الخميس، 28 ديسمبر 2023

مشاهدات (125) - هل الخطة الشخصية ضرورة؟

بسم الله الرحمن الرحيم  

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ونحن نقترب من نهاية عام 2023م وبداية عام 2024م، يكثر الحديث عن الخطط والأهداف سواء على مستوى الحكومات أو المؤسسات أو المستوى الشخصي. لا شكّ أنّ وجود الخطط على مستوى الحكومات أو المؤسسات أمر لا مفرّ منه لكي تتميّز وتنجح ولذلك فهي موجودة بشكل تلقائي في أغلب الحكومات والمؤسسات سواء تمّ تطبيقها أم لا. المهمّ أنّ الخطة تكون موجودة.

أما على المستوى الشخصي، فهنا أطرح هذا التساؤل: هل وجود الخطة الشخصية ضرورة للتميز والنجاح؟ وهل يمكن تحقيق الأهداف بدون خطة مكتوبة؟ الحقيقة التي يجب أن نعرفها أنّ الخطة عبارة عن وسيلة وأداة لوضع الأهداف وتوزيعها ومتابعتها وتقييمها وغير ذلك، وأثبتت هذه الوسيلة فعاليتها بشكل كبير في تحقيق الأهداف والنجاح والتميز.

بالطبع، لا أتحدّث هنا عن كيفية وضع الخطة أو طريقتها لأنّ هناك طرق ومدارس كثيرة لكيفية وضع الخطط الشخصية. أتحدّث هنا عن وجود خطة مكتوبة للشخص. صحيح أنّها في النهاية وسيلة ولكنّ البديل إلى الآن غير موجود أو قد يكون موجودا ولكنّه غير منتشر أو فعّال وبالتالي فوجود خطّة مكتوبة أساس هام من أساسات النجاح والتميّز.

هل يمكن تحقيق الأهداف من غير خطة مكتوبة؟ بالطبع نعم وهناك أمثلة على ذلك وقد يكون هؤلاء الأشخاص لهم تأثير كبير أو حتى متميّزين ولكن من خلال ملاحظاتي فإنّني لاحظت بأن معظم هؤلاء له مشروع أو هدف واحد كبير يقوم بتكراره وبالتالي لا يحتاج إلى خطة مكتوبة لوضع هذا الهدف.

ومع ذلك، فإنني أعتقد بأنّ الخطة المكتوبة ضرورة لأنّ الشخص له أدوار متعددة في الحياة ويحتاج في كل دور إلى تحقيق بعض الأهداف. وأعني هنا بالأدوار ما يمارسه الشخص في حياته مثل الحياة الزوجية والحياة مع الآباء والأبناء والأهل وحياة الوظيفة والأصدقاء، وقد يكون الشخص كذلك عضوا في فريق رياضي وهكذا. هذا غير الناحية الشخصية في العلاقة مع الله تعالى والناحية الثقافية والصحية وغيرها.

فلو كان لكلّ جانب هدفا واحدا، لحصلنا على سبعة إلى عشرة أهداف وكلّ هذه الأهداف ضرورية في حياة الشخص وخاصة المتعلقة في العلاقة مع الله تعالى وبالجانب الاجتماعي في التعامل مع الزوجة والأبناء والوالدين وغيرهم. فمتابعة كل ذلك قد يكون صعبا من غير خطّة مكتوبة، هذا غير تحقيقها من الأساس. وأيضا فإنّ الخطة الشخصية تتيح للشخص التقييم والتطوير والالتزام وتذكّر الأهداف بشكل مستمر.

في النهاية، فإنّ قرار كتابة خطة شخصية لأي واحد منّا عبارة عن قرار شخصي لا يمكن لأحد أن يجبرنا على كتابتها لأنّ هذه الخطة في النهاية متعلّقة بالشخص نفسه ولن يطلّع عليها أحد غيره وبالتالي إن لم يوجد لدى الشخص دافع أو نفس طويل لكتابة الخطة، فلن يكون ذلك مفيدا. ولكن في نفس الوقت، ينبغي العلم بأنّ وجود الخطة الشخصية ضرورة للتميز والنجاح والإيجابية كما ينصح بذلك أغلب الخبراء والمفكّرين والكتّاب، فالقرار في النهاية للشخص لكي يختار. 

أسال الله تعالى أن يجعل عام 2024م عام خير وبركة وسعادة وإيجابية وتوفيق لنا ولكم جميعا، والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (فرص يومية)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 17 ديسمبر 2023

مشاهدات (124) - فرص يومية

بسم الله الرحمن الرحيم  


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

رُوِي عن بعض العلماء وقيل أنّه الحسن البصري رحمه الله تعالى قولهم: (ما من يوم ينشقّ فجره إلا ويُنادى: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد منى فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة). سبحان الله، يعطينا الله تعالى في كل يوم فرص كثيرة لكي نتزوّد من الحسنات والطاعات وذلك من وقت أن نستيقظ حتى ننام. 

هذه الفرص اليومية الكثيرة يتمنّاها كل ميّت رحل عن هذه الدنيا خاصة من كان لا يتوقّع أن يأتيه الموت في لحظته. فهذه النعمة الكبيرة، نعمة أن نعيش في كل يوم، يجب أن نشكر الله تعالى عليها كثيرا خاصة أنّ البعض قد لا يحصل على الفرصة فيرحل قبل أن يدرك يومه أو ليلته.

وقد صلّيت اليوم في مسجد الصحابة بالشارقة على خمس جنائز بعد صلاة الظهر، ثلاث منها كانت لشباب. أسأل الله تعالى أن يرحم هؤلاء الموتى وجميع موتى المسلمين. هؤلاء الموتى وخاصة الشباب لم يعرفوا أنّ مصيرهم سوف يأتي في هذا اليوم، ولكّن الله تعالى أعطانا نحن هذه الفرصة لكي نعيش حتى نزداد من رصيدنا في الحسنات والطاعات.

نحتاج أن نغتنم هذه الفرص اليومية بشكل ممتاز، وقد قرأت بعض الكتب التي تدلّ الشخص على أمور يستطيع أن يفعلها فيحصل على حسنات كثيرة من أعمال يسيرة، ومن هذه الكتب كتاب (كيف تزيد عمرك الإنتاجي) للمؤلف محمد بن إبراهيم النعيم رحمه الله تعالى، وكتاب (الذكاء في العبادة) للمؤلف علاء نعمان.

رُوِيَ عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنّه مرّ على جنازة وكان معه شخص، فسأل الحسن ذلك الشخص: (ماذا يتمنّى هذا الميّت إن رجع إلى الدنيا؟)، فقال الشخص: (يعمل الصالحات ويزداد من الحسنات)، فقال الحسن رحمه الله تعالى: (إن لم يكن هو فكن أنت). وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: حَياتَك قبلَ موتِك، وصِحَّتَك قبلَ سَقَمِك، وفرغَك قبلَ شغْلِك، وشبابَكَ قبلَ هَرَمِك، وغِناك قبلَ فقرِكَ" (صحيح الجامع).

الأعمال الصالحة كثيرة جدا ومتنوعة كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...الخ). نحتاج فقط إلى نبادر إلى هذه الأعمال ما استطعنا إلى ذلك سبيلا قبل أن يأتينا الموت في وقت لا نعرفه. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الشغف)، يُرجى الضغط هنا.