الأربعاء، 31 مايو 2023

مشاهدات (111) - الموهبة وحدها لا تكفي

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

أخذت عنوان هذه الحلقة من كتاب قرأته سابقا للمؤلف الأمريكي جون ماكسويل كان بعنوان (ما بعد الموهبة)، ونفس الكتاب متوفر كذلك بعنوان آخر هو (الموهبة لا تكفي أبدا). فكرة الكتاب هي أنّ الموهبة وحدها لا تكفي بل لابدّ للشخص من بذل الجهود حتى يستثمر ويطوّر موهبته أو مواهبه التي لديه.

وأنا أفكّر في هذا المقال، مرّ على بالي منتخب البرازيل لكرة القدم، ربّما لأنّ البرازيل بالذات مليئة بالمواهب الكروية والأسماء أكثر من أن تُحصى على مرّ التاريخ وفي كل بطولة لكأس العالم يكون المرشّح رقم واحد أو من المرشّحين الأوائل للفوز، ولكنّ الواقع يقول بأنّ البرازيل لم تفز بكأس العالم منذ أكثر من عشرين سنة، فرغم وجود المواهب إلا أنّها لم تشفع لمنتخب البرازيل بالفوز في مرّات عديدة.

في بيئة العمل، هناك الكثير من المواهب غير المعروفة التي لو ظهرت أو تهيّأت لها الفرص لساهمت بشكل كبير في تطوّر العمل وحصول المزيد من الإنجازات، فهل المشكلة هنا من القادة والمدراء الذين لم يتيحوا الفرص لهذه المواهب بالظهور، أم المشكلة من الموظّف نفسه الذي لم يظهر موهبته؟ ربّما يتحمّل الطرفان المسؤولية.

أما في الأسرة، فأعتقد أنّ الدور الأكبر على الوالدين في اكتشاف وتنمية مواهب الأبناء ويكون ذلك منذ الصغر. وقد سمعت مؤخّرا قصة الإمامين مالك بن أنس والشافعي رحمهما الله تعالى وكيف ساهمت أمهاتهم في اكتشاف وتنمية مواهبهم منذ الصغر حتى أصبحوا بهذه المنزلة العالية في زمانهم وإلى زماننا هذا.

الكتاب الذي كتبه جون ماكسويل يذكر فيه ثلاثة عشر أمرا يقوم به الشخص لاستثمار وتطوير مواهبه مثل الإيمان والشغف والتركيز والتعلّم والمسؤولية وغيرها. المهم هنا هو بذل الجهد وعدم الاعتماد فقط على الموهبة. نعم، الشخص الموهوب في جانب معيّن له ميزة على غيره ولكن إن لم يطوّرها فلن تنفعه الموهبة كثيرا وسيتأخر عن أقرانه ممن يبذلون الجهود ويتعلّمون.

أعتقد أننا كآباء وقادة ومدراء نحتاج أن نتثقّف في كيفية إدارة المواهب حتى نحصل بعد توفيق الله تعالى على نتائج إيجابية من الأبناء أو الموظفين أو أعضاء الفرق. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (زادك الله حرصا ولا تعد)، يُرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 16 مايو 2023

مشاهدات (110) - زادَك الله حِرْصَا ولا تَعُد

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

جاء في الحديث الشريف أن الصحابي الجليل أبا بَكْرَة رضي الله عنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع (أي وجد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حال الرُّكوع في الصلاة)، فركع دون الصَّف ثم مَشَى إلى الصَّف (أي بَادر بالرُّكوع قبل أن يَصل إلى الصَّف لأجل أن يدرك الرَّكعة، ثم مَشَى إلى الصَّف وهو راكع، حتى دخل مع المأمومين في الصِّف) فلما قَضَى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: "أيُّكم الذي ركع دون الصَّف ثم مَشَى إلى الصَّف؟ فقال أبو بَكْرَة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "زادَك الله حِرْصَا ولا تَعُد" (رواه أبوداود).

لهذه الجملة النبوية (زادَك الله حِرْصَا ولا تَعُد) تطبيقات عملية في حياتنا حيث يريد البعض تحقيق أهدافه ولكن بطرق غير مناسبة أو مشروعة أو صحيحة سواء كان ذلك جهلا كما حدث مع الصحابي الجليل رضي الله عنه أو عمدا وهذا لا شك أمر خطير.

فحتى لو كان الهدف ساميا أو إيجابيا، فينبغي أن تكون الوسائل المؤدية إليه سليما وصحيحا ولا تخالف النظم واللوائح والمصلحة العامة وإلا فلن يكون مقبولا. ففي مجال العمل، يحرص البعض على الترقية أو الحصول على الجوائز والمكافآت وهذا لا شك هدف مشروع، ولكن أن يقوم الشخص بوسائل غير مشروعة للحصول على هذه الأهداف مثل الغش والخداع والظلم فهذا لا شك غير مقبول.

وينطبق نفس الأمر للوالدين اللذين يريدان تربية أبنائهما، فقد يريدان تربية أبنائهما على الصلاة أو القرآن أو الأخلاق الحميدة ولكن قد يقومان بوسائل غير مناسبة كالضرب والعقاب والمنع، وهذا لا شك غير مقبول ولن يحقق الهدف المطلوب بل وقد يأتي بنتائج عكسية. الجهل يزول بالعلم والمعرفة وهذا يمكن تحقيقه بوسائل كثيرة مثل القراءة وحضور الدورات وسؤال الخبراء وغيرها.

(زادَك الله حِرْصَا ولا تَعُد) منهج حياة وضعه لنا النبي صلى الله عليه وسلم حتى نكون دائما على الطريق الصحيح. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)، يُرجى الضغط هنا.