الخميس، 29 ديسمبر 2022

مشاهدات (104) - ماذا تعلّمت من كأس العالم؟ الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

أكمل في هذه الحلقة بعض الأمور التي تعلمتها من بطولات كأس العالم لكرة القدم والتي تُعتبر حدثاً عالمياً لها اهتمام كبير من مختلف أنحاء العالم ووسائل الإعلام وتحدث فيها أمور كثيرة أعتبرها بمثابة استفادات نستطيع أن نستفيد منها في حياتنا في سبيل تحقيق التميز والنجاح سواء في حياتنا الشخصية أو على مستوى الأسرة والعمل. فمن هذه الاستفادات:

- العبرة دائما في الخواتيم، ولعلّ كثيرا من المباريات تثبت هذه المقولة حيث لا يستطيع أحد أن يضمن أو يتوقع أي نتيجة حتى صافرة الحكم النهائية، وكم رأينا من منتخبات استطاعت تحويل النتيجة في الدقائق الأخيرة. فالأصل هو العمل وبذل الجهد حتى النهاية وهذا بالضبط ما يريده الله تعالى منّا في حياتنا كما قال سبحانه: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر 99)، واليقين هنا هو الموت. فالمطلوب هو العبادة والعمل حتى آخر لحظة من حياتنا حتى يُختم لنا بخير بإذن الله تعالى.

- التاريخ هام ومن الجميل التفاخر بالتاريخ المشرق كما تفعل كثير من المنتخبات ولكن في نفس الوقت، لن يشفع هذا التاريخ المشرق إن كان الأداء سيّئا كما رأينا ذلك في كثير من المباريات حيث تتغلب منتخبات ليس لها تاريخ كبير على منتخبات عريقة، بل قد لا تتأهل منتخبات يُفترض أنّ لها تاريخ مشرق من الأساس لكأس العالم أو للأدوار المتقدمة. الأصل هو الاستفادة من دروس التاريخ ولكن يبقى العمل في الوقت الحالي هو الأساس دائما.

- تلعب الأرقام والإحصائيات دورا كبيرا التوقعات والتحليلات، وشخصيا أستمتع كثيرا بالإحصائيات المختلفة والمقارنات التي تحصل عبر السنين المختلفة. وهذا يؤكّد أهمية هذا العلم ليس فقط في مجال كرة القدم وإنما في جميع مجالات الحياة. فالإحصائيات والأرقام لها دور كبير في التطوّر والنمو ووضع الأهداف والخطط الصحيحة.

- واحدة من أسوأ الظواهر التي تحصل في البطولات العالمية وتظهر بشدة في كأس العالم، ظاهرة التعصّب. والمتعصّب لأفكاره في إحدى تعريفاته هو الشخص شَدِيدُ التَّعَنُّتِ، لاَ يَتَنَازَلُ عَنْ أفكاره وَلَوْ مَعَ ظُهُورِ بُطْلاَنِهَا، وَيَنْظُرُ إِلَيْهَا بِإِعْجَابٍ شَدِيدٍ (معجم المعاني). وينطبق كذلك نفس الشيء في كرة القدم على المتعصّب للاعب أو منتخب أو مدرّب حيث تجد الشخص يدافع عن هؤلاء بكلّ ما أوتي من قوة ولو أخطؤوا أو أظهروا أمورا سلبية بالإضافة إلى الحزن والغضب الشديد وقت الخسارة. التعصّب في أي أمر شيء سلبي ينبغي الابتعاد عنه والأصل هو الوقوف مع الأمور الصحيحة وتجنّب الأمور الخطأ.

هذه بعض الأمور التي استفدتها من بطولات كأس العالم ولعلّ هناك الكثير من الاستفادات الأخرى التي تحدّث وكتب عنها آخرون. الأمر الهام دائماً هو أن نسعى للاستفادة من أي حدث بطريقة إيجابية. والله الموفّق إلى كل خير، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ماذا تعلمت من كأس العالم؟ الجزء الأوّل)، يُرجى الضغط هنا.

الاثنين، 19 ديسمبر 2022

مشاهدات (103) - ماذا تعلمت من كأس العالم؟ الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كأس العالم لكرة القدم أكبر من مجرّد حدث رياضي ولذلك تجد اهتماما كبيرا به من العالم، وبالنسبة لي شخصيا، فقد تعلّمت أمورا متعددة من كأس العالم ولذلك فكّرت أن أؤلّف مستقبلا كتابا بعنوان (ماذا تعلّمت من كأس العالم؟). ومرة أخرى، أودّ التأكيد - كما ذكرت في المقالة السابقة - بأنني لست بصدد تحليل المباريات ومستويات اللاعبين والمنتخبات، فهناك أشخاص أكثر خبرة ومعرفة يقومون بهذا الأمر، هذا بالإضافة إلى أنّ أمر التحليل منتشر بكثرة في هذه الأيام في مختلف وسائل الإعلام وبالتالي يمكن الرجوع إلى هذه التحليلات.

هدفي الأساسي هو ربط الأمور التي تحدث في هذه المناسبة العالمية مع ما يساعدنا على تحقيق التميز والنجاح سواء في حياتنا الشخصية أو على مستوى الأسرة والعمل. ومن خلال متابعتي لكؤوس العالم المختلفة، تعلّمت أمورا متعددة، ودعوني هنا أشارككم بعض ما تعلمته:

- مع كل بطولة كأس العالم، تزداد دور التقنيات وأهميتها والهدف هو مساعدة الجميع وخاصة الحكّام في الخروج بأقل قدر من الأخطاء وبأفضل قرارات ممكنة والأمثلة على ذلك متعددة كتقنية الفيديو (الفار) ودخول الكرة المرمى من عدمها واحتساب التسلل وغيرها. وهذا لا شك مجال واسع لشركات التقنية بالمساهمة في هذا المجال وإبراز ابتكارات واختراعات جديدة.

- لا يمكن بأي حال من الأحوال الاتفاق على كل شيء ولو كان واضحا للبعض وضوح الشمس، وقد ذكرت هذا الأمر في مقالات سابقة مؤكدا قوله تعالى: "وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود 118). فوجهات النظر دائما مختلفة سواء في مستوى اللاعبين أو الجوائز المعطاة أو أجمل الأهداف وغيرها، ولذلك فالأصل هو احترام الآراء المختلفة مهما كانت والمناقشة بأسلوب علمي وأخلاقي حتى لا يؤدّي الأمر إلى ما أسوأ من مجرد خلاف في وجهات النظر.

- متابعة المباريات وتشجيع المنتخبات واللاعبين لا يعني بأنّنا نؤيدهم في كل ما يفعلونه، فهناك لا شك ظواهر وأخلاقيات سيئة تظهر من بعض اللاعبين أو الجماهير لا نؤيّدها بالكلّية بل ووجب التنبيه إليها والحذر من بعضها خاصة لصغار السن ممن يتابعون المباريات.

- العمل الجماعي قوة، وهذا العمل الجماعي يظهر من الجميع ابتداء باللاعبين في الملعب ومرورا بالمدرب والأجهزة الفنية والإدارية ولاعبي الاحتياط وانتهاء بالجماهير. وهذا العمل الجماعي من الأسباب الرئيسة للانتصار ولكنّه في نفس الوقت ليس السبب الوحيد إذ يجب اجتماع عوامل متعددة بجانب العمل الجماعي لتحقيق الانتصار.

- بجانب العمل الجماعي، فالمواهب تلعب دورا كبيرا بالفوز والحسم ولذلك لا ينبغي أبدا تجاهل هذا العامل المهم في أي فريق. واللاعبين الموهوبون معروفون وهم الذين يملكون مهارات تساعدهم في أداء دورهم بشكل أفضل من الباقيين في أي مركز كانوا. وهذا الأمر ينطبق على المؤسسات حيث أنّ المواهب لهم دور أساسي في تحقيق الإنجازات ولذلك وجبت رعايتهم وتقديرهم من القادة.

الدروس والعبر التي يمكن تعلمّها من هذا الحدث العالمي متعددة ولعلّي أكمل في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى بعض الدروس الأخرى التي تعلّمتها. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (استفادات من كأس العالم)، يُرجى الضغط هنا