السبت، 29 أكتوبر 2022

مشاهدات (100) - منطقة الراحة

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

لا يكاد كتاب يتحدث عن النجاح والتميّز وإلا ويورد موضوع منطقة الراحة (Comfort Zone) إمّا بشكل مباشر أو يشير لها إشارات. ومنطقة الراحة تعني المكان أو الموقف الذي يشعر فيه الشخص بالأمان أو بالراحة، وهي غالبا تشكّل عقبة في طريق نموّ الشخص وتطوّره في مختلف الجوانب.

ومنطقة الراحة هذه يصنعها الشخص لنفسه بحيث يقوم فيها ما يحقّق فيها راحته من دون أن يحقق أي إنجازات، ولذلك هي سمة رئيسة لغير المتميّزين في الحياة إذ أنّ التميّز يتطلب القيام بالكثير من الأمور التي فيها جهد وتعب، فالتميّز لا يأتي بالراحة أبداً كما هو معلوم وإلا لكان كل الناس متميزون.

والإسلام كذلك يحثّ الشخص على الخروج من منطقة راحته حتى يحصل على الحسنات ويرتقي في الجنان. تأمل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "حُفَّتِ الجنّة بالمَكاره" (رواه مسلم)، أي أنّ طريق الجنّة محفوفة الأمور التي تكرهها النفس مما يعني أنّه لمن أراد دخول الجنة أن يخرج من منطقة راحته وإلا ندم ندما شديدا في يوم لا ينفع فيه الندم.

فالقيام للصلاة وترك النوم والراحة، وبذل المال والإنفاق في سبيل الله تعالى، والتخلّق بالأخلاق الكريمة والابتعاد عن الأخلاق السيئة دائما، والقراءة والحرص على الثقافة، وتربية الأبناء والإيجابية في العمل، كل ذلك يتطلب من الشخص أن يخرج من منطقة راحته. فمنطقة راحة الشخص تقول له ألا يبذل جهدا أبدا وإنما يحرص على ما يحقق له الراحة والرفاهية والمتعة – في ظنّه – وبالتالي سيبتعد عن هذه الأمور.

والخروج من منطقة الراحة ليس بالأمر السهل وإنّما يتطلّب مجاهدة قوية للنفس وقبل ذلك طلب التوفيق والإعانة من الله تعالى، ومن الأمور المساعدة كذلك قراءة قصص العظماء والمتميزين في التاريخ القديم والحديث، فهؤلاء بذلوا جهودا وأوقاتا ضخمة في سبيل التميّز والعظمة وكان الخروج من مناطق راحتهم سببا رئيسا في الوصول لهذه العظمة والتميز.

الخلاصة هنا أنّه إذا بقي الشخص داخل منطقة راحته، فلن يتحسن أو يتميّز أبدًا، والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الساعة)، يُرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

مشاهدات (99) - الساعة

بسم الله الرحمن الرحيم 



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ما أول ما يخطر على بالك عندما تسمع كلمة (ساعة)؟ قد تتذكر شكل الساعة التي ترتديها الآن أو ارتديتها في السابق، أو تتذكّر أشكالا مختلفة من الساعات التي رأيتها عند الناس أو في المواقع أو في المحلات.

وقد يخطر على بالك أنواعا مختلفة من الساعات كالساعات الرقمية أو الذكية أو القديمة. وقد تتذكر الوقت أو موعدا هاما مرّ عليك أو تنتظره. وقد تمرّ عليك مشاعر مختلفة حين تسمع كلمة ساعة كالتوتر أو الفرح أو الحزن أو الغضب تبعاً للمواقف التي مررت بها والتي كانت مرتبطة بالوقت أو المواعيد. وقد تتذكر أمورا أخرى كثيرة مرتبطة بالساعة.

وقبل أن أبيّن ما الذي أريد الإشارة إليه هنا، أذكر أنّني كنت أنظّم لعبة للموظفين في مقر العمل تحت مسمّى (تخيّل وارسم) حيث تقوم فكرة اللعبة على إعطاء مشارك من المشاركين كلمة أو جملة ثمّ يُطلب منه رسم هذه الكلمة أو الجملة للآخرين من دون أن يتكلم وعلى الفريق أن يكتشف هذه الكلمة أو الجملة من خلال الرسم. والجميل في اللعبة أنّ المشاركين كانوا يعبّرون عن نفس الكلمة أو الجملة برسومات مختلفة.

الهدف من هذه اللعبة وممّا ذكرته عن الساعة أنّ الناس ينظرون لنفس الأمر أو الشيء بنظرات وتفسيرات مختلفة، فالساعة هي الساعة ولكن نظرة الناس إلى هذه الساعة مختلفة. وأستطيع كذلك أن أرى بوضوح هذا الشيء من خلال التحليلات والمقالات والتغريدات التي يكتبها الناس بعد مباراة معيّنة بل بعد حدث معيّن في تلك المباراة، فالمباراة واحدة والحدث واحد ولكن هناك اختلاف كبير بين الناس في رؤية وتفسير هذه المباراة أو الحدث.

هذا الاختلاف يأتي من أمور كثيرة كثقافة الشخص وتعلميه وطريقة تربيته والمواقف التي مرّ بها وخبرته وقراءاته وغير ذلك. الرسالة التي أودّ إيصالها هنا هي أنّنا يجب أن نحترم هذه الآراء ونتقبّلها سواء اتفقنا أو اختلفنا معها، والأمر الثاني هو أننا يجب ألا نفترض أنّ الناس سيكونون متفقين في كل شيء.

أقول ذلك لأنني لاحظت أنّ بعض الناس يستغرب أنّ هناك آراء أو تحليلات غير الذي يقول أو يفكّر به ممّا يسبّب في غضبه أو حزنه أو كآبته. الأصل دائما هو الاختلاف وليس الاتفّاق وصدق الله تعالى حين قال: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ" (هود 118)، فإذا اقتنعنا بذلك ارتحنا وأرحنا غيرنا. والله الموفّق إلى خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (التسويف)، يُرجى الضغط هنا.