الأحد، 30 يوليو 2023

مشاهدات (115) - تطوير الذات...توازن وواقعية – الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

تطوير الذات من المواضيع التي ينبغي لنا أن نهتمّ بها اهتماما كبيرا، ولكن ينبغي أن يكون ذلك في توازن وواقعية بحيث يستمر مع الشخص إلى آخر لحظة من حياته كما قال الإمام أحمد بن حنبل حين قال له رجل: يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المَحبَرَةُ تحملها؟!! فقال الإمام كلمته المشهورة: (مع المحبرة إلى المقبرة). وكان ذلك من أسباب ما وصل إليه الإمام أحمد بن حنبل وغيره من العلماء من التميّز والتمكّن في العلوم المختلفة لأنّهم اهتمّوا بتطوير وتحسين أنفسهم بشكل مستمر.

ومن واقع قراءاتي وتجاربي في موضوع تطوير الذات، فقد وجدت بأنّ الخطوات الصغيرة هي ما تجعل الشخص متميزا وناجحا في حياته كما قال المؤلف الأمريكي جون ماكسويل: (نجاحك يتحدّد في برنامجك اليومي). وأقصد بالخطوات الصغيرة أن يكون للشخص أهدافاً محدّدة – هدف واحد أو هدفين - خلال فترة زمنية قصيرة يسعى لتحقيقها، فإن استطاع تحقيقها انتقل إلى أهداف أخرى وإن لم يستطع فليحاول من جديد إلى أن ينجح.

الأمر الهام الذي ينصح به كثير من الخبراء هو كتابة الأهداف في مكان واضح للشخص سواء كان ذلك في الهاتف المتحرك أو لوحة في الغرفة أو مكان العمل أو في السيارة أو غيرها. عندما تكون هذه الأهداف حاضرة أمام الشخص يقوم عقله بتذكيره بها دائما.

ولنتذكّر أنّ الهدف هو تحسين أنفسنا ولو كانت بنسبة بسيطة، فهذه النسبة البسيطة المستمرة أفضل بكثير من القفزات الهائلة التي يمكن أن يقوم بها الشخص لمدة معينة ثم يتوقّف بعد ذلك وهذا واقع البعض للأسف الشديد خاصة بعد حضور دورة أو ندوة أو قراءة كتاب أو استماع إلى محاضرة أو مقطع عن تطوير الذات.

أمّا عن كيفية وضع الأهداف والخطط، فالأمر في ذلك واسع وهناك المئات من المقترحات يمكن البحث عنها في الكتب والمواقع الالكترونية. ولكن ينبغي علينا التذكّر دائما بأنّ ما فعله الآخرين قد لا يناسبنا لأنّ المرحلة أو العمر أو البيئة قد تكون مختلفة، ولذلك أنصح بالقراءة والاستماع إلى أشخاص كُثُر حتى تتشكّل لدينا معرفة كافية لكيفية تطوير الذات ومن ثم يضع الشخص لنفسه الخطة المناسبة.

الأمر الأخير الذي أودّ ذكره هو أن تطوير الذات عبارة عن قناعة شخصية، فمن أراد التميّز في حياته والفلاح في آخرته، سيحرص على تطوير الذات مهما كانت الظروف والتحديات، أمّا من لا يريد الدخول في هذا المجال، فسيختلق ويضع مئات بل آلاف الأعذار لعدم وضع الأهداف والخطط. والتوفيق أولا وأخيرا من الله تعالى، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (تطوير الذات...توازن وواقعية - الجزء الأول)، يُرجى الضغط هنا.   

الأربعاء، 19 يوليو 2023

مشاهدات (114) - تطوير الذات...توازن وواقعية – الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

تطوير الذات من المواضيع المنتشرة في القديم والحديث، ربّما بمسمّيات مختلفة ولكنّها تركّز كلها على نفس الموضوع. إذا بحثنا عن تعريف تطوير الذات في الكتب أو المواقع الالكترونية فسنجد الكثير منها وكلّها تدور حول تحسين أو تنمية الإنسان نفسه في المجالات المختلفة، وهذا التحسين قد يكون صغيرا أو كبيرا، مؤقتا أو دائما، يتحقق سريعا أو يحتاج لمدة أطول وهكذا.

المبدأ جميل ونحتاجه جميعا في حياتنا إذا أردنا التميّز والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. وحتى في المؤسسات، يقوم الموظفون بدخول دورات لتطوير مهاراتهم التي يحتاجونها في العمل مثل إدارة الوقت وتقديم العروض والاتصال والكتابة والإدارة وغيرها، وكل ذلك يدخل في تطوير الذات.

وكذلك يحتاج الوالدان في الأسرة إلى تحسين أنفسهم باستمرار وخاصة في مجال العلاقات الأسرية وتربية الأبناء والتعامل مع الآخرين وغيرها. وقس على ذلك في أي مجال آخر. ومع كلّ هذه الضرورة والإيجابيات لموضوع تطوير الذات، ظهرت مشكلة لهذا الموضوع خاصة في السنوات الأخيرة.

المشكلة هي عدم الواقعية في الطرح عند البعض ويرجع ذلك في وجهة نظري إلى قلة معرفة الكاتب أو المحاضر من ناحية أو الرغبة في الكسب المادي من ناحية أخرى حيث تجد أنهم قد قرؤوا كتابا أو كتابين وحضروا دورة أو دورتين بدون التعمّق في الموضوع ثم يقومون بذكر نماذج غريبة أو نادرة في مجال تطوير الذات مثل قراءة مئات أو آلاف الصفحات في اليوم الواحد أو اتباع نظام صحي غريب أو ممارسة عبادة قد لا يقدر عليها الكثير وغيرها.

الأصل في تطوير الذات هو التوازن والواقعية بمعنى أن تكون هناك خطوات مدروسة للشخص، وكلمة (مدروسة) هنا هامة جدا لأنّ ما قد ينفع شخص ما قد لا ينفع شخصا آخر. والأصل أن يتّخذ الشخص تحسينات صغيرة بدل القفزات الهائلة لأنّ ذلك أدعى للاستمرار والتحسين المستمر.

عندما يصبح موضوعا ما تجاريا بمعنى أنّه يصبح مطلوبا عند المؤسسات والأشخاص كما هو موضوع تطوير الذات، يقوم البعض باستغلال الأمر للأسف الشديد ويطرح مواضيع وأطروحات وأمثلة غير واقعية في مسألة تطوير الذات مما يسبّب نفورا وابتعادا بعد فترة ما بدل الإقبال على هذا الموضوع الهام.

نحتاج إلى الواقعية والتوازن في موضوع تطوير الذات، ففي النهاية ليس الهدف من تطوير الذات هو الآخرين وإنما الشخص نفسه، والحرص على الدعاء وطلب التوفيق من الله تعالى من الأمور المعينة على تطوير الذات. وللحديث بقية والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (مواهب شابة إيجابية)، يُرجى الضغط هنا