بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الأولى (المقدمة)
تأملت
في هذه الحياة الدنيا وتأملت في الناجحين والفاشلين، فوجدت سمة مشتركة بينهم، وهو التحدي، فالناجح يتخطى التحديات الموجودة، والفاشل
يتوقف عند التحديات ولا يستطيع تخطيها. بل أكثر من ذلك، فالأمة التي تتخطى
التحديات هي الأمة التي ستنهض وستقود البشرية لأن الأمة التي تستطيع قهر التحديات
هي أمة قوية.
أحببت
أن أبدأ سلسلة جديدة أسميتها ب(تحديات)
لأنني أؤمن بأن الحياة كلها عبارة عن تحديات وما لم نتخط هذه التحديات فلن نستطيع
أن ننجح أو نتميز. وكما هو معلوم لدينا بأن هدفنا الأسمى بعد رضا الله تعالى هو
دخول الجنة، وطريق الجنة مليء بالتحديات حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "حجبت
الجنة بالمكاره".
أهدف
من خلال هذه السلسلة بإذن الله تعالى أن أبيّن بعض التحديات التي تواجه الإنسان في
حياته وكيف يستطيع التغلب عليها، وبالتالي يضع لنفسه منهجا واضحا للتغلب على كل التحديات
الكثيرة الموجودة في الحياة.
أسأل
الله العظيم أن يوفقني لكتابة هذه السلسلة وأن يرزقني الإخلاص فيها، وأن نكون
جميعا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن نساهم جميعا في نهضة الأمة
الإسلامية من جديد. والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثانية (تحدي النية)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله
الذي بيده ملكوت كل شيء، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا
الله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وسيد الخلق أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نتعرف فيها على بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته في سبيل الوصول إلى
الجنّة، ومواجهة هذه التحديات هي التي تحدد المتميز من غيره، أو لنقل بعبارة أخرى،
هي التي ترفع درجة الشخص في الجنّة.
التحديات كثيرة في الحياة، ولكنني
أعتبر أن هناك تحدّ صعب ينبغي لمن أراد المعالي أن يواجهه، ألا وهو تحدي (النية).
لعل من أصعب الأمور التي واجهت
الصالحين من قبل وتواجهنا نحن أيضا، مسألة النية أو الإخلاص، فقبول الأعمال مرتبط
بهذا العمل، فمتى صلحت النية، كان أدعى لقبول العمل عند الله تعالى، والتحدي في النية أن الشخص يجب عليه أن تكون نيته خالصة لوجه
الله تعالى قبل وأثناء وبعد العمل، فالأمر يحتاج إلى مجاهدة كبيرة
ومعركة كبيرة مع الشيطان، وصدق الرجل الصالح حين قال: "ما رأيت مثل نيّتي، من
كثرة ما تتقلب عليّ".
متى استطاع الشخص أن يجتاز هذا
التحدي، كان في طريق التميز في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
نسأل الله أن يرزقنا
الإخلاص والصدق في جميع الأقوال والأفعال، وأن نكون من الذين يستمعون القول
فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثالثة (العبادات التي فيها تحدّ للنوم)
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك ذو
الجلال والإكرام، الحمد لله الذي يسّر لنا طاعته، وأرسل رسوله بالحق بشيرا ونذيرا،
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وسيد ولد آدم، محمد بن عبد الله، عليه
أفضل السلام وأتمّ التسليم، أمّا بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
تأملت في العبادات المختلفة، فوجدت
منها اليسير ومنها الصعب على النفس، ولكني وجدت نوعا من العبادات تشكّل تحديا
كبيرا للشخص، وإذا استطاع الشخص تجاوز هذا التحدي استطاع أن يحصل على الأجر العظيم
من الله تعالى. هذه العبادات هي التي فيها تحدٍّ للنوم.
تأملوا معي في هذه العبادات ومدى قلة
الناس فيها لتجدوا مقدار التحدي الموجود، وتجدوا في المقابل مقدار الأجر الكبير
الذي وضحّه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وسأقف معكم على ثلاث أمثلة.
الأول هو صلاة الفجر،
والأغلب يعرف الأجر الكبير لصلاة الفجر وذلك لأن الشخص يتحدى نفسه ويقوم من فراشه
ويذهب ليؤدي هذه الصلاة.
المثال الثاني هو قيام الليل
وخاصة في الثلث الأخير، وفيها تحدٍّ كبير جدا للنفس ولذلك وضعها النبي صلى الله
عليه وسلم في مقدمة النوافل حيث قال صلى الله عليه وسلم: "وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل".
رواه مسلم
المثال الثالث هو الاعتكاف
بعد صلاة الفجر حتى الشروق، ولا شك أن هذا فيه أيضا تحدٍّ كبير
للنفس لأن النوم ممتع بعد صلاة الفجر، ولذلك أيضا وضع النبي صلى الله عليه وسلم
أجرا كبيرا لمن أدّى هذه العبادة، حيث قال: "من
صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر
حجة و عمرة تامة تامة تامة" (صحيح الجامع).
هذه بعض الأمثلة
وغيرها الكثير ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى تخطي هذه التحديات في هذه الدنيا
حتى ندخل جنة ربنا بسلام وننال الفردوس الأعلى بإذن الله تعالى. والحمد لله رب
العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الرابعة (تحدي الأخلاق)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من سلسلة
(تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته
وكيفية مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
أحيانا أتساءل، هل هناك تحدٍّ في التحلي بالأخلاق؟ بمعنى أنّه هل من
السهولة أن يكون الشخص صادقا، أمينا، وفيّا إلى آخر ذلك من الأخلاق؟ أتوقّع – في
وجهة نظري – أن هناك بعض الأخلاق تسهل التخلق بها والبعض الآخر – وهي الأغلب –
فيها تحدّ للنفس ولذلك وضع لها الإسلام أجرا كبيرا وعظيما.
مثلا، خلق الصدق من أكثر الأخلاق التي
يحث عليها الإسلام، والمتأمل في واقع الناس يرى الكذب منتشرا – وللأسف- على جميع
المستويات، فالصدق من الأخلاق التي يجب أن يتحدى فيها الشخص نفسه لأن الواقع في
كثير من الأحيان يخبرك بأنه لو كذبت فسيهل لك الطريق وستحصل على ما تريد، ولكن
الشخص لو ربط نفسه بالآخرة لوجد أنه بصدقه قد يخسر في هذه اللحظة ولكنه سيفوز في
النهاية.
والأمثلة في الأخلاق الأخرى كثيرة،
منها الأمانة وضدها الغش، وكظم الغيظ وضدها الغضب، والإيثار وضدها الحرص، والتواضع
وضدها التكبر، وغيرها من الأخلاق الحميدة وما تضادها من الأخلاق السيئة.
ولعلنا
نفهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن
المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم والقائم". رواه أبو داود وابن
حبان في صحيحه. نفهم الأجر العظيم لصاحب الأخلاق الحسنة لأن فيها تحدٍّ كبير
للنفس، والتحديات دائما كما ذكرنا يقابلها أجر عظيم إن تغلّب عليها.
نسأل
الله تعالى أن يرزقنا أخلاقنا حميدة ويبعد عنّا الأخلاق الذميمة وأن يجعلنا من
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الخامسة (تحدي كظم الغيظ)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
كنت
تحدثت في الحلقة الماضية عن التحدي في الالتزام بالأخلاق الحميدة، ولعلي أقف اليوم
مع خلق عظيم كنت قد أشرت إليه بعجالة في الحلقة الماضية، وهو كظم الغيظ.
التحدي في كظم الغيظ أو بعبارة أخرى عدم الغضب،
تحدي صعب على كثير من الناس، خاصة أن هناك أمورا كثيرة تسبب غضب الشخص في حياته
اليومية، وأنا أعتقد بأن الشخص يحتاج إلى تدريب كثير ومحاسبة شديدة وقبل ذلك توفيق
من الله تعالى لكي لا يغضب.
تأمل
في الأحداث اليومية التي تحصل حولك، في الشارع مثلا، ترى أن الكثير من الناس يغضب
في بعض الأحيان لأتفه الأسباب، وأيضا في مكان العمل والدراسة والبيت وغيرها من
الأماكن.
الغضب
الذي نتكلم عنه بالطبع هو الغضب الشخصي أي الذي يمسّ الشخص نفسه أو يحاول الانتقام
لنفسه، والبديل عن الغضب هو كظم الغيظ أي أن لا يغضب الشخص لنفسه بل يكظم
هذا الشعور الذي يصيبه ويحتسبها عند الله عز وجل، ولأن هذا فيه تحدّ كبير للنفس،
فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم أجرا كبيرا لكظم الغيظ، قال صلى الله عليه وسلم:
"من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله
سبحانه على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء". رواه أبو
داود والترمذي وحسنه.
هناك
أيضا الغضب المحمود، وهو الغضب الذي
يحدث إذا انتهكت حرمات الله تعالى أو حصل مكروه لأمة الإسلام، ولكن ينبغي أن يدفع
هذا الغضب الشخص إلى التصرف بحكمة وليس بتهور.
نسأل
الله تعالى أن يهدينا إلى أحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يرزقنا
الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السادسة (تحدي سلامة الصدر)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله
الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
وقفت
على حديث شريف يشير فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة بأنه سوف يخرج
عليهم رجل من أهل الجنة واستمر هذا الأمر لثلاثة أيام متتالية، وتبعه بعد ذلك عبد
الله بن عمر – أو عبد الله بن عمرو في بعض الروايات الأخرى – والذي يعنيني من هذا
الحديث قول الصحابي في نهاية الحديث :غير أني لا أجد
على أحد من المسلمين في نفسي غشاً ولا حسداً على خيرٍ أعطاه الله إياه، قال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي
لا نطيق. (صحّح الحديث بعض أهل العلم).
تحدٍّ
كبير نواجهه في حياتنا، وهو تحدي سلامة الصدر، هذا الأمر الذي يحتاج إلى
جهاد كبير للنفس حتى يتحقق، وكما قال عبد الله بن عمر وهو يحكي على لسان كثير من
الناس: هي التي لا نطيق، أي هي صعبة جدا على الناس، وبالفعل، فنحن في زمن
نتعرض فيه لأنواع مختلفة من الأذى والظلم، وإنني على يقين بأن كل منّا قد ظُلِمَ
في أمر ما، أو تعرض لأذى ما، أو على الأقل رفع أحدهم صوته عليه بقصد أو بغير قصد،
والسؤال هنا، هل بقي في النفس شيء على صاحب الظلم أو الأذى؟ هل في النفس حقد على
هذا الشخص؟ أعتقد بأننا لو اتبعنا منهج هذا الصحابي الذي بشّره الرسول صلى الله
عليه بأنه من أهل الجنّة لكان خيرا لنا في دنيانا وأخرانا.
الأمر
فيه تحدًّ كبير ولكن من أراد الفردوس الأعلى فعليه أن يجاهد نفسه ويتخطّى هذه
التحديات.
وأنصح
دائما بالحرص على الدعاء الجميل: "ولَا
تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ
رَّحِيمٌ" (الحشر 10).
نسأل
الله التوفيق والسداد في جميع أمورنا، وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السابعة (تحدي الخشوع في الصلاة)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على
نعمه الظاهرة والباطنة، والشكر له سبحانه على جميع آلائه، والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من
سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه
الشخص في حياته وكيفية مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
نحن في معركة دائمة مع الشيطان ،
وبالتالي التحديات معه كثيرة جدا، ومتى ما استطعنا التغلب عليه، فسنكون قد فزنا
فوزا كبيرا، ولكن متى تنتهي هذه المعركة؟ لا تنتهي المعركة إلا بالموت والانتقال
إلى الدار الآخرة، وبالتالي فإن التحديات دائما مستمرة لأن الشيطان قد تعهّد بأن
يقف في طريق المسلم حتى يموت، وإذا استطاع المسلم أن يجتاز تحدّ معين، كان له
الشيطان في تحدّ آخر وهكذا.
لعل من أكبر التحديات التي تواجهنا في
حياتنا، بل وتواجهنا في اليوم الواحد خمس مرات على الأقل، تحدي الخشوع في الصلاة.
الخشوع
من أهم الأمور التي يجب على الشخص الاهتمام بها، لأن مقدار الأجر في الصلاة يعتمد
عليه، تأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن
الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها،
ثلثها، نصفها". رواه أبو داود والنسائي. وهذا دليل بأن هذا التحدي
صعب جدا لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أعلى درجة من درجات الخشوع هو
النصف.
وسبحان
الله، ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا عجيبا عن الخشوع حيث قال: "أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا"
رواه الطبراني بإسناد حسن. وهذا يدل على أن التحدي عظيم جدا والقلة هم الذين
ينجحون في هذا الاختبار.
علينا
أن نجاهد أنفسنا كثيرا وبشكل مستمر في التغلب على عدم الخشوع، وهناك وسائل متعددة
لذلك، منها الاستعداد المناسب للصلاة ومنها التبكير ومنها استشعار بأن هذه الصلاة
قد تكون آخر صلاة.
نسأل
الله أن يوفقنا لطاعته واجتناب معاصيه وأن يعيينا في معركتنا مع الشيطان، وأن
يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثامنة (تحدي اليقين)
الحمد
لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره، ومن الذنوب والمعاصي أستغفره، أحمده تعالى
حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلّي وأسلّم على نبيه ومصطفاه، الرحمة
المهداة والنعمة المسداة، خير البشر وسيد ولد آدم أجمعين، محمد بن عبد الله وعلى
آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
ولازلنا
نسوق بعض التحديات التي تواجه المسلم في حياته، هذه التحديات التي يتخطاها البعض
ويعجز البعض الآخر عن تخطيها، نقف اليوم مع تحدّ جديد، ربّما لم يخطر هذا التحدي
على بال الكثيرين، وأنا أعتبرها تحدّ عظيم جدا، التحدي الذي نتحدث عنه هو تحدي اليقين.
نعم،
هذا التحدي يسقط فيه كثير من الناس. وربّما تكون الصورة غير واضحة، لذلك دعونا
نضرب بعض الأمثلة على هذا التحدي.
اليقين
باليوم الآخر ووجود الجنة والنار،
وقد يستغرب الكثيرون من هذا المثال لأنهم يعتبرون هذا من البديهيات، ولكن الواقع
يشهد غير ذلك، فبسبب نقص هذا اليقين، نقبل على كثير من السيئات ونقصّر في كثير من
الطاعات، ألم يكن هذا اليقين هو السبب في تسابق الصحابة على الطاعات والابتعاد عن
المحرمات؟ ألم يكن هذا اليقين هو السبب في مسارعة الصالحين من قبلنا إلى لزوم
الطاعات واجتناب السيئات بل وفي بعض الأحيان الابتعاد عن المباحات خشية الوقوع في
الحرام؟
التحدي
هنا في تذكّر هذا الأمر دائما، لأن ذلك ليس بالأمر اليسير خصوصا أن الشيطان يسعى
جاهدا بأن ينسينا.
مثال
آخر على اليقين، وهو اليقين بأن بعد العسر يسر وفرج، وقد صرّح الله
ذلك بقوله: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً،
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" (الشرح 5،6)، وقال في آية أخرى
:"سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً"
(الطلاق 7). هذا اليقين فيه تحدّ كبير لأنه حينما تشتد المصائب قد ييأس الشخص من
الفرج، وللأسف هذا حال الكثيرين.
نحتاج
إلى اليقين بكل شيء قاله الله تعالى وقاله نبيه صلى الله عليه وسلم،
فأبوبكر الصديق مثلا كان على يقين بفتح فارس والشام رغم ارتداد جزيرة العرب
بأكمله، فقط لأنه سمع ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم. وهكذا كان كل الصحابة
والصالحين من بعدهم.
فعلا،
الأمر فيه تحدّ كبير ويحتاج إلى مجاهدة النفس والشيطان وسؤال الله تعالى دائما
التوفيق.
نسأل
الله تعالى أن يوفقنا إلى طاعته وأن يرزقنا اليقين والإخلاص، والحمد لله رب
العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة التاسعة (تحدي القراءة)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
مع
حلقة جديدة من سلسلة (تحديات) والتي نتناول فيها بعضا من التحديات التي
تواجهنا في حياتنا والتي إذا استطعنا التغلب عليها، أصبحنا متميزين في الدنيا
والآخرة بإذن الله تعالى.
التحدي
الذي سأتحدث عنه اليوم، سقط فيه كثير من المسلمين للأسف، لأنهم اعتبروه بلا قيمة
ولم يدركوا أهميته الكبرى في تقدم الشعوب، في حين أقبل عليه الغرب وأصبحوا مثلا
يقتدى به بعد أن كان المسلمون الأوائل هم المثل الأعلى في هذا الأمر.
القراءة، هو التحدي الذي نتحدث عنه اليوم،
والعجيب أنها لم تكن تحديا عند المسلمين الأوائل، فقد أدركوا قيمتها وأهميتها
فأقبلوا عليها وأنتجوا وألّفوا وكانت الأمة الإسلامية في طليعة الأمم في العلم
والثقافة.
أمّا
الآن، فمع كثرة الملهيات واهتمام الناس بالأمور التافهة، لم يجدوا وقتا للقراءة –
كما يزعمون – وأصبحت القراءة عملة نادرة وصعبة بين المسلمين.
القراءة
هامة جدا لمن أراد أن يرتقي بفكره وثقافته وعلمه، وهي هامة كذلك لمن أراد أن يؤثر
وينتج، والذين يحتجون بقلة الأوقات، نقول لهم: إذا كانت القراءة تمثّل لكم شيئا
هاما وقيّما في حياتكم فستجدون وقتا لها، أمّا إذا كانت في هامش الاهتمامات، فمن
الطبيعي أن تقولوا أنّه ليس هناك وقت.
أصبح
الغرب – وللأسف – يفوقوننا في هذا المجال، فتجد أن القراءة أصبحت جزءا من حياتهم،
فهم يستثمرون أي وقت فراغ في القراءة. ولا أريد أن أكون سلبيا إلى درجة كبيرة،
لأنني ألاحظ أن معدل الإقبال على القراءة زادت في الفترة الأخيرة وخاصة مع انتشار
معارض الكتاب والتي تشهد إقبالا جيدا من الناس. ولكننا نحتاج إلى أعداد أكبر من
القرّاء حتى نصل بإذن الله إلى أن يقرأ المسلمين جميعهم.
نسأل
الله تعالى أن يوفقنا إلى كل خير وأن يوفقنا إلى القراءة المفيدة وأن نكون من
الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة العاشرة (تحدي التخطيط الشخصي)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد،
مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض
التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
كنت
أتساءل دائما، لماذا كثير من الأشخاص غير منجزين؟ لماذا بعض الناس ينتجون والكثير
لا ينتج؟ ثم استطعت الوصول إلى بعض الأسباب لعل من أهمها عدم التخطيط. ولذلك فإني
أعتبر التخطيط الشخصي تحدٍّ كبير لم يستطع
كثير من الناس مواجهته، وبالتالي لم يستطيعوا الإنجاز أو الإنتاج، وإن استطاع
البعض منهم ذلك فلفترة محدودة أو متقطعة.
لماذا
لا نخطط لأنفسنا لتحقيق إنجازات معينة؟ العملية سهلة أكثر مما نتوقع، ولعل البعض
استصعب الأمر حينما سمع عن التخطيط في المؤسسات، ولكن الجانب الشخصي بسيط جدا، فقط
أمسك ورقة وقلم واكتب ما الذي تريد أن تفعله غدا، أو ما الذي تريد أن تنجزه في هذا
الأسبوع، في هذا الشهر، في هذه السنة وهكذا.
قد
يكون الأمر صعبا في البداية، ولكن كما قلنا فإن التخطيط الشخصي عبارة عن تحدي،
وبالتالي هناك صعوبة بعض الشيء، ولكن مع التعود فإن الأمر يصبح سهلا ويسيرا، ومع
التخطيط المستمر وطلب التوفيق والعون من الله تعالى فإن الإنجازات ستتوالى بإذن
الله تعالى.
اكتب
مثلا – وبأي صيغة تراها مناسبا – أن أحافظ على الصلوات الخمس جماعة في المسجد طوال
الأسبوع، اكتب مثلا، أن أتواصل مع اثنين من زملائي غدا، أكتب مثلا، أن أمارس الرياضة
عشرين مرة في الشهر.
عندما
نكتب الأهداف فإن شعورا ما يدفعنا إلى تحقيق هذه الأهداف ،
وحتى إذا أخفقنا في تحقيق بعض الأهداف، فلنستمر في التخطيط لأن لنا أجرا على النية
بإذن الله تعالى، ولنسع جاهدين إلى المحاولة من جديد وتحقيق الأهداف.
نسأل
الله تعالى أن يوقفنا إلى صالح الأعمال والأقوال وأن نكون من الذين يستمعون القول
فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الحادية عشرة (تحدي استثمار الوقت)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد،
مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض
التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
لعل
السؤال الذي تساءلت عنه في الحلقة الماضية عن سبب كون كثير من الناس غير منجزين،
يجرُّنا بالحديث عن تحديات كثيرة في وجه هذا الأمر، ولعل أبرز تلك التحديات، تحدي استثمار الوقت.
حياتنا
هي عبارة عن أوقات نمضيها، وكل الناس بلا استثناء لها برنامج معين في قضاء هذه
الأوقات،سواء بالمفيد أو بغيره، وحتى الشخص الذي ينام طوال اليوم، فإنه قرّر بأن
يقضي وقته طوال اليوم في النوم.
إن
أبرز ما يعين على استثمار الوقت بالمفيد هو وجود همّ
يحمله الشخص يسيطر عليه في جميع أوقاته، وهذا الهمّ واضح عند الدعاة
وكذلك عند أعداء الأمة، فالداعية الذي يحمل همّ أن يحرص الناس على صلاة الفجر،
فإنه يستثمر وقته في إيجاد الوسائل لحث الناس على أداء صلاة الفجر. وكذلك الوضع
لأعداء الأمة، فالذين عندهم همّ لإفساد شباب المسلمين، يستثمرون أوقاتهم في الليل
والنهار، فقط ليبدعوا وسائل جديدة لإفساد الشباب.
ووسيلة
عملية أخرى لاستثمار الوقت، وهو حساب الإنجاز الشخصي
في اليوم، فاليوم عبارة عن أربع وعشرين، والمطلوب حساب الوقت الذي
استغرقه الشخص في اليوم لتحقيق إنجازات معينة، وكلمة إنجاز تعني تحقيق شيء
مفيد، يفيد النفس ويفيد المجتمع، فالصلاة إنجاز، والذكر إنجاز، والنصيحة
إنجاز، والجلوس مع الأهل إنجاز، وهكذا، وفي نهاية اليوم يقوم الشخص بحساب إنجازه
في اليوم ليرى مدى استثماره لوقته.
نسأل
الله تعالى أن يعيننا على استثمار الوقت بكل مفيد ولنتذكر بأننا محاسبون على كل
لحظة من أعمارنا. عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل
عن، عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه،
وعن جسمه فيم أبلاه." رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
والحمد
لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثانية عشرة (تحدي الاستمرار)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، لك الحمد
يا ربنا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
أتحدّث
اليوم عن تحدٍّ كبير ينجح فيه القليل ويفشل فيه الكثير – للأسف -. ويبرز هذا
التحدي بالذات بعد مواسم الطاعة كرمضان والحج وغيرها من الأوقات. هذا التحدي هو تحدي الاستمرار.
الاستمرار
على مشروع معين – بالطبع المفيد منها – ليس بالأمر اليسير وهو عبارة عن تحدّ
يواجهه الشخص في حياته، أتحدث هنا عن كثير من الأشخاص يبدأ مشروعا أو يضع لنفسه
هدفا معينا، فتراه متحمسا في البداية ثم ما يلبث أن يقل هذا الحماس حتى ينتهي
المشروع أو الهدف دون أن يحققه الشخص أو يحقق بعضا منه.
والأمثلة
على ذلك كثيرة جدا، فمن شخص وضع لنفسه هدفا أن يقرأ القرآن كل يوم، فتراه يبدأ
بداية قوية، ثم بعد فترة، تراه لم يفتح المصحف لأيام.
وآخر
قد وضع مشروعا لتخفيف وزنه باتّباع نظام غذائي معين وأداء الرياضة، فيبدأ ثم ما
يلبث أن يعود لسابق عهده.
وآخر
قررّ ترك التدخين، فيتركه لفترة ثم يعود إلى سابق عهده، والأمثلة على ذلك كثيرة
جدا.
وفي
الناحية الأخرى، فهناك أناس يضربون أروع الأمثال في الاستمرار على أمر معين أو
مشروع ناجح، وقد تستغرب منهم أحيانا عندما تسمع أنه مستمر على أمر معين لسنوات
طويلة.
وحتى
نستطيع التغلب على هذا التحدي، فإنني أنصح بأمرين اثنين، الأول هو مجاهدة
النفس في الاستمرار واستشعار حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ"
(رواه مسلم والإمام أحمد). وثاني الأمور هو الدعاء وطلب الله تعالى
العون الدائم والتوفيق بالاستمرار على أي مشروع.
أسأل
الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد وأن نكون هداة مهتدين غير
ضالين ولا مضلّين، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الثالث عشرة (تحدي التركيز)
الحمد لله رب العالمين، مالك الملك ذو
الجلال والإكرام، الحمد لله الذي وفقنا لطاعته، وأرسل رسوله بالحق بشيرا ونذيرا،
والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وسيد ولد آدم، محمد بن عبد الله، عليه
أفضل السلام وأتمّ التسليم، أمّا بعد:
مع
حلقة جديدة من سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات
التي تواجه الشخص في حياته وكيفية مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
في
كل مرة أقوم فيها بالتفكير لعرض تحدّ معين، أتأمل في واقع الناس، وما الذي يجعلهم
ناجحين أو غير ناجحين، فالناجحون استطاعوا التغلب على التحديات وغيرهم توقفوا عند
عقبات معينة فلم يصلوا إلى النجاح الذي يطمحون إليه.
التحدي
الذي سأتكلم عنه اليوم، يعتبر أساسا من أساسيات النجاح، التحدي هو تحدي التركيز.
نعم
هذا التحدي خطير جدا، والذي يستطيع أن يحقق هذا الأمر فسوف يحقق نجاحات هائلة.
ولماذا التركيز عبارة عن تحدي؟
لأن
الكثير من الناس يعيش على العموميات ولا يعرفون إلى أين يتجهون في حياتهم، وما
الذي ينبغي أن يركزوا عليه أو بالمصطلح الحديث، ما الذي يجب أن يتخصصوا فيه؟.
إن الحديث ليس عن التخصص أو التركيز على شيء معين في الحياة الجامعية – مع أن هذا
الأمر مهم – ولكنه التركيز على شيء معين في الحياة بحيث يكون هذا شغله الشاغل. والناظر
إلى حياة الصحابة والصالحين من بعدهم وكذلك الناجحين من غير المسلمين يجد بأنهم قد
ركزّوا على أمر معين فبرزوا وأبدعوا فيه.
الشخص
الذي يريد أن يركّز في أمر معين، عليه أن يدرس
نفسه أولا، بمعنى أن يعرف قدراته الأساسية ومن ثم يطوّرها، ومن ثم يضع لنفسه خطة وأهداف – بسيطة وغير معقدة
وطموحة – بحيث يسير في مجال معين ويركز فيه.
والمتأمل
في حياتنا اليوم، يجد بأن الذين ركزوا على أمر معيّن في حياتهم وبذلوا من أجله
الكثير هم الأشخاص الناجحون في الحياة وهم الأشخاص الذين يتجه إليهم الناس في
الغالب.
بقي
أن نقول بأن نقصد من كلامنا كله، بأن التركيز ينبغي أن يكون في شيء مفيد،
يفيد الشخص نفسه ويفيد أمته، وليس في أمر يعود ضرره على الشخص، إن لم يكن
في الدنيا، ففي الآخرة والعياذ بالله تعالى.
نسأل
الله التوفيق والسداد في جميع أمورنا، وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الرابع عشرة (تحدي التوازن)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي هدانا لهذا
وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وسيد ولد
آدم أجمعين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
لا
زلنا نتابع معكم تحديات جديدة في سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى
بيان بعض التحديات التي يواجهها الشخص في حياته لكي يتخطاها ويكون في طريق
الناجحين والمتميزين بإذن الله تعالى.
التحدي
الذي سنتحدث عنه اليوم، تحدّ صعب على الكثيرين، والقليلون من الناس هم الذين نجحوا
في تخطي هذا التحدي، التحدي هو (تحدي التوازن).
التوازن
ليس أمرا سهلا، فهو يتطلب جهدا كبيرا، وقبل ذلك يتطلب فهما عميقا للدين والحياة.
وحينما جاء الإسلام، حثّ على التوازن في جميع الأمور، ولعل من أمثلة ذلك قول الله
تعالى في قضية الإنفاق: "وَالَّذِينَ إِذَا
أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً"
(الفرقان 67)، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للثلاثة الرهط الذين جاؤوا
يسألون عن عبادته، فقال لهم: "لكني أصوم وأفطر
وأصلي وأرقد وأتزوج النساء". (البخاري).
إذا
مطلوب من المسلم التوازن بين عبادته وأمور حياته، بين علاقاته وإنجازاته، بين
حياته الشخصية وحياته مع العامة، وخلاصة ذلك الأمر "لا إفراط ولا تفريط"
في جميع أمور الحياة.
إن
الشخص المتوازن في حياته يحقق نجاحات كثيرة، ويفرض شخصيته على الكثيرين بعكس
المُفْرِط أو المُفَرّط الذي لا يستطيع تحقيق كثير من الأمور.
التوازن
في الحياة أمر يتحقق بالتدريب عليه وبالقراءة الكثيرة وسماع العلماء الذين تكلموا
في هذه المسألة، وقبل ذلك طلب الإعانة من الله تعالى بأن يعينه على ذلك.
نسأل
الله التوفيق والسداد في جميع أمورنا، وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الخامس عشرة (تحدي الدنيا)
الحمد
لله على إحسانه، والشكر له على نعمه وآلائه، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
مع
تحدّ جديد في سلسلة (تحديات) والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات
التي تواجه الشخص في حياته لكي يتعرف عليها أولا ويعرف حقيقتها ثانيا ومن ثم يعرف طرق
التغلب عليها لكي يصل بعد ذلك إلى الجنة بإذن الله تعالى.
تحدثنا
عن تحديات كثيرة في الحلقات الماضية، وفي كل مرة نكتشف أنّ التحديات الموجودة ليست
بالسهلة وتحتاج إلى جهد وعمل للتغلب عليها، وكم رأينا من أشخاص توقفوا عند هذه
التحديات ولم يستطيعوا التغلب عليها وبالتالي وقعوا في أخطاء كثيرة وابتعدوا شيئا
فشيئا عن طريق الجنة.
التحدي
الذي سوف نتكلم عنه اليوم، تحد خطير، بل إنني أعتبره أخطر وأقوى التحديات على
الإطلاق، إنه تحدي الدنيا، بل إن شئت قل
فتنة الدنيا.
هذا
التحدي الذي لم ينج منه إلا القليل، وإذا لم يربِّ الشخص نفسه على كيفية مواجهة
هذا التحدي فإنه سيقع فيه لا محاله، كيف لا والصحابة الكرام الذين هم خير الخلق
بعد الأنبياء وقعوا في هذه الفتنة العظيمة وكان ذلك واضحا في غزوة أحد.
فتنة
الدنيا تشمل المال والجاه والحرية وغيرها مما يفتقده بعض المسلمين في هذه الأزمان،
ولكن التاريخ يثبت بأنه بعد فترة من الضيق والشدة على المسلمين، تُفتَح عليهم
الدنيا، ولكن بعد فترة قليلة ينهار المسلمون والسبب الأول هو الدنيا.
النبي
صلى الله عليه وسلم حذّر المسلمين من هذه الفتنة حين قال: "فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم
كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم".
رواه البخاري ومسلم.
إذا
ما هو الحل؟ الحل يمكن في معرفة قيمة هذه الدنيا وأنها يجب أن تكون في اليد لا في
القلب، والآيات الواردة في بيان حقيقة الدنيا كثيرة منها قوله تعالى: "أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ" (التوبة
38). وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :"لو
كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرا منها شربة ماء."
رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ولا
يُفهم أبدا التحذير من الدنيا بأن المسلم ينبغي له العزلة وعدم البذل، كلا، ولكن
عليه العمل والبذل والتميز والإتقان في أمور الدنيا ولكن كل ذلك في سبيل مرضاة
الله عز وجل وليس من أجل الدنيا.
وأختم
بقول الله تعالى مبينا ما ينبغي للمسلم فعله، "وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا
وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77).
نسأل
الله أن يقينا فتنة الدنيا وأن نكون من العاملين لمرضاة الله تعالى، وأن يرزقنا
الإخلاص والصدق في القول والعمل. والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السادس عشرة (تحدي الحكمة)
الحمد
لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، الحمد لله على جميع نعمه الظاهرة
والباطنة، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أمّا بعد:
حلقة
جديدة من سلسلة (تحديات)، هذه السلسلة التي أسعى من خلالها إلى بيان بعض
التحديات التي تواجه الشخص في حياته، وهدفي في النهاية أن نسعى جميعا إلى تخطي هذه
التحديات للوصول إلى التميز في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
تحدي الحكمة هو التحدي الذي سأتحدث عنه في هذه
الحلقة، ولماذا اعتبرتُ الحكمة تحدِّ؟ ببساطة لأن أغلب الناس ليسوا حكماء في
تصرفاتهم أو مواقفهم اتجاه الأمور. وبالتالي فإن الاتصاف بهذا الخلق عبارة عن
تحدي، ولذلك نجد بأن الحكماء في زماننا معدودين ومعروفين بين الناس وغالبا ما يشار
إليهم بالبنان.
الحكمة
لها تعريفات كثيرة، ولعل أبرزها هي التصرف المناسب في الظرف المناسب، ومن
هنا نجد بأن كثيرا من الناس لا يتصف بالحكمة، وأبرز مظاهر عدم الحكمة هو إطلاق
الأحكام من موقف واحد، أو اتخاذ قرار مباشر نتيجة ردة فعل، أو عقاب شخص بمجرد
الخطأ وهكذا من الأمور.
الحكمة
تكتسب بأمور كثيرة، ولكنها في المقام الأول توفيق من الله تعالى، ولذلك قال
سبحانه: "يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ
وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً " (البقرة
269).
ويأتي
بعد هذا التوفيق أمور كثيرة، فمنها التعلم من التجارب والأخطاء، ويحتاج الشخص فيها
إلى دراسة هذه التجارب حتى يكتسب خبرة منها وبالتالي يتصرف بحكمة في المواقف اللاحقة.
ومنها
قراءة التاريخ ودراسته ومعرفة مواقف الناس وخاصة الشخصيات المؤثرة في التاريخ.
ومنها الجلوس مع كبار السن والذين لهم تجارب كثيرة في الحياة ويعرف عنهم الحكمة.
وأخيرا معرفة الطرق العلمية لاتخاذ القرارات وحل المشكلات فإن ذلك يساعد كثيرا على
الحكمة في التصرف.
نحتاج
إلى الحكمة في تصرفاتنا وفي مواقفنا وفي جميع أمورنا، وهذا الأمر ليس بالأمر السهل
ولكنه يحتاج إلى تعلم وتدريب، وهي في النهاية تحدٍّ.
ولبيان
أهمية الحكمة في حياتنا، تأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في
الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها". رواه البخاري
ومسلم.
أسأل
الله أن يوفقنا إلى كل خير وأن يرزقنا الحكمة في جميع أمورنا، وأن نكون من الذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة السابع عشرة (تحدي الرضا)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي أنعم علينا بنعم كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، لك
الحمد يا ربنا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد، مع حلقة جديدة من سلسلة (تحديات)
والتي نسعى من خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية
مواجهتها وعبورها بإذن الله تعالى.
نقف
اليوم مع تحدّ يواجه كثيرا من الناس في حياتهم، وهذا التحدي له معان دقيقة وقد
وُضع في بعض الأحيان في غير موضعه. التحدي هو الرضا.
ولماذا
قلنا بأن هذا الأمر يشكل تحديا للناس؟ لأن الكثيرين من الناس يسخطون على أبسط
الأمور ولا ينظرون للنعم الكثيرة التي يمتلكونها ولا يوجد عند الكثيرين غيرهم.
تأمل مثلا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما
حيزت له الدنيا بحذافيرها". (الترمذي). أليست النعم الكثيرة التي
نملكها والتي أعطاها الله تعالى لنا مدعاة لنا بأن نرضى؟ ومهما كنّا في ظرف معيّن
قد نحسبه سيئا بالنسبة لنا، تأكّد بأنك هناك الكثيرين غيرك ممن هم أسوأ منك بكثير.
أليس هذا مدعاة لنا بأن نرضى بما أعطاه الله لنا؟
وتأمل
في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "إنّ
عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رَضي فله الرضا،
ومن سخط فله السخط". (ابن ماجه والترمذي).
إذا
فحياتنا عبارة عن ابتلاءات متتالية سواء كانت بالسرّاء والضرّاء وذلك ليختبرنا
الله تعالى، فإذا كان السخط والشكوى الدائمين هما ديدن الشخص دائما، فإن العاقبة
هي السخط من الله عز وجل والعياذ بالله.
وكم
هو جميل قول النبي صلى الله عليه وسلم حين قال عن الرضا: "وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس".
(الترمذي). فالغنى الحقيقي في التخلّق بهذا الخلق العظيم خلق الرضا.
وقبل
أن أختم، ذكرت في البداية بأن معنى الرضا وضعه بعض الناس في غير موضعه، فأحب أن
أنّبه على معنيين رئيسين وهما:
أن
الرضا في الإسلام مرتبط بالطموح وليس بالسكون والكسل،
فلا يُعقل أن يظل الشخص في بيته من غير عمل وهو يقول بأنه راض بما قسم الله له،
وإنما يجب عليه العمل والبذل والاجتهاد مع الرضا بما سيؤتيه الله تعالى من نتائج
هذا العمل والبذل.
والأمر
الثاني، وهو مسألة الرضا عن المنكرات الموجودة أو الظلم الواقع على فئة ما،
فهذا لا يّسمى رضا وإنما ذل وخنوع، فينبغي التحرك بالطرق المشروعة وبما أمر
الله تعالى وبه ورسوله في سبيل إزالة هذه المنكرات.
أسأل
الله أن يوفقنا إلى هذا الخلق العظيم وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلقة الأخيرة (تحدي الإيجابية)
الحمد
لله رب العالمين، الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلا، الحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا
الله، لك الحمد يا ربنا على جميع النعم ما ظهر منها وما بطن. والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
مع
كل سلسلة أكتبها، أفكّر دائما، كيف سأختم هذه السلسلة؟ ما هو المعنى الذي
سأطرحه لكي يكون ختاما لهذه السلسلة، والحمد لله الذي يوفقني لاختيار معنى مناسب
لختام كل سلسلة أكتبها.
اليوم،
أنا معكم في الحلقة الأخيرة من سلسلة (تحديات)، هذه السلسلة التي سعيت من
خلالها إلى بيان بعض التحديات التي تواجه الشخص في حياته وكيفية مواجهتها وعبورها
بإذن الله تعالى.
وفي
حقيقة الأمر، لم تكن كتابة هذه السلسلة سهلة بالنسبة لي، لأنني شعرت بأن كل تحدٍّ
أكتبه، عبارة عن تحدٍّ لي قبل أن يكون للقرّاء، وما يزال الطريق طويلا ومليئا
بالتحديات وأسأل الله أن يعيننا جميعا على التغلب على هذه التحديات.
مررنا
في هذه الحلقات على تحديات كثيرة، فقد ذكرت ستة عشر تحديا، وأختم هذه التحديات
بالتحدي السابع عشر، ألا وهو تحدي الإيجابية.
بالنسبة
لي، فإن هذا التحدي من أكبر التحديات التي تواجه الشخص في حياته، لأنه إذا استطاع
عبور هذا التحدي كان ما وراء أسهل بإذن الله تعالى.
ما
هي الإيجابية؟ الإيجابية هي شعور يدفع إلى عمل شيء مفيد يترك أثرا، فالإيجابية
عبارة أولا عن شعور داخلي يتحرك في الشخص. فالشعور هو الذي يحرّك الدافعية في
الشخص لعمل أمر ما، ولا شك بأن هذا الشعور شعور ايجابي لأن النتيجة هي عمل مفيد،
وهذا العمل المفيد يترك أثرا سواء على المستوى الشخصي أو الخارجي.
وثانيا،
لماذا هو تحدي؟ لأن الرسائل والممارسات السلبية في المجتمع كثيرة جدا،
والشخص الذي لا يستطيع دفع هذه الرسائل سيقع بلا شك فريسة للسلبية. وأخطر آثار هذه
السلبية أنها لا تؤثر فقط على الشخص وحده، بل يتعدى إلى الآخرين، لأن السلبيين في
الغالب لا يرضون هذا الأمر لأنفسهم، بل ويريدون أن يكون الجميع سلبيون.
الإيجابية
عبارة عن تحد خطير، والشخص الذي يستطيع تجاوز هذا التحدي، يكون قد خطا خطوات واسعة
في طريق الإنجاز والتأثير والنهضة، وقبل ذلك كله، طريق العلاقة مع الله تعالى.
أحببت
أن أختم هذه السلسلة بهذا التحدي، لكي أوجه رسالة للإيجابيين في كل مجتمع، بأن لا
تلتفوا للسلبيين وللرسائل السلبية، فأنتم على الطريق الصحيح والعاقبة دائما
للمتقين الصادقين الإيجابيين.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيينا على تخطي جميع
التحديات في هذه الدنيا وأن نكون من أهل الفردوس الأعلى من الجنة، وأن نكون ممن
يساهمون في نهضة هذه الأمة، كما أسأله تعالى أن يؤجرنا على هذه السلسلة وأن نكون
من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق