الخميس، 28 ديسمبر 2023

مشاهدات (125) - هل الخطة الشخصية ضرورة؟

بسم الله الرحمن الرحيم  

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ونحن نقترب من نهاية عام 2023م وبداية عام 2024م، يكثر الحديث عن الخطط والأهداف سواء على مستوى الحكومات أو المؤسسات أو المستوى الشخصي. لا شكّ أنّ وجود الخطط على مستوى الحكومات أو المؤسسات أمر لا مفرّ منه لكي تتميّز وتنجح ولذلك فهي موجودة بشكل تلقائي في أغلب الحكومات والمؤسسات سواء تمّ تطبيقها أم لا. المهمّ أنّ الخطة تكون موجودة.

أما على المستوى الشخصي، فهنا أطرح هذا التساؤل: هل وجود الخطة الشخصية ضرورة للتميز والنجاح؟ وهل يمكن تحقيق الأهداف بدون خطة مكتوبة؟ الحقيقة التي يجب أن نعرفها أنّ الخطة عبارة عن وسيلة وأداة لوضع الأهداف وتوزيعها ومتابعتها وتقييمها وغير ذلك، وأثبتت هذه الوسيلة فعاليتها بشكل كبير في تحقيق الأهداف والنجاح والتميز.

بالطبع، لا أتحدّث هنا عن كيفية وضع الخطة أو طريقتها لأنّ هناك طرق ومدارس كثيرة لكيفية وضع الخطط الشخصية. أتحدّث هنا عن وجود خطة مكتوبة للشخص. صحيح أنّها في النهاية وسيلة ولكنّ البديل إلى الآن غير موجود أو قد يكون موجودا ولكنّه غير منتشر أو فعّال وبالتالي فوجود خطّة مكتوبة أساس هام من أساسات النجاح والتميّز.

هل يمكن تحقيق الأهداف من غير خطة مكتوبة؟ بالطبع نعم وهناك أمثلة على ذلك وقد يكون هؤلاء الأشخاص لهم تأثير كبير أو حتى متميّزين ولكن من خلال ملاحظاتي فإنّني لاحظت بأن معظم هؤلاء له مشروع أو هدف واحد كبير يقوم بتكراره وبالتالي لا يحتاج إلى خطة مكتوبة لوضع هذا الهدف.

ومع ذلك، فإنني أعتقد بأنّ الخطة المكتوبة ضرورة لأنّ الشخص له أدوار متعددة في الحياة ويحتاج في كل دور إلى تحقيق بعض الأهداف. وأعني هنا بالأدوار ما يمارسه الشخص في حياته مثل الحياة الزوجية والحياة مع الآباء والأبناء والأهل وحياة الوظيفة والأصدقاء، وقد يكون الشخص كذلك عضوا في فريق رياضي وهكذا. هذا غير الناحية الشخصية في العلاقة مع الله تعالى والناحية الثقافية والصحية وغيرها.

فلو كان لكلّ جانب هدفا واحدا، لحصلنا على سبعة إلى عشرة أهداف وكلّ هذه الأهداف ضرورية في حياة الشخص وخاصة المتعلقة في العلاقة مع الله تعالى وبالجانب الاجتماعي في التعامل مع الزوجة والأبناء والوالدين وغيرهم. فمتابعة كل ذلك قد يكون صعبا من غير خطّة مكتوبة، هذا غير تحقيقها من الأساس. وأيضا فإنّ الخطة الشخصية تتيح للشخص التقييم والتطوير والالتزام وتذكّر الأهداف بشكل مستمر.

في النهاية، فإنّ قرار كتابة خطة شخصية لأي واحد منّا عبارة عن قرار شخصي لا يمكن لأحد أن يجبرنا على كتابتها لأنّ هذه الخطة في النهاية متعلّقة بالشخص نفسه ولن يطلّع عليها أحد غيره وبالتالي إن لم يوجد لدى الشخص دافع أو نفس طويل لكتابة الخطة، فلن يكون ذلك مفيدا. ولكن في نفس الوقت، ينبغي العلم بأنّ وجود الخطة الشخصية ضرورة للتميز والنجاح والإيجابية كما ينصح بذلك أغلب الخبراء والمفكّرين والكتّاب، فالقرار في النهاية للشخص لكي يختار. 

أسال الله تعالى أن يجعل عام 2024م عام خير وبركة وسعادة وإيجابية وتوفيق لنا ولكم جميعا، والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (فرص يومية)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 17 ديسمبر 2023

مشاهدات (124) - فرص يومية

بسم الله الرحمن الرحيم  


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

رُوِي عن بعض العلماء وقيل أنّه الحسن البصري رحمه الله تعالى قولهم: (ما من يوم ينشقّ فجره إلا ويُنادى: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد منى فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة). سبحان الله، يعطينا الله تعالى في كل يوم فرص كثيرة لكي نتزوّد من الحسنات والطاعات وذلك من وقت أن نستيقظ حتى ننام. 

هذه الفرص اليومية الكثيرة يتمنّاها كل ميّت رحل عن هذه الدنيا خاصة من كان لا يتوقّع أن يأتيه الموت في لحظته. فهذه النعمة الكبيرة، نعمة أن نعيش في كل يوم، يجب أن نشكر الله تعالى عليها كثيرا خاصة أنّ البعض قد لا يحصل على الفرصة فيرحل قبل أن يدرك يومه أو ليلته.

وقد صلّيت اليوم في مسجد الصحابة بالشارقة على خمس جنائز بعد صلاة الظهر، ثلاث منها كانت لشباب. أسأل الله تعالى أن يرحم هؤلاء الموتى وجميع موتى المسلمين. هؤلاء الموتى وخاصة الشباب لم يعرفوا أنّ مصيرهم سوف يأتي في هذا اليوم، ولكّن الله تعالى أعطانا نحن هذه الفرصة لكي نعيش حتى نزداد من رصيدنا في الحسنات والطاعات.

نحتاج أن نغتنم هذه الفرص اليومية بشكل ممتاز، وقد قرأت بعض الكتب التي تدلّ الشخص على أمور يستطيع أن يفعلها فيحصل على حسنات كثيرة من أعمال يسيرة، ومن هذه الكتب كتاب (كيف تزيد عمرك الإنتاجي) للمؤلف محمد بن إبراهيم النعيم رحمه الله تعالى، وكتاب (الذكاء في العبادة) للمؤلف علاء نعمان.

رُوِيَ عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنّه مرّ على جنازة وكان معه شخص، فسأل الحسن ذلك الشخص: (ماذا يتمنّى هذا الميّت إن رجع إلى الدنيا؟)، فقال الشخص: (يعمل الصالحات ويزداد من الحسنات)، فقال الحسن رحمه الله تعالى: (إن لم يكن هو فكن أنت). وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: حَياتَك قبلَ موتِك، وصِحَّتَك قبلَ سَقَمِك، وفرغَك قبلَ شغْلِك، وشبابَكَ قبلَ هَرَمِك، وغِناك قبلَ فقرِكَ" (صحيح الجامع).

الأعمال الصالحة كثيرة جدا ومتنوعة كما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...الخ). نحتاج فقط إلى نبادر إلى هذه الأعمال ما استطعنا إلى ذلك سبيلا قبل أن يأتينا الموت في وقت لا نعرفه. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الشغف)، يُرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

مشاهدات (123) - الشغف

بسم الله الرحمن الرحيم  


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

وأنا أقرأ كتاب (التحوّل القيادي) للمؤلف الأمريكي جون ماكسويل، استوقفتني هذه المقولة الجميلة التي أوردها في كتابه للمؤلف والفيلسوف هوارد ثورمان والذي قال: (لا تسأل عمّا يحتاجه العالَم. اسأل ما الذي يبثّ فيك الحياة ويجعلك تذهب لتفعله، لأنّ ما يحتاجه العالم هو أناس قد بُعِثت فيهم الحياة). هذه المقولة تعكس صفة هامّة تكاد توجد في أغلب العظماء والمؤثّرين عبر التاريخ ألا وهو الشغف.

بحثت عن معنى الشغف (Passion) في محرّك البحث جوجل، فوجدّت تعريفات كثيرة اخترت منها ما جاء في موقع (ويكيبيديا) وهو أنّ الشغف هو شعور بالحماس الشديد أو رغبة لا تُقاوم تجاه شيء ما. فالشخص الشغوف بشيء ما يمكن ألا ينام الليل كلّه ويظلّ يعمل لساعات طوال في مشروعه أو فكرته، كلّ ذلك من غير أي ضغوط أو تعب أو حتّى إحساس بالوقت.

الأمثلة من التاريخ على هؤلاء الشغوفين كثيرة، فالذي يسمع قصة الإمام البخاري رحمه الله تعالى في تأليفه لكتابه (صحيح البخاري) يرى أمرا عجبا وكيف أنّ شغفه قاده لتأليف هذا الكتاب في سنوات عديدة من غير أن يملّ أو يكلّ. نفس الأمر ينطبق على الإمام مالك رحمه الله تعالى في تأليفه لكتابه (الموطأ) والإمام ابن قيّم الجوزية والإمام ابن الجوزي والإمام الشافعي رحمهم الله تعالى والأمثلة أكثر من أنْ تُحصى.

وهذا مجال واحد فقط وهو تأليف الكتب وهناك الكثير من المجالات الأخرى كالطب والكيمياء والفيزياء والفلك حيث برز علماء كثيرون كانوا يتّصفون بالشغف اتجاه ما يفعلونه ولذلك أنتجوا وخدموا البشرية في مجالات كثيرة. وبالطبع، فهذه أمثلة فقط من التاريخ الإسلامي، وهناك أمثلة أخرى كثيرة من التاريخ الإنساني لأشخاص كانوا شغوفين مثل أديسون ونيوتن وآينشتاين وغيرهم حيث قدّم هؤلاء للبشرية خدمات عظيمة في مجالات شتّى لا زلنا نستفيد من بعضها إلى وقتنا الحاضر.

السؤال الطبيعي الذي قد يسأله الكثيرون: كيف يتكوّن هذا الشغف؟ هناك عوامل كثيرة ولكنّني من خلال قراءاتي وسماعي لقصص العظماء والمؤثّرين رأيت بأنّ وجود هدف أو مشروع للحياة عامل رئيسي لوجود هذا الشغف. في كتب جون ماكسويل العديد من الأمثلة المعاصرة لأشخاص كانوا شغوفين لأمر ما فعملوا مشاريع بدأت صغيرة جدا ثم كبرت بعضها حتى صارت عالمية.

وجود الشغف لأمر ما يحقق الكثير من الفوائد للشخص أولا ثم للمجتمع، ولا أريد أن أنسى بأن أذكّر بأن الهدف أو المشروع ينبغي أن يكون إيجابيا ومفيدا، وإلاّ فهناك أمثلة كذلك لأشخاص من التاريخ القديم والحديث كانوا شغوفين بأمور سلبية وغير مفيدة فربحوا قليلا ومؤقّتا ثمّ خسروا بعد ذلك كثيرا.

أريد أن أختم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ورد في سنن الترمذي: "من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ". والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (عن القراءة)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 19 نوفمبر 2023

مشاهدات (122) - عن القراءة

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

خلال الأسابيع الماضية، استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة حدثين رئيسين متعلقين بالقراءة هما تحدي القراءة العربي ومعرض الشارقة الدولي للكتاب وهما حدثان رئيسيان ليس فقط على مستوى الدولة وإنّما على مستوى المنطقة ككل.

أمّا بالنسبة لتحدي القراءة العربي، فالنتائج ترتفع أكثر وأكثر في كل سنة حيث يزداد أعداد المشاركين من الطلبة والمدارس وهذه علامة خير حيث أنّ ارتفاع مستوى القراءة بين الأطفال والشباب يبشّر بمستقبل أفضل بإذن الله تعالى وهذا كلّه بفضل الله تعالى أولا ثم بحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله تعالى على هذه المسابقة ومشاركته شخصيا في الحفل الختامي ونشره لنتائجها.

ويأتي معرض الشارقة الدولي للكتاب ليعكس اهتمام الدولة وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي رعاه الله تعالى كذلك بالكتاب والقراءة وجعلها أولوية بالنسبة لها. والزائر لمعرض الكتاب يرى بوضوح الأعداد الهائلة التي تزور المعرض من مختلف الفئات والجنسيات مما يدل على اهتمام كثير من الناس بالكتاب والقراءة. وقد زرت المعرض في هذه السنة ثلاث مرات وقد رأيت بنفسي الأعداد الهائلة التي زارت المعرض خاصة من الشباب والأطفال.

لا شكّ أن اهتمام معظم الناس حاليا ينصبّ على الأحداث الجارية في فلسطين وهذا أمر حسن وإيجابي، ولكنّ ذلك لا ينبغي أن يصرفنا عن الأمور الرئيسة الأخرى في الحياة مثل علاقتنا بالله تعالى وتطوير أنفسنا. ومثل هذه الأحداث التي تنظّمها الدولة بين فترة وأخرى تذكّرنا بهذه الأمور الرئيسة مثل القراءة التي ينبغي أن تكون منهج حياة لنا وجزء من برنامجنا اليومي.

سمعت أشخاص كثر ذكروا بأنّهم يقرؤون كتباً كثيرة خلال الشهر الواحد بل رأيت بنفسي في موقع (Goodreads) عمن يقرأ قرابة المائة كتاب في السنة وقد يستغرب البعض من هؤلاء وكيف يحصلون على هذا الوقت للقراءة. هؤلاء فقط وضعوا القراءة كأولوية في حياتهم ولذلك حصلوا على هذا الوقت للقراءة. القراءة تعطي الشخص فوائد عديدة مثل زيادة المعرفة والثقافة وغرس القيم وتفتّح الأذهان والحصول على الأفكار وغيرها.

يجب علينا أن نحمد الله تعالى أولا ثم نشكر قيادات الدولة على رعاية وتنظيم مثل هذه الأحداث المتعلقة بالقراءة، فهي تحقّق فوائد جمّة وثمرات إيجابية كثيرة للناس والمجتمعات. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ماذا سيحدث للعالم بعد موتك؟)، يُرجى الضغط هنا.

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

مشاهدات (121) - ماذا سيحدث للعالم بعد موتك؟

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

قد يستغرب البعض من هذا العنوان (ماذا سيحدث للعالم بعد موتك؟)، فالحقيقة تقول بأنّه لن يحدث شيء خاص بعد رحيلنا عن هذا العالم، فالحياة ستستمر بشكل طبيعي وسيرجع الجميع إلى أعمالهم كما كانوا. صحيح أنّ البعض سيحزن عندما نرحل كالوالدين والأزواج والأبناء وبعض الأصدقاء، ولكن سيكون ذلك لمدة معيّنة ثم تعود عجلة الحياة مرة أخرى كما كانت.

إذاً لماذا هذا السؤال؟ لأنّه يوجد من بيننا للأسف الشديد من يعتقد بأنّ الحياة ستتوقف بعد رحيله وسيتعطّل العمل وستضيع العائلة وغير ذلك من التصورات. هؤلاء الأشخاص يعتقدون أنّ الحياة كلّها تدور حول أشخاصهم وأنّ كل الأنظار متوجّهة إليهم أينما ذهبوا وأنهم ينبغي أن يكونوا محل اهتمام الجميع، وإذا رحلوا مثلا عن العمل بسبب التقاعد أو الاستقالة، فإنّ نظام العمل سينهار ولن تحقق المؤسسة أهدافها لأنهم يعتقدون أنّهم السبب الوحيد في نجاح المؤسسة!!!

هذا التفكير ليس صحيحا بسبب الحقيقة التي ذكرناها أنّ الحياة لا تتوقف لرحيل أو موت أحد ولذلك ينبغي لنا أن نبتعد عن هذا التفكير لأنّ له نتائج سلبية مثل الغرور وعدم احترام الآخرين. بدلا من ذلك ينبغي لنا التواضع وأنّنا جزء من نجاح المؤسسة التي نعمل فيها أو العائلة التي ننتمي إليها. وقبل ذلك وبعده، ينبغي لنا أن نحمد الله تعالى على نعمة العمل والعائلة والأصدقاء.

الأمر الثاني الذي ينبغي لنا الاهتمام به هو عمل الصالحات والخيرات حتى نكون مستعدين لليوم الآخر، فالحساب يوم القيام فردي كما قال تعالى: "وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً" (مريم 95)، فبدلا من تفكيرنا السلبي بالذي سيحدث بعد رحيلنا، ينبغي أن نفكّر بما سيحدث لنا بعد رحيلنا، فهذا هو السؤال الجوهري لأنّه سيترتّب عليه مصير الشخص إمّا إلى جنّة وإمّا إلى نار والعياذ بالله تعالى.

الأمر الثالث الذي ينبغي الاهتمام به هو ترك أثر حسن عند الناس من خلال المعاملة الحسنة والكلمة الطيّبة ومساعدة الآخرين ونصيحتهم وتشجيعهم. كلّ ذلك سيجعل الناس تذكر هذا الشخص بالخير والدعاء بعد رحيله سواء عن العمل أو الحياة، ولا شكّ بأنّنا نحتاج مثل هذه الدعوات الصالحة بعد رحيلنا لأنها ستزيد من حسناتنا بإذن الله تعالى.

الخلاصة هي أنّنا ينبغي أن نغيّر تفكيرنا من التساؤل ب (ماذا سيحدث للعالم بعد رحيلنا؟) إلى (كيف أكون مستعدّا بعدما أرحل عن هذه الحياة؟)، فعندما يحدث هذا التغيير في التفكير، ستتغيّر حياتنا وسنحرص على طاعة الله تعالى واجتناب معصيته. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (نظرتنا إلى الفشل)، يُرجى الضغط هنا.

الخميس، 19 أكتوبر 2023

مشاهدات (120) - نظرتنا إلى الفشل

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

حضرت في الأسبوع الماضي دورة الكترونية على منصة اللينكد إن التعليمية عن الفشل وكيفية الاستفادة منه وتحويله إلى فرصة للتعلّم والتطوير. وكنت قد قرأت سابقا كتابا للمؤلف الأمريكي جون ماكسويل بعنوان (الفشل البنّاء) يتحدث فيه كذلك عن كيفية تحويل الفشل إلى نجاح ويذكر فيه الكثير من المواقف والقصص لأشخاص استطاعوا تحويلهم فشلهم إلى نجاحات.

الفشل جزء من الحياة وخاصة للعظماء والمؤثّرين، وأذكر كذلك أنني قرأت كتابا للمؤلف كفاح فيّاض بعنوان (حكايات كفاح) يتحدث فيه عن مؤسسي الشركات العالمية وكيف أنّ بعضهم قد فشلوا فشلا ذريعا خلال حياتهم ومع ذلك لم ييأسوا وواصلوا كفاحهم إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه من نجاح باهر، ليس فقط على مستوى بلدانهم وإنما على مستوى العالم أجمع.

نظرة الكثيرين إلى الفشل سلبية للأسف الشديد ويرجع ذلك ربّما إلى التربية في الصغر أو التعليم في المدارس أو تعامل القادة والمدراء في بيئة العمل أو غيرها من الأسباب. الفشل عند الكثيرين يعني النهاية واليأس والهمّ وتوقّع اللوم من الآخرين عكس ما ينصح به الخبراء والحكماء من أنّ الفشل ينبغي أن يكون محطة للتعلّم والانطلاق من جديد.

وأحبّ أن أؤكّد هنا بأنّ للقادة دور هام في نظرة الناس للفشل، فعندما يقوم القائد باللوم والتوبيخ والتهديد والعقاب للأشخاص الذين فشلوا في أمر ما، عندئذ يصبح الناس في رعب عند الفشل ويتجنّبون إعطاء المعلومات اللازمة أو المساعدة وبالتالي لا يصبح هذا الفشل مصدرا للتعلّم سواء للشخص أو للآخرين. ونفس الأمر ينطبق على الوالديْن في المنزل والمعلّمين في المدرسة في تعاملهم مع الفشل الصادر من الأبناء والطلاب.

عندما يكون هناك أمان وثقة بين الوالدين والأبناء والمعلمين والطلاب والقادة والموظفين بأنّه لا مانع من الفشل بشرط بذل الجهد واتخاذ الأسباب، سيصبح الفشل حينئذ مصدرا لتعلّم وتطوير الجميع. هذه البيئة الآمنة تحتاج إلى عقول منفتحة وإيجابية، وقد سمعت عن بعض المؤسسات التي تعطي جوائز عن المحاولات والمشاريع الفاشلة لأن أصحابها بذلوا وتعبوا وحاولوا، فالمكافأة على الجهد وليس على النتيجة.

لست أدعو أبدا إلى تعمّد الفشل وعدم بذل الجهود والأسباب للنجاح، ولكن أدعو لتغيير نظرتنا إلى الفشل بحيث لا نقصي الأشخاص الذين فشلوا ونجعل عليهم علامة (الفاشلين) بل نفتح صدورنا وقلوبنا وعقولنا حتى نتعلّم ونتطور، فالتميّز يعني التعلّم المستمر والفشل جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الأعمار الخمسة للإنسان)، يُرجى الضغط هنا.

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

مشاهدات (119) - الأعمار الخمسة للإنسان

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كنت أسمع مؤخرا لأحد العلماء الأفاضل يتحدث عن العمر الحقيقي للإنسان. الذي جذبني هو أنّه ذكر أن للإنسان خمسة أعمار وليس عمرا واحدا كما نعتقد!

العمر الأول هو وجود الشخص في عالم الذّر في صُلْب آدم عليه السلام.

العمر الثاني هو وجود الشخص في الدنيا.

العمر الثالث هو وجود الشخص في قبره.

العمر الرابع هو في يوم الحشر وهو طويل كما قال سبحانه: "وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ" (الحج 47).

العمر الخامس والأخير هو الخلود الأبدي إمّا في جنة أو نار.

العجيب في الأمر أنّ العمر الثاني هو أقصر الأعمار ولكنّه يحدّد بشكل رئيس وضع الشخص في الأعمار الثلاث الباقية خاصة العمر الخامس الأطول على الإطلاق. فإنّ ما نعمله في عمرنا الثاني سينعكس على الأعمار التالية، إن خيراً فخير وإن شراً فشر كما قال سبحانه: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (الزلزلة 7-8).

نحتاج فعلا إلى أن نعيد حساباتنا ونهتم بالآخرة أكثر من اهتمامنا بالدنيا، فالأصل هو تحقيق الآية الكريمة: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" (القصص 77) فالآخرة هي الأصل والدنيا تأتي بعد ذلك وليس العكس كما يفعل الكثيرون.

ولذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز حكاية عن الإنسان يوم القيامة وندمه الشديد على ما فرّط في الدنيا: "يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" (الفجر 24)، فالحياة الحقيقية هي في الآخرة وليس في هذه الدنيا الفانية. عندما يكون عندنا يقين بهذه الحقيقة وأننا أيامنا - مهما طالت - فهي قصيرة جدا أو لا تقارن بحياتنا في الآخرة، فستتغير حياتنا تماما نحو الأفضل.

وللأسف، تزيد الماديات والمغريات في حياتنا يوما بعد يوم لتبعد الشخص أكثر وأكثر عن الآخرة، وإذا لم ننتبه لأنفسنا، فسوف تأخذنا الدنيا بعيدا كما فعلت بالكثيرين فابتعدوا عن طاعة الله تعالى وتجرّؤوا على معصيته، فالدنيا حينما تدخل القلوب، فستكون المعاصي أسهل للشخص.

إذا لم نُعِد ترتيب أولوياتنا في الدنيا بحيث تكون طاعة الله تعالى على قمة أولوياتنا فسوف نعاني كثيرا في الأعمار القادمة لأن الأساس سيكون بالحسنات والسيئات وليس أي شيء آخر. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (مشاركة الإنجازات)، يرجى الضغط هنا

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023

مشاهدات (118) - مشاركة الإنجازات

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

فرح شعب الإمارات واحتفل بعودة رائد الفضاء سلطان النيادي بعدما حقق إنجازا ضخما بإجراء تجارب في الفضاء لعدة أشهر. والجميل بأن قادة الدولة ابتداء من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة وبقية القادة قد احتفلوا وشاركوا هذا الإنجاز مع الشعب سواء من خلال الحضور أو في وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة.

مشاركة الإنجازات من الأمور التي يجب على القادة القيام بها بشكل مستمر لأن لها فوائد كثيرة، فهي تبعث السعادة والإيجابية في نفوس الناس وتدفعهم إلى مزيد من الإنجازات. كذلك فإن في مشاركة الإنجازات تقدير للمشاركين في صناعة الإنجازات سواء كانوا أفرادا أو فرقا وهذا لا شك مصدر فخر لهؤلاء الأشخاص ودافع لهم لمزيد من الإنجازات.

وقد لاحظت ذلك كثيرا خاصة في المؤتمرات أو اللقاءات الإعلامية حيث يذكر هؤلاء الأشخاص مشاركة إنجازاتهم من قبل القادة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو في وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها.

مشاركة الإنجازات كذلك تدل على متابعة القادة لما يحدث في المؤسسة وقربهم من الموظفين وهذا لا شك كذلك من الأمور التي تبعث السعادة في نفوس الموظفين، ولذلك يوصي خبراء القيادة بضرورة وجود القادة أنفسهم أوقات التكريم وذلك لأن التقدير والتحفيز من وظائف القادة الرئيسة بالإضافة إلى ما ذكرناه من فوائد سابقة.

عندما يشارك القادة في المؤسسات المختلفة الإنجازات المتحققة مع الموظفين مع وجود التقدير والشكر فإن ذلك ينعكس على الأداء بصورة إيجابية. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (قاعدة الثواني الخمس)، يرجى الضغط هنا.

الأربعاء، 30 أغسطس 2023

مشاهدات (117) - قاعدة الثواني الخمس

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

انتهيت قبل فترة من قراءة كتاب (قاعدة الثواني الخمس) للمؤلفة ميل روبنز وهو كتاب ممتع وجميل يركّز على التغيير من خلال اتّباع قاعدة العدّ من خمسة إلى واحد ثم القيام مباشرة بالفعل الذي يتردّد الشخص القيام به. والكتاب يركّز بشكل كبير على مفهوم الجرأة وهو مفهوم هام للتغيير.

الجميل في الكتاب هو احتواؤه على مئات الأمثلة ممن قاموا بتغييرات في حياتهم من خلال اتّباع هذه القاعدة. والتغييرات التي نتكلّم عنها هنا هي تغييرات صغيرة مثل القيام من النوم في الوقت المحدّد أو القيام بالتمارين الرياضية أو طرح فكرة ما أمام الآخرين أو الكتابة.

ولكنّ الأمر الهام الذي تركّز عليه المؤلفة هو أنّ هذه التغييرات الصغيرة هي التي تدفع إلى الإنجازات العظيمة في المستقبل. فالقيام من النوم في الوقت المحدد ليس بالأمر العظيم ولكنّ نتائجه قد تكون عظيمة على الشخص خلال يومه، وقس على ذلك القيام بالتمارين الرياضية يوميا أو طرح الأفكار أمام الآخرين أو التخلّص من الأفكار السلبية.

الجرأة التي ركّزت عليها المؤلفة هي في حقيقة الأمر تحدًّ للنفس التي تأمر صاحبها في أغلب الأوقات بعدم فعل الأمور التي فيها منفعة للشخص لأنّها تريد الراحة والحفاظ على وضعها الحالي وعدم التغيير. فمن خلال الجرأة، يستطيع الشخص التغلّب على نفسه والانطلاق نحو الأفضل من خلال تغييرات بسيطة يفعلها خلال يومه ولكنّ نتائجها قد تكون عظيمة على المدى الطويل.

قواعد التغيير التي يتحدّث عنها الكتّاب أو الخبراء كثيرة حيث يطرح كل شخص حسب خبرته وتجاربه، فهناك مثلا قاعدة العشر دقائق وهناك قاعدة ال21 يوم وغيرها. لا يهّم في حقيقة الأمر أي قاعدة يتّبعها الشخص، المهم هو التغيير نحو الأفضل سواء كان ذلك في 5 ثوان أو في يوم أو في شهر.

إذا أردنا التميّز في حياتنا، فلا بدّ لنا من التغيير نحو الأفضل ولو كان بشكل بسيط يوميا كما فعل المئات الذين اتّبعوا قاعدة الخمس ثوان أو أي قاعدة أخرى. الإحساس بالإنجاز شعور عظيم وفرح كبير ينسي تعب البدايات وألمها. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (من أين تأتيهم الأفكار؟!)، يُرجى الضغط هنا.

الجمعة، 18 أغسطس 2023

مشاهدات (116) - من أين تأتيهم الأفكار؟!

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

وأنا أقرأ الكتب أو أرى المقاطع التي تتكلم عن التغيير والابتكار حيث يتم عرض مئات الأفكار المختلفة التي تم تطبيقها في أنحاء العالم أتساءل: كيف جاءت هذه الأفكار لهؤلاء الأشخاص؟ والعجيب أنّ معظم هؤلاء أشخاص عاديون ليست لهم مناصب أو نفوذ أو حتى في بعض الأحيان أموالا كثيرة.

أقرأ عن أشخاص أسّسوا جمعيات تطوعية أو خيرية ضخمة لها فروع متعددة بدأت من لا شيء، أو أشخاص آخرين أنشؤوا مدارس لتعليم الفقراء أو مستشفيات لعلاج المرضى أو برامج رياضية أو ثقافية أو اجتماعية للآخرين. هذا غير التطبيقات الذكية والمواقع الالكترونية والقنوات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تهدف إلى أمر ما.

من أين جاءت هذه الأفكار لهؤلاء الأشخاص؟ الحقيقة أنّ الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة لأنّ هناك عوامل مختلفة تساهم في مجيء الأفكار إلى الشخص. فقد تكون الحاجة إلى أمر ما هو سبب الفكرة كالوالدين اللذين يريدان تقوية مهارة معينة في أبنائهم فيبتكرون أفكارا متعددة للوصول إلى ذلك.

وقد تكون التحديات والمشاكل هي السبب وراء الأفكار، وقد تكون الرغبة في المال والثراء والشهرة هي السبب، وقد يكون إلهاما للشخص من خلال سماع أو قراءة أمر معيّن، وهناك الكثير من الأسباب الأخرى.

ومع أهمية الأفكار، فالأمر الأكثر أهمية هو تنفيذ هذه الأفكار وعدم الاعتذار بالظروف أو التحديّات أو المشاكل الموجودة. فالرغبة والإصرار والحماس هو ما ميّز هؤلاء الأشخاص واستطاعوا بفضل ذلك الوصول إلى ما وصلوا إليه من العالمية أو الانتشار على نطاق واسع أو حتى نجاح أفكارهم على المستوى التي استهدفوها.

قراءة أو سماع قصص هؤلاء الأشخاص ممتعة وهامّة في نفس الوقت لأنها ترسل رسالة مفادها بأنّ كل شخص قادر على تطبيق فكرة ما بل أفكارا كثيرة على مستوى معيّن سواء كان في أسرته أو عمله أو منطقته أو بين أصدقائه أو أحيانا للعالم أجمع.

قد تأتي الفكرة في لحظة ما وبدون أية مقدمات أو بسبب حاجة معيّنة. المهم هو التقاط هذه الفكرة – بالطبع إن كانت مفيدة – والحرص على تنفيذها قدر الإمكان. ولا ينس الشخص أن يسأل ويشاور الآخرين وقبل ذلك يطلب التوفيق والإعانة من الله تعالى، فهذه الأمور تساعد على تطوير الفكرة بشكل أكبر. والله الموفّق إلى كل خير، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (تطوير الذات - توازن وواقعية - الجزء الثاني)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 30 يوليو 2023

مشاهدات (115) - تطوير الذات...توازن وواقعية – الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

تطوير الذات من المواضيع التي ينبغي لنا أن نهتمّ بها اهتماما كبيرا، ولكن ينبغي أن يكون ذلك في توازن وواقعية بحيث يستمر مع الشخص إلى آخر لحظة من حياته كما قال الإمام أحمد بن حنبل حين قال له رجل: يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المَحبَرَةُ تحملها؟!! فقال الإمام كلمته المشهورة: (مع المحبرة إلى المقبرة). وكان ذلك من أسباب ما وصل إليه الإمام أحمد بن حنبل وغيره من العلماء من التميّز والتمكّن في العلوم المختلفة لأنّهم اهتمّوا بتطوير وتحسين أنفسهم بشكل مستمر.

ومن واقع قراءاتي وتجاربي في موضوع تطوير الذات، فقد وجدت بأنّ الخطوات الصغيرة هي ما تجعل الشخص متميزا وناجحا في حياته كما قال المؤلف الأمريكي جون ماكسويل: (نجاحك يتحدّد في برنامجك اليومي). وأقصد بالخطوات الصغيرة أن يكون للشخص أهدافاً محدّدة – هدف واحد أو هدفين - خلال فترة زمنية قصيرة يسعى لتحقيقها، فإن استطاع تحقيقها انتقل إلى أهداف أخرى وإن لم يستطع فليحاول من جديد إلى أن ينجح.

الأمر الهام الذي ينصح به كثير من الخبراء هو كتابة الأهداف في مكان واضح للشخص سواء كان ذلك في الهاتف المتحرك أو لوحة في الغرفة أو مكان العمل أو في السيارة أو غيرها. عندما تكون هذه الأهداف حاضرة أمام الشخص يقوم عقله بتذكيره بها دائما.

ولنتذكّر أنّ الهدف هو تحسين أنفسنا ولو كانت بنسبة بسيطة، فهذه النسبة البسيطة المستمرة أفضل بكثير من القفزات الهائلة التي يمكن أن يقوم بها الشخص لمدة معينة ثم يتوقّف بعد ذلك وهذا واقع البعض للأسف الشديد خاصة بعد حضور دورة أو ندوة أو قراءة كتاب أو استماع إلى محاضرة أو مقطع عن تطوير الذات.

أمّا عن كيفية وضع الأهداف والخطط، فالأمر في ذلك واسع وهناك المئات من المقترحات يمكن البحث عنها في الكتب والمواقع الالكترونية. ولكن ينبغي علينا التذكّر دائما بأنّ ما فعله الآخرين قد لا يناسبنا لأنّ المرحلة أو العمر أو البيئة قد تكون مختلفة، ولذلك أنصح بالقراءة والاستماع إلى أشخاص كُثُر حتى تتشكّل لدينا معرفة كافية لكيفية تطوير الذات ومن ثم يضع الشخص لنفسه الخطة المناسبة.

الأمر الأخير الذي أودّ ذكره هو أن تطوير الذات عبارة عن قناعة شخصية، فمن أراد التميّز في حياته والفلاح في آخرته، سيحرص على تطوير الذات مهما كانت الظروف والتحديات، أمّا من لا يريد الدخول في هذا المجال، فسيختلق ويضع مئات بل آلاف الأعذار لعدم وضع الأهداف والخطط. والتوفيق أولا وأخيرا من الله تعالى، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (تطوير الذات...توازن وواقعية - الجزء الأول)، يُرجى الضغط هنا.