بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.
استوقفتني جملة نبوية جميلة في حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظلّه حيث ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من جملة هؤلاء: "وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِد" (متفق عليه)، وسأقف مع هذه الجملة بعض الوقفات في النقاط التالية:
أولا: قرأت في إحدى شروحات هذه العبارة من موقع (الدرر السنية): أنّ الشخص المتعلّق قلبه بالمساجد هو (شَديدُ الحُبِّ والتَّعلُّقِ بالمساجِدِ، يَتردَّدُ عليها، ويَكثُرُ مُكثُه فيها، مُلازِمًا للجَماعةِ والفرائضِ، ومُنتظِرًا للصلاةِ بعْدَ الصلاةِ، كأنَّ قَلبَه قِنديلٌ مِن قَنادِيلِ المسجِدِ).
ثانيا: السؤال الهام هنا، لماذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الفئة من جملة الذين يظلّهم الله تعالى في ظلّه؟ لا شكّ أنّ هناك حِكَم كثيرة ولكن في وجهة نظري أنّ من أهمّ الأسباب مكانة وقدر المسجد في الإسلام حيث أنّه "أحبُّ البِقاعِ إلى اللهِ" (رواه مسلم) وفيه تقام أعظم شعائر الإسلام وأفضل العبادات وهي الصلاة وفيه يُقرَأ القرآن الكريم ويُذكر الله تعالى أي الأمور التي يحبّها الله تعالى.
ثالثا: لا شكّ أنّ الذي يحرص على بناء المساجد أو يشارك في بنائها يكون قلبه معلّق بالمساجد كذلك. وهذا الأمر مُشاهد لدى الأشخاص الذي يتبرعون بكثرة في بناء المساجد. هذا غير الأجور العظيمة الأخرى المترتبة على بناء المساجد.
رابعا: من الأسباب كذلك أنّ الشخص المعلّق قلبه بالمساجد، معلّق قلبه كذلك بالصلاة وبالحرص عليها وعلى أدائها في أوقاتها وهذا لا شكّ فضل عظيم وأجر كبير للشخص لما للصلاة من منزلة عالية ومكانة عظيمة في الإسلام.
خامسا: يحتاج الشخص إلى جهد كبير جدا لكي يجعل قلبه معلّق بالمساجد لأنّ مشاغل الدنيا وملهياتها كثيرة وهي تجذب الشخص بقوة لكي يأتي إلى المسجد ويخرج منه بأسرع ما يمكن وبالتالي يحتاج الشخص إلى إرادة قويّة وعزيمة جبّارة لكي يجعل قلبه يتعلّق بالمسجد ويحبّه ويشتاق إليه.
وأخيرا: أعتقد أنّه يجب أن نحرص على أن نكون من إحدى الأصناف الذين يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم القيامة ونجعل ذلك هدفا أساسيا في حياتنا وأولوية لنا لأنّ الموقف يوم القيامة كما ورد سيكون شديدا وعصيبا وسنحتاج بشدة إلى أن نكون في ظلّ الله تعالى ولذلك فالحرص على أن نكون من إحدى هذه الأصناف سيجعلنا في موقف مريح بإذن الله تعالى. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.
لقراءة المقالة السابقة (عام آخر من أعمارنا)، يُرجى الضغط هنا.