الجمعة، 30 أغسطس 2024

مشاهدات (138) - أسألك اللهمّ علما نافعا

بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

الإسلام رفع من قيمة العلم ويمكن ملاحظة ذلك بشكل واضح في الآيات الكريمة والأحاديث النبوية المتعددة التي وردت في هذا الأمر، ومع ذلك فقد ركّز النبيّ صلى الله عليه وسلم على العلم النافع في أحاديث متعددة كقوله صلى الله عليه وسلم: "سَلوا اللهَ عِلمًا نافعًا وتعَوَّذوا باللهِ مِن علمٍ لا ينفعُ" (رواه ابن ماجه)، وفي الحديث الآخر: كانَ صلى الله عليه وسلم يقولُ إذا صلَّى الصُّبحَ حينَ يسلِّمُ: "اللَّهمَّ إنِّي أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيّباً وعملاً متقبّلا" (رواه ابن ماجه).

ما هو العلم النافع؟ لا شكّ أنّه إذا بحثنا في الكتب والمقالات وسمعنا المقاطع في هذا الموضوع، فسنجد تعريفات كثيرة وبالتالي قد يرتبك الناس في تحديد إن كان علم ما نافعا أم لا. في وجهة نظري، هناك ثلاثة معايير رئيسة تساعدنا على معرفة العلم إن كان نافعا أم لا، والهدف الأساسي من ذلك هو تطبيق وصيّة الرسول صلى الله عليه وسلم.

- العلم النافع هو الذي يُرجى أن يحصل من خلاله الشخص على أجر من الله تعالى، وبالتالي يترتّب على هذا الأمر أن يكون هذا العلم مشروعا لا يصادم الإسلام ولا يخالف ما قاله الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم.

- العلم النافع هو العلم الذي يفيد صاحبه ويطوّره وينمّيه في دينه وحياته وخاصة في الجوانب الأساسية كالجانب الإيماني والتربوي والأخلاقي والاجتماعي والتقني والإداري وغيرها.

- العلم النافع هو العلم الذي يفيد الآخرين كذلك ويطوّرهم في دينهم وحياتهم وخاصة في الجوانب الأساسية التي ذكرنا أمثلة منها في النقطة السابقة.

لا شكّ أن هناك معايير أخرى تحدّث عنها آخرون ولكنّ الأمر الهام هنا أن يعرض كل شخص نفسه على هذه المعايير ثم يقرّر إن كان سيستمر أو يتوقّف في تعلّم العلوم بناء على هذه المعايير.

قد يقوم شخص ما بخداع الآخرين بأنّ علما ما نافع مع أنّه ليس كذلك، ولكن أين سيذهب هذا الشخص يوم القيامة أمام الله حيث الأمور واضحة وليس هناك أي مجال للخداع؟ التراجع في الدنيا أبسط وأفضل وأضمن للشخص قبل الندم يوم القيامة. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ضاقت عليهم أنفسهم)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 18 أغسطس 2024

مشاهدات (137) - وضاقت عليهم أنفسهم

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

منذ أيام، قرأ إمام مسجدنا في صلاة العشاء آيات من سورة التوبة منها آية قصة الثلاثة المخلّفين: "وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (التوبة 118)، فوقفت عند قوله تعالى: "وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ" وتساءلت، ما الذي يؤدّي إلى ضيق النّفْس؟

بحثت عن أقوال المفسّرين في معنى هذه الآية، فقال الإمام ابن عاشور رحمه الله تعالى: (وضيق أنفسهم استعارة للغم والحزن لأن الغم يكون في النفس بمنزلة الضيق. ولذلك يقال للمحزون ضاق صدره، وللمسرور شُرح صدره)، وقال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: (فضاق عليهم الفضاء الواسع، والمحبوب الذي لم تجر العادة بالضيق منه، وذلك لا يكون إلا من أمر مزعج، بلغ من الشدة والمشقة ما لا يمكن التعبير عنه).

فضيق النّفْس أو الصدر كما عبّر عنه القرآن في آيات أخرى هو شعور بالتألّم والضجر والهمّ والغمّ والحزن، وأسباب ضيق النفْس أو الصدّر متعددة منها الضغوطات التي تحصل للشخص من أسرته أو عمله أو مجتمعه، ومنها ارتكاب المعاصي والمنكرات، ومنها عدم استجابة الناس للأمور التي يراها الشخص صحيحة، ومنها عدم وضوح الأهداف أو الرؤية، ومنها المشاكل المادية التي تصيب الشخص وغيرها.

الأمر الهام هنا هو كيفية التخلّص من هذه المشاعر السلبية حتى لا تؤدّي إلى نتائج كارثية على الشخص. الأمر الأول هو الاستعانة بالله تعالى والإكثار من ذكره وعبادته وهذا ما أمر الله تعالى به نبيّه في القرآن الكريم حين قال سبحانه: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر 97-99)، فهذا العلاج الربّاني هو أقوى العلاجات لضيق النفْس وهو السبيل الذي يؤدّي إلى الاطمئنان والسكينة والسعادة، والأدلّة والأمثلة على ذلك كثيرة من التاريخ القديم والحديث.

من الأمور التي تساعد كذلك على التخلّص من ضيق النّفْس، البيئة الإيجابية الصالحة سواء كان ذلك في الأسرة أو العمل أو الأصدقاء، فهذه البيئة تساعد على خروج هذا الشخص من ضيقه من خلال نصحه أو الخروج معه في رحلة أو برنامج أو غير ذلك.

من الأمور كذلك سماع العلماء وقراءة الكتب المفيدة حيث يمكن لموعظة أو قصّة أو مقولة أن تغيّر الشخص إلى الأحسن. وأيضا، فليتفكّر الشخص في فائدة ما هو فيه من ضيق النفْس وهل هو حقّا مفيد وهل هناك أي نتائج إيجابية من هذا الوضع الذي هو فيه. أغلب الظنّ أنّه لا توجد أية نتائج إيجابية وإنّما هو الحزن والغمّ والهم ولذلك ينبغي الخروج من هذا الوضع بأسرع ما يمكن. بالطبع، ربّما لا يدرك الشخص هذا بنفسه ولذلك فإنّ البيئة الصالحة تلعب دورا كبيرا في ذلك.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (أكبر مكان للعبرة!!!)، يرجى الضغط هنا.

الخميس، 15 أغسطس 2024

سلسلة (صناعات) - سلسلة تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع الشخص أن يصنعها في حياته لكي يحقق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحلقة الأولى (المقدمة) - 15 أغسطس 2024


الحمد لله رب العالمين، له الحمد على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيّدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. أما بعد:

من رحمة الله تعالى بنا أن أعطانا مساحات كثيرة في حياتنا لنتّخذ فيها قرارات مناسبة لنا تفيدنا في دنيانا وآخرتنا، ومع ذلك، لا يأخذ البعض قرارات صحيحة بل وقد لا يعرفون كيف يأخذونا من الأساس ولذلك نرى مشكلات في السعادة والأمل والطموح والقيادة والتطوير الذاتي وقبل ذلك والأهم من ذلك كلّه مشكلات في العلاقة مع الله تعالى.

ولذلك، قرّرت أن أكتب هذه السلسلة بعنوان (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه، وبالطبع ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

هناك صناعات كثيرة يستطيع الشخص أن يصنعها في حياته، وكلّ هذه الصناعات ضمن قدرة الإنسان كما سنرى في هذه الحلقات، فلا نريد في النهاية أمراً مستحيلا يعجز الشخص عن القيام به، وفي نفس الوقت، كل صناعة من هذه الصناعات ستتطلّب جهدا ووقتاً، فالذي يريد التغيير نحو الأفضل لابدّ له أن يبذل الجهد وإلا لصار كل الناس متميّزين وناجحين وهذا غير منطقي.

الهدف هو أن يصبح الشخص بارعا في كلّ أو معظم الصناعات ومتى ما بدأ في صناعة أمر ما، سيبتكر أساليب جديدة ويتطوّر بإذن الله تعالى نحو الأفضل. ربّما يكون الأمر غامضاً للبعض ولكن متى ما بدأنا في سرد الصناعات خلال الحلقات القادمة، ستكون الصورة أوضح بإذن الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يوفّقني لتقديم شيء مفيد وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. والحمد لله رب العالمين.

********************************

الحلقة الثانية (اصنع سعادتك) - 26 أغسطس 2024

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:

مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

السعادة مطلب إنساني يسعى إليها مختلف الناس من الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والرجال والنساء والمدراء والموظفون وغيرهم. وهي من المفاهيم المختلف عليها بين المفكّرين والعلماء، ومهما كان هذا الاختلاف سواء في المعنى أو المصطلحات، فالجميع متّفق على وجود هذا الشعور الجميل.

كيف نصنع سعادتنا؟ أودّ هنا أن أقدّم الأفكار التالية:

أولا: يجب أن نعلم ونتيقّن بأنّ السعادة الكاملة الأبدية هي في الجنّة، وكلّ سعادة في الدنيا لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بسعادة دخول الجنّة والتلّذذ بنعيمها، ولذلك نستطيع أن نفهم ورود كلمة السعادة لمرة واحدة في القرآن الكريم مرتبطة بالجنّة في قوله تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ" (هود 108).

ثانيا: يرتّب على النقطة السابقة، بأنّ سعادتنا في الدنيا هي في الأمور التي توصلنا إلى هذه الجنّة، أي في الأمور التي ترضي الله تعالى من أداء ما أمر به تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي أمور في أيدينا وفي اختيارنا.

ثالثا: ابحث عن سعادتك في الشعائر التعبدية، فبعد الحفاظ على الفرائض، فهناك من يجد سعادته في الصلاة وآخر في الصيام وثالث في ذكر الله تعالى ورابع في تلاوة القرآن وخامس في غيرها. المهّم هنا أن تبحث عمّا يبعث فيك شعور السعادة والسكينة والطمأنينة وحافظ عليها وأكثر منها لكي تزيد سعادتك. وبالطبع، فقد يكون هناك أكثر من عبادة وفي كل ذلك خير.

رابعا: اصنع سعادتك في منزلك وفي أسرتك مهما كان دورك سواء كنت زوجا أو أبا أو أخا أو ابنا – وينطبق هذا كذلك على النساء -، فاجعل منزلك وأسرتك سَكَنا وسعادة من خلال التعامل الحسن والكلمات الطيّبة والبرامج والمشاريع. وكلّ ذلك أمور في أيدينا وفي اختيارنا.

خامسا: اصنع سعادتك في بيئة عملك أو دراستك أو في المجال الذي أنت فيه من خلال وجود الشغف لتحقيق الأهداف المشروعة والتعامل الحسن مع الجميع والمبادرات والاقتراحات ومواجهة التحديات والبعد قدر الإمكان عن المشاكل والمنغّصات.

أخيرا: اصنع سعادتك مع نفسك من خلال وجود أهداف في حياتك في مختلف النواحي والحرص على تطويرها وتنميتها مع وجود الشغف والإيجابية، فالهدف هو في النهاية النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة يستطيع بها الشخص أن يصنع سعادته في أي مكان وحال هو فيه، الأمر الهام دائما هو الحرص على الوسائل التي تؤدّي في النهاية إلى السعادة الأبدية والكاملة. والحمد لله رب العالمين.

********************************

الحلقة الثالثة (اصنع تميّزك) - 15 سبتمبر 2024

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:

مع حلقة جديدة من سلسلة (صناعات) والتي تهدف إلى بيان الأمور التي يستطيع أن يفعلها الشخص في حياته لكي يحقّق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد أسميتها بهذه التسمية لكي أبيّن بأنّ الشخص يستطيع أن يصنع هذه الأمور بمعنى أن يشكلّها بطريقة تناسبه ضمن الضوابط والقواعد التي جاء بها الشرع الحكيم حتى لا ينحرف الشخص عن الصراط المستقيم فيضيّع دنياه وآخرته.

التميّز هو الانفراد بصفة أو عمل أو مهارة عن الآخرين أو هو تجاوز المعايير العادية في أداء عمل أو مهارة ما. فالتميّز مطلب لكثير من الناس وخاصة من يسعى إلى التأثير والفعالية. ولكي يصنع الشخص تميزه، فأقترح الأمور التالية:

أولا: يجب أن يكون التميز في أمر مشروع، وأقصد بالمشروع هنا ألا يخالف ما جاء به الإسلام من أوامر ونواهٍ وألا يخالف قوانين المجتمع أو الدولة، وكذلك لا يخالف أعراف المجتمع والأسرة. قد تكون هناك استثناءات محدودة ولكن الأصل هو ما ذكرناه وإلا صار التميز سلبيا وقد تترتب على ذلك عواقب دنيوية وأخرويّة.

ثانيا: ضرورة وجود رؤية وهدف واضح يسعى إليه الشخص، فهذه الرؤية والأهداف هي ما سيحقق التميز للشخص.

ثالثا: التركيز من أهم قواعد التميز، والتركيز هو توجيه التفكير والنشاطات إلى أمور محددة فلا يضيع جهده ووقته في أمور لا تحقق له رؤيته أو أهدافه.

رابعا: من الأفضل أن يكون التميز في أمر واحد بحيث يركز عليه الشخص ويصرف عليه معظم جهده ووقته، ولكن لا مانع من التميز في عدة أمور إن كان الشخص سيضمن الإنتاجية العالية في كل هذه الأمور مما يتطلب تخطيطا وإدارة عالية للذات وللوقت.

خامسا: لا يعني التميز في أمر ما إهمال الواجبات والفرائض كالشعائر التعبدية والواجبات الأسرية والمهنية، فالأصل هو التميز أولا في هذه الأمور ثم تأتي بعد ذلك الأمور الأخرى، وإن لم يستطع الشخص ذلك فلا أقل من أداء الحد الأساسي من كل أمر.

سادسا: التعلم المستمر جزء لا يتجزأ من التميز، بل إن المتميز يُعرف دائما بالتطور والتجدد ولكي يتحقق ذلك، لا بد من التعلم المستمر بمختلف الوسائل والأدوات.

أخيرا: أهم سؤال ينبغي أن يسأل الشخص نفسه، لماذا أريد أن أتميز؟ هل هو لمرضاة الله تعالى ودخول الدرجات العلا من الجنة ولخدمة العالم والوطن والمجتمع والأسرة أم إنّ المسألة هي للشهرة ولجلب المعجبين والحصول على الأموال والمناصب. لماذا هذا السؤال؟ لأن نفس السؤال سيتكرر يوم القيامة، ومن الأفضل هناك أن تكون الإجابة إيجابية وإلا كانت وبالا على الشخص والعياذ بالله.

توجد بالتأكيد وسائل أخرى كثيرة يستطيع بها الشخص أن يصنع تميزه، الأمر الهام دائما هو الحرص على التميز الإيجابي حتى يحصل الشخص على ثمرات هذا التميز في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين.

الجمعة، 2 أغسطس 2024

مشاهدات (136) - أكبر مكان للعبرة!!!

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

أعرف بأنّ الحديث عن الموت والجنائز والمقابر ليس حديثا شيّقا أو ممتعا ولكنّه ضرورة لنا لكي نتذكّر مصيرنا الحتمي ونعرف حقّ اليقين بأنّنا جميعا على الموت مقبلون وإلى الله تعالى سائرون. ومن خلال زياراتي للمقابر أجد بأنّ تعامل الناس مع هذا المكان المهيب على أنواع مختلفة فمنهم من يعتبر ويتغيّر للأفضل ومنهم من لا يعتبر ويعود لحياته وكأنّ شيئا لم يحدث.

المقابر في وجهة نظري أكبر مكان لأخذ العبرة والعظة خاصة حينما نشاهد كيفية دفن الميّت ووضع التراب عليه ثم طلب الاستغفار والدعاء له بالرحمة والتثبيت عند السؤال. هذا الموقف رسالة واضحة لنا بأن نفهم حقيقة الحياة الدنيا وأنّها مهما طالت فهي قصيرة جدا، والنهاية الحتمية لنا هي هنا في هذا المكان حيث تبدأ حياة جديدة كليّة.

ولكن، هل كلّ الناس يدرك العبرة من زيارة هذا المكان؟ الله تعالى أعلم ولكنّ الظاهر أنّه ليس كذلك فالمتأمل في حال الناس حين زيارة القبور يجد بأنّ البعض يأتي إلى هذا المكان وكأنّه في مناسبة اجتماعية. والبعض الآخر يأتي فقط لتأدية واجب وإظهار نفسه بأنّه حضر الجنازة ومراسم الدفن، أمّا أفضل هؤلاء فهم من يعتبرون ويقفون أمام القبور ليعاهدوا الله تعالى على الاستمرار في عمل الصالحات واجتناب المحرّمات. ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "زوروا الْقُبُور، فَإِنَّهَا تذكّر فِي الدُّنْيَا وتذكّر الْآخِرَة" (رواه ابن ماجه).

صحيح أنّنا نرى وقت الجنائز أشخاصا لم نرهم من زمن ونريد أن نسلّم عليهم بل ونفرح لرؤيتهم وهذا لا يضرّ بإذن الله تعالى، ولكن لا ينبغي لذلك أن ينسيَنا عن الهدف الأساسي من زيارة المقابر وهو العبرة والعظة والأهمّ من ذلك هو الأثر الذي ستتركه هذه الزيارة على حياتنا في تغييرنا إلى الأفضل بإذن الله تعالى. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الأمنيات الخمس!!!)، يرجى الضغط هنا.