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه
وآخرته.
القرارات جزء لا يتجزأ من حياتنا
اليومية حيث أنّنا نقوم باتخاذ قرارات كثيرة في اليوم الواحد وبالتالي نحتاج إلى
صناعة قراراتنا لكي تكون أقرب إلى الصواب والأهم من ذلك أن تفيدنا في حياتنا
وآخرتنا بإذن الله تعالى. ولكي يستطيع الشخص أن يصنع قراراته، فأقترح الوسائل
التالية:
أولا: أهم أمر ينبغي أن يحرص عليه الشخص
هو طلب التوفيق من الله تعالى في جميع قراراته كما قال سبحانه على لسان شعيب عليه
السلام: "وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ" (هود 88)، فتوفيق الله تعالى هو ما يجعل الشخص يتّخذ قرارات صحيحة
خاصة فيما يتعلّق في أمور آخرته.
ثانيا: من الأمور الهامة في مسألة القرارات
الاستخارة، وتتضح أهمية هذه المسألة من خلال الحديث الذي رواه جابر عبد الله رضي
الله عنه حين قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في
الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ) (رواه البخاري). فالاستخارة نوع
من طلب التوفيق من الله تعالى، وبالتالي تزيد نسبة الصواب في القرارات بإذن الله
تعالى. وتزيد أهمية الاستخارة في القرارات الكبرى والمصيرية التي يتخذها الشخص في
حياته.
ثالثا: الاستشارة من الأمور الهامة
كذلك في مسألة اتخاذ القرارات. صحيح أنّ الشخص لا يحتاج للاستشارة في جميع
القرارات ولكن كلّما زادت الاستشارة خاصة في القرارات الكبرى أو المتعلقة
بالآخرين، كان ذلك أفضل. والاستشارة تنبغي أن تكون للأشخاص المناسبين وليس كل شخص
حتى تكون القرارات أقرب إلى الصواب بإذن الله تعالى.
رابعا: الاطلاع والاستفادة من تجارب
الآخرين من أهم الأمور التي تساعد على اتخاذ القرارات الصائبة، وهذا يأتي من
القراءة والسؤال والاستماع إلى العلماء والخبراء وغيرها من الوسائل، فكلّما زادت
المعرفة، كان ذلك أفضل للشخص في اتخاذه للقرارات.
خامسا: دراسة الطرق العلمية لاتخاذ
القرارات من الأمور التي تساعد كثيرا على اتخاذ القرارات الصائبة خاصة أنّ هذا الأمر
أصبح علما وهناك دورات وكتب متعددة تتحدث في هذا المجال، وكلّما اطّلع الشخص أكثر
على هذه الوسائل، كان ذلك أفضل بالنسبة له مع الحرص على تطبيقها قدر الإمكان.
وأخيرا: يجب أن نعلم أنّنا بشر مما
يعني أنّنا نصيب ونخطئ في قراراتنا وبالتالي يجب علينا ألا نُحبَط أو نيأس عندما
نتخذ قرارا غير صائبا وإنّما نتعلم منه ونسعى إلى تنمية أنفسنا في هذا الجانب. ومتى
ما اتّبعنا الوسائل التي ذكرناها سابقا، كانت قراراتنا أفضل بإذن الله تعالى.
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع قراراته. الأمر الهام هنا هو أن يحرص الشخص على أن تكون قراراته
مفيدة قدر الإمكان بحيث يفيد نفسه والآخرين. والحمد لله رب العالمين.
********************************
الحلقة الثالثة عشرة (اصنع دعاءك) - 25 فبراير 2025
الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه
حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات)
والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق
النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص
يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد
التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه
وآخرته.
جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله
عليه وسلم: "الدُّعاءُ هوَ العبادةُ، ثمَّ قالَ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)" (رواه الترمذي). فالدعاء من أهم
العبادات التي حثّ عليها الإسلام من خلال الآيات الكريمة والأحاديث المتعددة التي
جاءت في فضل الدعاء، ولذلك ينبغي على الشخص أن يصنع دعاءه حتى يحصل على ثمراته
الكثيرة من خلال الوسائل المقترحة التالية:
أولا: استشعار لذة الدعاء لأنّ فيه
مناجاة لله تعالى والتذلّل والخضوع له سبحانه، وهذه اللذة جعل الصالحون يحرصون
عليها أشدّ الحرص وعلى رأس هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم القدوة في
الحرص على الدعاء.
ثانيا: الحرص على الدعاء في الأوقات
الفاضلة كالثلث الأخير من الليل والساعة الأخيرة من يوم الجمعة وبين الأذان
والإقامة وغيرها. فهذه الأوقات الفاضلة تزيد صلة العبد بربّه وكذلك يستشعر لذة
الدعاء بشكل أكبر، بالإضافة إلى تحقيق ثمرات متعددة في الدنيا والآخرة.
ثالثا: الحرص على الدعاء في السجود
لأنّه أقرب موضع لله تعالى كما جاء في الحديث الشريف: "أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا
الدُّعاءَ" (رواه مسلم)، فالدعاء في السجود له لذة عظيمة خاصة إن كان في وقت
فاضل كالثلث الأخير من الليل حيث يجتمع قربان، قرب الله تعالى من العبد وقرب العبد
من الله تعالى.
رابعا: الحرص قدر المستطاع على
الأدعية القرآنية والنبوية الصحيحة، فهذه الأدعية جامعة ويتحقق للشخص فيهما خيري
الدنيا والآخرة. ويستطيع الشخص أن يحرص على أدعية معينة بحيث يُكثر منها وتكون على
لسانه دائما، ومثل هذا يؤدّي لأن تكون لهذه الأدعية حبّ خاص ومنزلة خاصة في قلب
هذا الشخص.
خامسا: الالتزام بآداب الدعاء كما
ورد في الأحاديث النبوية يجعل الشخص على الطريق الصحيح في الدعاء وليس كما يفعل
البعض من التعدّي في الدعاء والتكلّف فيه مما يجرّد الدعاء من مضمونه الحقيقي
وهدفه الأسمى.
وأخيرا: ليكن أولويات الشخص في
الدعاء أمور الآخرة، ولا يعني ذلك عدم الدعاء في أمور الدنيا فهذا مطلب شرعي كذلك
من غير إثم أو تعدٍّ، ولكن لا ينبغي أن يطغى ذلك على أمور الآخرة لأنّها الأهم ولتكن
هذه الآية الكريمة هدايةً للشخص دائما: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ
الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" (القصص 77).
توجد بالتأكيد وسائل أخرى يستطيع بها
الشخص أن يصنع دعاءه. الأمر الهام هنا هو أن يحرص الشخص على أن يستشعر لذة الدعاء دائما
بحيث يحصل على ثمراته في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى. والحمد لله رب العالمين.