الخميس، 16 أبريل 2020

مشاهدات (45) - روعة الدعاء



بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.
الدعاء واحدة من أعظم العبادات ولا يخفى فضلها على الكثيرين ولذلك يذكّر بها العلماء دائما لأنّ لها فوائد عظيمة. هذه العبادة رائعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ولها لذة عجيبة لا يعلمها إلا من حرص عليها واستشعر قيمتها. ودعوني هنا أقف على جانب واحد من جوانب روعة هذه العبادة العظيمة.
الإنسان في الدنيا يفرح عندما يعلم بأن طلبه سوف تتم إجابته من أحد المسؤولين، وكلما زاد عدد مرات الاستجابة لطلباته فرح أكثر وأكثر. ويزيد الفرح أكثر كذلك كلمّا زادت مكانة المسؤول ولذلك نرى أشخاصا كُثر يفتخرون بأن طلبا لهم قد تكفّل به الحاكم أو المسؤول الفلاني، ولكن المشكلة تكون قبل تقديم الطلب حيث يحتاج الشخص إلى جهود وأوقات وذهاب وإياب حتى يتحقق له المطلوب، هذا إن تحققت له الاستجابة أصلا.
أما في شأن الدعاء فالمسألة مختلفة تماما ومن هنا يأتي روعته. فالطلب يكون لملك الملوك ومن بيده خزائن السماوات والأرض، والاستجابة مضمونة لكل طلب مهما كثُر ولعدد غير محدد، فالوعد الإلهي واضح في ذلك: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر 60). وهناك روعة أخرى كذلك بأن شكل استجابة الدعاء متعدد بحسب الأصلح للشخص وفق ما يعلمه الله تعالى وكل شكل منها أروع من الآخر.
جاء في الحديث الصحيح: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا". قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ. قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ. (رواه أحمد). فلا خسارة أبدا في الدعاء وهذا من روعته.
يحتاج الشخص لكي يستشعر هذه الروعة إلى معرفة الله تعالى حقّ المعرفة، فمن لم يعرف الله تعالى لن يستشعر روعة وحلاوة الدعاء. ثمّ بعد ذلك يحتاج الشخص إلى قلب خاشع وتركيز أثناء الدعاء بالإضافة إلى اتخاذ الأسباب وهذا من روعة هذا الدين إذ يحثّ أتباعه على العمل والبذل والجهد وفي نفس الوقت يريد منهم أن تكون قلوبهم معلقّ بالله تعالى وحده.
كلمة أخيرة:
قال صلى الله عليه وسلم: "من لم يَسألِ الله تعالى يَغضبْ عليه" (رواه الترمذي). أي نستطيع القول بأنّ الدعاء من أقوى أسباب محبة الله تعالى للعبد وهذا يزيد من روعته. والحمد لله رب العالمين.

لقراءة المقالة السابقة (ولازال البعض يستهتر!!!)، يرجى الضغط هنا.