بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث
أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث،
وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس
على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو
أثرّت عليّ.
فكّرت كثيرا
قبل أن أكتب في هذا الموضوع لكثرة ما نقع في الأمر الخطير – الغيبة - خاصة في بيئة
العمل حيث المجال مفتوح بشكل كبير لذكر الآخرين بسوء. وينطبق ذلك على مجالس الأهل
والأصدقاء وفي السوق وفي السيارة وفي كل مكان.
دائما
أتساءل: لماذا نغتاب الآخرين؟ بالتأكيد هناك أسباب متعددة ولكنّني أعتقد بأن المسألة
بالدرجة الأولى قلبية بمعنى أنّنا في غالب الأمر نحمل شيئا في قلوبنا اتجاه الشخص
الذي نذكره بالسوء أمام الآخرين. ربّما كان حقداً أو حسداً أو كراهيّةً أو وسيلةً
للانتقام أو للتقليل من شأنه وقدره.
والعجيب أننا
نقنع أنفسنا أنّ ما نقوم به ليس بغيبة وإنّما من مصلحة العمل، ولا أدري كيف أنّ ذِكْرَ
شخص آخر بسوء والسخرية منه والضحك عليه ليس بغيبة، بل إننا نقنع أنفسنا بأننا لا
نغتاب متمثّلين بقول الشاعر الذي ذكر فيها الحالات التي تجوز فيها ذكر شخص آخر
بسوء:
الذمّ ليس بغيبة في ستةٍ مُتَظلّمٍ ومُعرِّفٍ ومُحذّر
ولمظهرٍ فسقاً ومستفتٍ ومَنْ طلب
الإعانة في إزالة منكر
ربّما في بعض الحالات يتطلّب الأمر ذكر
شخص آخر بأمر سيء لضرورة العمل أو للمصلحة العامة ولكن أن يكون ذلك ديدننا في كل
وقت وحين، فأعتقد أننا نحتاج إلى مراجعة أنفسنا وقلوبنا بالدرجة الأولى.
عاجلاً أم آجلاً سندخل القبر ثم سنُبْعَث
يوم القيامة، وكم سيكون حسرتنا عندما نرى أن حسناتنا والذي هو أغلى ما نملك في ذلك
اليوم قد أُكُلِتْ أكلاً بسبب ذكرنا للآخرين بسوء وكلّنا نعرف أن الندم لا ينفع
أبداً في ذلك اليوم الذي يحتاج فيه الشخص لكل حسنة فكيف إذا ذهبت منه حسنات كثيرة.
كلمة أخيرة:
جاء في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنَّبي صلى الله عليه وسلم: حَسبُكَ من صفيَّة كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَتْ بماء البحر لَمَزَجَتْهُ". قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (معنى مَزَجَتْهُ: خالطته مخالطة يتغير بها طعمه، أو ريحه، لشدة نَتَنِها، وقُبْحِها، وهذا من أبلَغ الزواجر عن الغِيبة). والحمد لله رب العالمين.
لقراءة المقالة السابقة (التغذية الراجعة)، يرجى الضغط هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق