الثلاثاء، 30 يناير 2024

مشاهدات (127) - التحفيز الخارجي والداخلي

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

هل التحفيز الخارجي أهم أم الداخلي؟ هذا السؤال من الأسئلة التي ترد كثيرا عند الناس عند حضور دورة أو قراءة كتاب عن التحفيز. وقبل أن نجيب على هذا السؤال ينبغي لنا أن نتعرّف أولا على معنى التحفيز.

التحفيز بحسب تعريف موقع (هارفرد بيزنس ريفيو) هو الرغبة في التصرف أو التحرك نحو تحقيق هدف معين. والتحفيز من المفاهيم الهامة جدا التي يحتاجها جميع الناس سواء كانوا صغارا أو كبارا، طلابا أو موظفين، أبناء أو آباء، لاعبين أو مدرّبين. الجميع يحتاج إلى التحفيز ولكنّ السؤال الهام يبقى، كيف يمكن الحصول على هذا التحفيز؟

التحفيز يمكن أن يأتي بأشكال مختلفة مثل رسالة شكر أو كلمة ثناء أو هدية أو مبلغ مالي أو شهادة تقدير أو غيره. قال صلى الله عليه وسلم: "ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تُكافِئوه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأْتُموه" (صحيح الترغيب). ولذلك، فالتحفيز الخارجي هام وينبغي أن يحرص عليه الوالدان في المنزل مع أبنائهم والقادة في أعمالهم مع الموظفين والمدربون في فرقهم مع اللاعبين. وهذا التحفيز ينبغي أن يكون متنوعا حتى تؤتي نتائجها المرجوّة.

ومع هذه الأهمية الكبيرة للتحفيز الخارجي، فإنّ التحفيز الداخلي أكثر أهمية ولذلك لأنّه أدعى للاستمرار مع الشخص بعكس التحفيز الخارجي الذي قد لا يكون دائما. أمّا التحفيز الداخلي، فمادام أنّ الشخص يحمله، فإنّ أثره يكون أقوى دائما.

كيف يتكوّن التحفيز الداخلي؟ غالبا من خلال هدف أو مشروع يحمله الشخص ويسعى لتحقيقه، ولذلك كان دخول الجنّة هو المحفّز الأكبر للصالحين في القديم والحديث والذي دفعهم لعمل الصالحات بشكل مستمر والصبر على التحديات والمشقّات في الحياة سواء كان ذلك في تربية الأبناء أو العمل أو الحياة بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، فهناك عظماء ومؤثّرون في الحياة ممّن حملوا أهدافا ومشاريع كمساعدة المحتاجين والضعفاء أو بناء مدارس ومستشفيات أو تعليم الآخرين أمورا تفيدهم في حياتهم أو خدمة المجتمع والوطن أو اختراع أمر يفيد البشرية أو غيرها. فهذه الأمور تشكّل تحفيزا داخليا للشخص يساعده على إكمال المشوار بإيجابية وتخطّي الصعاب والعقبات المختلفة.

ومن الفوائد الهامة للتحفيز الداخلي أنّه يساعد الشخص على النهوض من الإحباط الذي قد يصيبه في أي فترة لأي سبب كان. الخلاصة هنا أنّ كلا النوعين من التحفيز (الخارجي والداخلي) هام مع وجود أثر أقوى للتحفيز الداخلي. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وما توفيقي إلا بالله)، يُرجى الضغط هنا.

الخميس، 18 يناير 2024

مشاهدات (126) - وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ

بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

صدق الله تعالى حين قال في كتابه الكريم على لسان نبيّه شعيب عليه السلام: "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ" (هود 88). فالتوفيق منّة من الله تعالى على عبده بحيث يلهمه طريق الخير وييسّر أموره ويسدّد خطاه ويسدّ عليه طريق الشر والسوء. قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: (أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير، والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي).

هذا التوفيق له صور كثيرة في الحياة، فأداء الصلوات في أوقاتها وقراءة القرآن الكريم وذكر الله تعالى والدعاء توفيق من الله تعالى، والإنفاق في سبيل الله تعالى ومساعدة المحتاجين والضعفاء توفيق من الله تعالى، والتبسّم في وجوه الآخرين والكلمة الطيّبة والمعاملة الحسنة والأخلاق الكريمة توفيق من الله تعالى، وبرّ الوالدين وصلة الأرحام والتميّز في العمل والتربية الإيجابية للأبناء توفيق من الله تعالى.

هذه بعض صور التوفيق للشخص في حياته، بل أكثر من هذا، فإنّ من توفيق الله تعالى للشخص أن يحسن خاتمته وهذا من أفضل أنواع التوفيق وهو أمنية الصالحين والصالحات في القديم والحديث. تأمّل هذا الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ قِيلَ: كيفَ يَستعمِلُهُ؟ قال: يُوفِّقُهُ لعملٍ صالِحٍ قبلَ الموْتِ ثمَّ يَقبِضُهُ عليهِ" (صحيح الجامع).

نحن كمسلمين، نحتاج إلى توفيق الله تعالى في حياتنا كلّها، في عباداتنا وتعاملاتنا وقراراتنا وتربيتنا وأعمالنا وأقوالنا. فالوالدان في المنزل والمعلّم في المدرسة والطالب في الصفّ والموظّف في عمله والمدير في إدارته والرياضي في ملعبه والتاجر في تجارته. كلّ هؤلاء وغيرهم يحتاجون إلى توفيق الله تعالى لكي ينجحوا ويتميّزوا ويحقّقوا أهدافهم والأهم من ذلك أن يفلحوا في الآخرة.

أما إن لم يتحقق لنا التوفيق، فسنخطئ كثيرا وربّما نتسبّب بالمشاكل وتأتي لنا العقبات والتحدّيات من حيث لا نعلم. عدم التوفيق هذا يكون كذلك في أقوال غريبة وسيّئة تصدر من الشخص أو في قرارات غير صائبة أو في تصرّفات غير جيّدة. هذا غير عدم التوفيق للعبادات والطاعات كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (حتى تتيقّن أن المسألة هي مسألة توفيق انظر إلى الذكر من أسهل الطاعات، لكن لا يُوَفّق له إلا قليل).

والحصول على هذا التوفيق له وسائل كثيرة كطلب التوفيق من الله تعالى والتقوى وعمل الصالحات وغيرها، ولذلك جاء من الأدعية النبوية الجميلة قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي" (رواه مسلم). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (هل الخطة الشخصية ضرورة؟)، يرجى الضغط هنا.