الاثنين، 27 سبتمبر 2021

مشاهدات (76) - التعاون

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

في لعبة جميلة تُطلق عليها (عصا الهيليوم) يقوم فيها المشاركون بوضع عصا طويلة وخفيفة الوزن على أصابعهم ثم يُطلب منهم وضع العصا على الأرض وهي على أصابعهم في وقت واحد. الأمر ليست بهذه السهولة وإنّما يتطلب تركيزا شديدا من المشاركين والأهم من ذلك هو التعاون الكبير جدا من الجميع حيث إن عدم تعاون شخص واحد يؤثّر على الجميع.

في الرسالة الأخيرة التي وجّهها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى موظفي الحكومة الاتحادية حول المنهجية الجديدة في العمل الحكومي، اكّد فيها على التعاون بين جميع الجهات لتحقيق الأهداف والمشاريع حيث إنّ هذا التعاون في أقصى درجاته هو ما سيحقّق النجاح والتميّز للجميع.

وهذا التعاون والعمل الجماعي يؤكّد عليه جون سي ماكسويل المؤلف الأمريكي المعروف في جميع كتبه عن القيادة حيث يقول بشكل واضح بأنّ واحدة من أهم أساسيات نجاح القائد هو تعاونه مع الجميع، فالنجاح ليس مقصورا على شخص واحد بل إنّه يستحيل أن يحقق شخص واحد النجاح بمفرده ولذلك يحتاج تعاوناً من الآخرين لكي يحقق النجاح والتميز.

التعاون أساس رئيس من أساس النجاح في أي مجال، وإذا أردت أن تعرف أهميته فتأمل ماذا يحصل في غيابه. ماذا يحدث في الأسرة حين يغيب التعاون بين الأزواج أو بين الآباء والأبناء؟ ماذا يحدث في الفرق الرياضية حين يغيب التعاون بين اللاعبين والمدرّب والأجهزة الفنية والإدارية؟ ماذا يحدث في بيئة العمل حين يتأثّر التعاون بين القادة والموظّفين أو الموظّفين بعضهم مع بعض؟ لا شكّ بأن النتائج ستكون كارثية، وإذا لم تكن كذلك، فلن يكون هناك تميّز.

التعاون مطلب ربّاني بالدرجة الأولى كما قال سبحانه: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى" (المائدة 2)، والمتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يجد هذا الأمر واضحا بينه وبين أهله وأصحابه. نحتاج إلى تذكّر هذا الأمر الهام دائما خاصة أن البعض ممن يهتمون بتنمية الذات والتميز يركزّون كثيرا على الشخص وكأنهم يوجّهون رسالة بأن التميز فردي ولا يحتاج إلى الآخرين وهذا فهم ناقص للتميّز والذي يٌعتبر التعاون جزء أساسي منه. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الطموح)، يرجى الضغط هنا.

الخميس، 16 سبتمبر 2021

مشاهدات (75) - الطموح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

عندما تقرأ تغريدات وأقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تلاحظ بأنه يركّز كثيرا على موضوع الطموح كما قال مثلا: (أنا وشعبي نحبّ المركز الأول). ومن خلالي قراءاتي وسماعي لمواضيع النجاح في الحياة والقيادة الفعّالة، لاحظت بأن واحدة من أهم الصفات التي تتم طرحها لكي يكون الشخص ناجحا في حياته أو قائدا فعّالا (الطموح).


الطموح كلمة إيجابية والشاب الطموح – كما جاء في معجم المعاني - هو السِّاعِي بِرَغْبَةٍ لِلْحُصُولِ على مَا هُوَ أَعْلَى وَمَحْمُودٌ وَنَبِيلٌوالمتأمل في ديننا الحنيف يجد أنه كذلك يحثّ على الطموح في جميع مناحي الحياة. تأمل مثلا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنّه أوسط الجنّة أو أعلى الجنّة" (رواه البخاري)، وفي الحديث الآخر: "إنّ الله تعالى يحبّ معالي الأمور وأشرافها، ويكره سَفسافها" (صحيح الجامع).

والقرآن الكريم مليء كذلك بالآيات الكريمة التي تحثّنا على الطموح في حياتنا، ولعلّ في كلمات مثل "وسارعوا"، "سابقوا"، "فاستبقوا الخيرات" ما يدلّ على الحث على طلب الطموح. وقد سمعت مرّة أحد العلماء يتحدّث عن قوله تعالى: "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً" (الفرقان 74)، فقال أنّ هذا الدعاء يربّي في الشخص الطموح حيث أن الشخص يطلب من الله تعالى أن يجعله إماما للمتّقين الذين هم من أعلى الناس منزلة عند الله تعالى مما يتطلب أن يكون الشخص طموحا في عباداته وعلاقته مع الله تعالى حتّى يكون إماما لهذه الفئة العظيمة.

نحتاج أن نكون طموحين في أعمالنا فنسعى دائما إلى التميّز في تحقيق أهدافنا وفي علاقاتنا مع الآخرين. ونحتاج أن نكون طموحين في أسرنا بأن نسعى لعلاقة ممتازة مع أزواجنا وأبنائنا وجميع أهلنا ونحرص على التربية المتميزة لأبنائنا. نحتاج أن نكون طموحين في التعليم والرياضة والمعرفة والثقافة وغير ذلك من مجالات الحياة.

والطموح لا يعني الأنانية بأي حال من الأحوال والحرص فقط على المصلحة الشخصية، وإنّما التعاون مع الآخرين مع وجود علاقات إيجابية فعّالة، فكلّما زاد عدد الطموحين انعكس ذلك إيجاباً على الكل سواء داخل الأسرة أو العمل أو المجتمع ككل. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (أسرار النجاح)، يُرجى الضغط هنا.