بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو
أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد
يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على
كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت
عليّ.
بحثت عن معنى كلمة (اللحظة) في معجم المعاني فكان المعنى
أنّها الوقتُ القصيرُ بمقدارِ لَحْظِ العيْن، وتُستَخدم اللحظة كذلك للوقت
القصير جدا. والحقيقة هي أنّ هذه اللحظات هي ما تشكّل حياتنا وأعمارنا. فهذه
اللحظات القصيرة عندما تجتمع مع بعضها البعض، فإنّها تشكّل وقتا أطول.
كل لحظة من حياتنا عبارة عن نعمة من الله تعالى لأنّها
تعطينا فرصة لأن نستزيد من الحسنات والطاعات. وقد يقول قائل: كيف ذلك؟ خاصة أنّ
اللحظة عبارة عن وقت قصير جدا. نقول بأنّ اللحظة وراء اللحظة تشكّل وقتا وهذا ما
يمكننا استثماره، فما لم نركّز على لحظاتنا فإنّنا لا يمكننا استثمار أوقاتنا.
هذه اللحظات سنُسأل عنها يوم القيامة بكل تفاصيلها كما جاء في الحديث الشريف: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ...الحديث" (رواه الترمذي)، فأول سؤال هو عن العُمُر، وكم سيكون موقف الشخص جيّدا عندما يعلم بأنّه أحسن استثمار لحظات عمره في الدنيا، وعلى الجانب الآخر، سيكون موقفه صعبا جدا إذا لم يحسن استثمار لحظاته في الدنيا فيما يرضي الله تعالى.
نستطيع في لحظاتنا أن نفعل الكثير والكثير، فمجال الأعمال الصالحة واسع جدا، بل وهناك أعمال يسيرة يستطيع بها الشخص أن يملء لحظاته مثل ذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم. وحياة العلماء مليئة بمثل هذا الاستثمار الدقيق للحظات لأنّهم عرفوا قيمتها وأنها سبب في زيادة حسناتهم ورفعة درجاتهم يوم القيامة.
وهنا تأتي روعة القرآن الكريم في حثّنا على استثمار
لحظاتنا من خلال أساليب متنوعة منها بيان ندم أولئك الذين لم يحسنوا استثمار لحظاتهم
في الدنيا فيكون ندمهم شديدا جدا يوم القيامة كما قال سبحانه على لسانهم: "يَقُولُ
يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" (الفجر 24) وفي الآية الأخرى: "حَتَّى
إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ
صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن
وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100) ولا شكّ
أنّنا لا نريد أن نكون من هؤلاء فنكون في موقف عصيب والعياذ بالله تعالى.
وحتى لا يكون الأمر مجرّد كلام نظري، نحتاج حتى نستثمر لحظاتنا إلى وضع أهداف وخطط يومية وشهرية وحياتية ثم متابعة هذه الأهداف والخطط وتقييمها بشكل مستمر، فبهذه الطريقة نستطيع أن نضمن ولو بشكل بسيط أنّنا في الطريق الصحيح. والتوفيق أولا وأخيرا من الله تعالى وحده وبالتالي لا بدّ لنا من طلب المعونة منه سبحانه دائما وأبدا، والحمد لله رب العالمين.
لقراءة المقالة السابقة (وقفة مع أبيات شعرية)، يُرجى الضغط هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق