الجمعة، 31 أكتوبر 2025

مشاهدات (162) - في رحاب سورة

  بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

من البرامج التي أتابعها بشكل أسبوعي تقريبا، برنامج (في رحاب سورة) الذي تقدّمه قناة الشارقة الفضائية من تقديم الأستاذ الفاضل محمد حسن خلف والدكتور الفاضل محمد صافي المستغانمي. البرنامج يغوص في أعماق الآيات بشكل ممتع من الناحية اللغوية والبلاغية والنحوية مع بيان المعاني والتوجيهات التي تعطيها الآيات إيّانا. وأريد أن أقف هنا من خلال هذا البرنامج على عدة نقاط:

أولا: تدبّر القرآن الكريم من الأمور المطلوبة في حياتنا وهو توجيه ربّاني بالدرجة الأولى ومقصد عظيم وهدف أساسي من أهداف التعامل مع القرآن الكريم. وهذا البرنامج الرائع (في رحاب سورة) يعطينا مساحة جميلة وسهلة في نفس الوقت للتدبّر والتأمل في الآيات المختلفة.

ثانيا: العلم الواسع للشخص الذي يشرح معاني القرآن الكريم في نواحيه المختلفة هامّ جدا وهو ما يتميّز به مقدّمو هذا البرنامج، هذا مع سهولة الشرح وتبسيطه مع عدم الإخلال بالمعاني الأساسية. كل ذلك يعطي البرنامج متعة جميلة وروحانية رائعة.

ثالثا: الجهود التي تقوم بها هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون في خدمة القرآن الكريم رائعة ومقدّرة جدا، بالإضافة إلى هذا البرنامج الجميل، هناك قناة الشارقة للقرآن الكريم على الإذاعة والتلفاز وهي تقوم بخدمة القرآن الكريم على أعلى مستوى من خلال الختمات القرآنية المتتالية والفوائد الجليلة التي تقدّمها من خلال برامج متنوعة بين السور. فجزى الله تعالى القائمين على هذه البرامج خير الجزاء ورفع قدرهم في الدنيا والآخرة.

وأخيرا: بعد شكر الله تعالى، لابدّ من شكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، حفظه الله ورعاه وسدّد خطاه، على الجهود والتوجيهات العظيمة والمستمرة التي يقدّمها سمّوه في سبيل خدمة القرآن الكريم من خلال هذه البرامج المتنوعة والمشروعات المختلفة. فجزى الله تعالى سموّه خير الجزاء ورفع قدره في الدنيا والآخرة. والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (نعمة اللحظة)، يرجى الضغط هنا.

السبت، 18 أكتوبر 2025

مشاهدات (161) - نعمة اللحظة

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

بحثت عن معنى كلمة (اللحظة) في معجم المعاني فكان المعنى أنّها الوقتُ القصيرُ بمقدارِ لَحْظِ العيْن، وتُستَخدم اللحظة كذلك للوقت القصير جدا. والحقيقة هي أنّ هذه اللحظات هي ما تشكّل حياتنا وأعمارنا. فهذه اللحظات القصيرة عندما تجتمع مع بعضها البعض، فإنّها تشكّل وقتا أطول.

كل لحظة من حياتنا عبارة عن نعمة من الله تعالى لأنّها تعطينا فرصة لأن نستزيد من الحسنات والطاعات. وقد يقول قائل: كيف ذلك؟ خاصة أنّ اللحظة عبارة عن وقت قصير جدا. نقول بأنّ اللحظة وراء اللحظة تشكّل وقتا وهذا ما يمكننا استثماره، فما لم نركّز على لحظاتنا فإنّنا لا يمكننا استثمار أوقاتنا.

هذه اللحظات سنُسأل عنها يوم القيامة بكل تفاصيلها كما جاء في الحديث الشريف: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ...الحديث" (رواه الترمذي)، فأول سؤال هو عن العُمُر، وكم سيكون موقف الشخص جيّدا عندما يعلم بأنّه أحسن استثمار لحظات عمره في الدنيا، وعلى الجانب الآخر، سيكون موقفه صعبا جدا إذا لم يحسن استثمار لحظاته في الدنيا فيما يرضي الله تعالى.

نستطيع في لحظاتنا أن نفعل الكثير والكثير، فمجال الأعمال الصالحة واسع جدا، بل وهناك أعمال يسيرة يستطيع بها الشخص أن يملء لحظاته مثل ذكر الله تعالى وقراءة القرآن الكريم. وحياة العلماء مليئة بمثل هذا الاستثمار الدقيق للحظات لأنّهم عرفوا قيمتها وأنها سبب في زيادة حسناتهم ورفعة درجاتهم يوم القيامة.

وهنا تأتي روعة القرآن الكريم في حثّنا على استثمار لحظاتنا من خلال أساليب متنوعة منها بيان ندم أولئك الذين لم يحسنوا استثمار لحظاتهم في الدنيا فيكون ندمهم شديدا جدا يوم القيامة كما قال سبحانه على لسانهم: "يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" (الفجر 24) وفي الآية الأخرى: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100) ولا شكّ أنّنا لا نريد أن نكون من هؤلاء فنكون في موقف عصيب والعياذ بالله تعالى.

وحتى لا يكون الأمر مجرّد كلام نظري، نحتاج حتى نستثمر لحظاتنا إلى وضع أهداف وخطط يومية وشهرية وحياتية ثم متابعة هذه الأهداف والخطط وتقييمها بشكل مستمر، فبهذه الطريقة نستطيع أن نضمن ولو بشكل بسيط أنّنا في الطريق الصحيح. والتوفيق أولا وأخيرا من الله تعالى وحده وبالتالي لا بدّ لنا من طلب المعونة منه سبحانه دائما وأبدا، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وقفة مع أبيات شعرية)، يُرجى الضغط هنا.

الاثنين، 29 سبتمبر 2025

مشاهدات (160) - وقفة مع أبيات شعرية

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من الشِّعرِ لحكمةً" (رواه ابن ماجه)، وقد استوقفتني أبيات شعرية تُنسب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيها:

ولدتكَ أُمُّكَ يابنَ آدمَ باكياً               والنَّاس حَولكَ يَضحَكونَ سُروراً

فاعمَل لِنَفسِك أن تكون إذَا بكَوا                فِي يَوْمِ مَوتِكَ ضاحِكاً مسروراً

هناك معانٍ جميلة في هذه الأبيات استوقفتني منها معنًى هام ينبغي أن يكون دائما في أذهاننا بل هدفا أساسيا في حياتنا وهو (حسن الخاتمة) الذي يجعل الشخص ضاحكا مسرورا كما جاءت في الأبيات الشعرية. فلماذا الحرص على حسن الخاتمة؟

لا شكّ أنّ هناك معانٍ متعددة لحسن الخاتمة والجامع لهذه التعاريف هو أن يموت المسلم وهو على طاعة الله، مبتعدا من معصية الله، مُتَّبعًا لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. والأهمية هنا تكمن بأنّ حسن الخاتمة يعني بأنّ طريق الشخص سيكون بإذن الله تعالى أيسر وأسهل ابتداء من دخوله القبر ومرورا بالحساب وانتهاء بالمصير النهائي.

ومن هنا نفهم ما جاء عن الصحابي الجليل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّه كان يبكي عند القبر ويقول: (إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازلِ الآخرةِ، فإن نجا منهُ، فما بعدَهُ أيسرُ منهُ، وإن لم يَنجُ منهُ، فما بعدَهُ أشدُّ منهُ)، فحسن الخاتمة يعني أن يكون الشخص في نعيم في القبر بإذن الله تعالى ولذلك حرص عليه الصالحون في القديم والحديث.

والسؤال الهام هنا، كيف يتحقق حسن الخاتمة للشخص؟ بأمرين أساسيين هما: الحرص والمداومة على الأعمال الصالحة حتى آخر لحظة من حياة الشخص وسؤال الله تعالى حسن الخاتمة في كل وقت وحين. وليعلم الشخص بأنّ حسن الخاتمة توفيق من الله تعالى ولا يملك الشخص من ذلك شيء ولذلك فالحرص على الأمرين السابقين طريق لجلب هذا التوفيق من الله تعالى.

ومن توفيق الله تعالى للعبد ما جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ، قِيلَ: كيفَ يَستعمِلُهُ؟ قال: يُوفِّقُهُ لعملٍ صالِحٍ قبلَ الموْتِ ثمَّ يَقبِضُهُ عليهِ" (صحيح الجامع). نحتاج أن نضع (حسن الخاتمة) في بالنا دائما لأنّ سوء الخاتمة موجود كذلك حيث نسمع بين حين وآخر لأشخاص كانت خاتمتهم سيئة والعياذ بالله تعالى. نسأل الله تعالى أن يحسن خاتمتنا والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (كتاب علمتني الحياة)، يرجى الضغط هنا.

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

مشاهدات (159) - كتاب (علّمتني الحياة)

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

الإعلان الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله تعالى بخصوص كتابه الجديد (علّمتني الحياة) كان أكثر من رائع حيث شدّني فيه حرص سمّوه على نقل تجاربه وخبراته التي امتدّت لسنوات طويلة لكل الناس في صورة كتاب والذي سيبقى أثره لأعوام طويلة بإذن الله تعالى لتتناقل الأجيال هذه التجارب والخبرات.

عندما نقرأ في كتب القيادة، نجد أنّ من أهم صفات القادة الناجحين حرصهم على نقل تجاربهم وخبراتهم للآخرين حتى يستفيدوا منها ويتعلّموا من دروسها وهذا ما يفعله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين ينشر كتبه، فمثلا حين تقرأ كتابه (تأملات في السعادة والإيجابية) تجد بأنّه يضع خلاصة تجاربه وخبراته في موضوعي الإيجابية والسعادة من خلال قصص ومواقف عاصرها وتعلّم منها، وكذلك الحال بالنسبة لكتابه (وصيّتي) حيث يوصي سمّوه الناس بوصايا قيّمة جدا بناء على تجارب عاشها ودروس تعلّمها.

نشر التجارب والخبرات من أهم الأمور التي يجب أن يحرص عليها القادة في مختلف المجالات ولا شكّ بأنّ تنوع وسائل الإعلام في عصرنا الحالي يساعد على هذا النشر بشكل كبير خاصة مع انتشار برامج (البودكاست) بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يُقتصَر هنا فقط على التجارب الإيجابية بل حتّى السيئة منها لأنّ الدروس قد تكون فيها أكثر وأنفع للآخرين.

ولا يقتصر هذا الأمر على القادة في المؤسسات بل يتعدّى ذلك إلى الآباء والأمهات في البيوت والمعلّمين في المدارس والمدرّبين في الأندية الرياضية وغيرهم. فكل شخص له تجارب في حياته يستطيع أن يفيد بها الآخرين فينفعهم في دنياهم وآخرتهم.

وكلّ ذلك يدخل في نهاية الأمر إن أخلص الشخص نيّته لله تعالى في باب نشر العلم النافع وهذا لا شكّ من الحسنات الجارية كما قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" (رواه مسلم). فكلّما استفاد شخص ما من خبرة الذي نشر، كان ذلك في ميزان حسناته بإذن الله تعالى.

أتوقّع شخصيا بأنّ كتاب صاحب السمو الجديد سيكون له صدى كبير وانتشار واسع بإذن الله تعالى، فمثل هذه الكتب جديرة بأن تُقرأ لأنّ فيها كنوز كثيرة يستطيع الشخص أن يستفيد منها في جوانب كثيرة من حياته. جزى الله تعالى سمّوه خير الجزاء والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (المؤسسات الخيرية والوقفية...شكرا لكم)، يرجى الضغط هنا

الخميس، 28 أغسطس 2025

مشاهدات (158) - المؤسسات الخيرية والوقفية...شكرا لكم

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

صليّت قبل مدة في إحدى المساجد في الشارقة وقد لاحظت على لوحة اسم المسجد عبارة (مشروع بيتي في الجنة) مما يدل على أنّ هذا المسجد بُنِي من مساهمات الناس في هذا المشروع المبارك والذي أثمر عن بناء هذا المسجد الجميل.

المتأمل في الدور الكبير والضخم الذي تقوم به المؤسسات الخيرية والوقفية في الدولة لابدّ أن يوجّه لها رسالة شكر وعرفان، ليست رسالة واحدة بل رسائل كثيرة ومستمرة. هذه المؤسسات تقوم بعمل جبّار في المجالات المختلفة وتعطي الناس مجالات وفرص كثيرة لاكتساب الحسنات بأسهل وأفضل صورة ممكنة.

فجميعنا نلاحظ وجود هذه المؤسسات في الأماكن المختلفة سواء في المساجد أو المراكز التجارية أو أماكن التسوق أو غيرها. والجميل هنا وجود وسائل مختلفة لتقديم التبرعات والمساعدات سواء عن طريق وجود أشخاص أو أجهزة ذكية أو صناديق التبرعات، هذا غير التطبيقات الذكية التي توفرها هذه المؤسسات للتّسهيل على الناس في تقديم المساعدات والتبرعات.

والأجمل من هذا هو المجالات المختلفة والمتنوعة التي توفّرها هذه المؤسسات مثل بناء المساجد وحفر الآبار ومساعدة الفقراء والمساكين وعلاج المرضى ومساعدة المعسرين وغيرها. هذا غير المساعدات التي تقدمها هذه المؤسسات للدول المختلفة سواء كان لبناء المشاريع المختلفة أو للكوارث التي تمرّ بها.

أمر آخر رائع توفّرها هذه المؤسسات وهي الإبداع والأفكار الجميلة في المجالات حيث تظهر مجالات جديدة للصدقات والأوقاف مثل ما تقوم به مثلا الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة من توفير أوقاف مختلفة ومتنوعة بين حين وآخر. هذا غير أنّ مبالغ المساهمات والتبرعات تناسب جميع الناس، فحتّى من عنده مبالغ قليلة، يمكنه التبرّع والحصول على الحسنات وثمرات الصدقة بإذن الله تعالى.

نقول لكل هذه المؤسسات: جزاكم الله خيرا على هذه الجهود العظيمة والرائعة، ولابدّ كذلك من شكر القائمين والمسؤولين القائمين على هذه المؤسسات والذين يقومون بجهود جبّارة في سبيل تقديم أفضل خدمة ممكنة لكل من يستحق سواء كان داخل الدولة أو خارجها. قال صلى الله عليه وسلم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (رواه الترمذي). والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (قل بفضل الله وبرحمته)، يرجى الضغط هنا.

الاثنين، 18 أغسطس 2025

مشاهدات (157) - قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ

بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كنت أسمع مؤخّرا (بودكاست) لأحد العلماء الفضلاء تحدّث فيه عن الحاجة لإعادة علاقتنا بالقرآن الكريم بحيث يكون كتاب هداية ونور لنا مع كونه وسيلة لكسب الحسنات الكثيرة. نحتاج إلى أن نتدبر القرآن الكريم ونجعله منهجا لحياتنا، ومن فعل ذلك فستتّجه بوصلة حياته كما أراد الله تعالى.

ومن الآيات الكريمة التي يجب أن نجعلها منهاجا لحياتنا قوله سبحانه وتعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ" (يونس 58)، ومع أنّ علماء التفسير لهم أقوال متعددة في تفسير فضل الله تعالى ورحمته، فإنّ هذه الجملة القرآنية يجب أن تكون في قلوبنا دائما قبل أن تكون على ألستنا.

فكلّ نعمة أنعم الله بها عليها في حياتنا وهي كثيرة جدا لا نستطيع بطبيعة الحال أن نحصيها نحتاج أن نقول لكلّ منها أنّها (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ). وبالطبع، فأعظم نعمة على الإطلاق وهي كوننا مسلمين تحتاج منّا أن نقول أنّها (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ).

وكل خير يتحقّق لنا في حياتنا يحتاج منّا أن نقول أنّه (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ)، وكل إنجاز نحقّقه في أي مجال يحتاج منّا أن نقول أنّه (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ). وحينما يصرف الله تعالى عنّا الضر والأذى والمرض والمشاكل، يحتاج منّا أن نقول أنّ ذلك (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ). وحين يكون القادة والمسؤولين والمدراء أشخاصا إيجابيين يهدفون إلى سعادة الآخرين، يحتاج منّا أن نقول أنّ ذلك (بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ).

ولذلك كان قول (الحمد لله) من أعلى الأذكار أجرا وثقلا في ميزان الشخص يوم القيامة. وبالطبع لا يعني هذا الأمر أن ننسى أو نغفل فضل الناس علينا، فشكرهم من شكر الله تعالى وهو من الأخلاق الراقية التي ينبغي لنا الاتصاف بها.

القرآن الكريم بمثل هذه الآيات الكريمة يعيد تشكيل تفكيرنا لنسير في الاتجاه الصحيح الذي يريده الله تعالى، فالفضل كل الفضل لما نحن فيه لله تعالى، وبرحمته سبحانه نعيش في نِعَم كثيرة ولذلك جاء دعاء جميل عن النبي صلى الله عليه وسلم يجمع هذين الأمين كما ورد في الحديث الشريف: "اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِن فضلِكَ ورحمتِكَ فإنَّهُ لا يملِكُهُا إلَّا أنتَ" (السلسلة الصحيحة). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (قلبٌ معلّق بالمساجد)، يرجى الضغط هنا.

الأربعاء، 30 يوليو 2025

مشاهدات (156) - قَلْبٌ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِدِ

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

استوقفتني جملة نبوية جميلة في حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظلّه حيث ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم من جملة هؤلاء: "وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالمَسَاجِد" (متفق عليه)، وسأقف مع هذه الجملة بعض الوقفات في النقاط التالية:

أولا: قرأت في شرح هذه العبارة من موقع (الدرر السنية): أنّ الشخص المتعلّق قلبه بالمساجد هو (شَديدُ الحُبِّ والتَّعلُّقِ بالمساجِدِ، يَتردَّدُ عليها، ويَكثُرُ مُكثُه فيها، مُلازِمًا للجَماعةِ والفرائضِ، ومُنتظِرًا للصلاةِ بعْدَ الصلاةِ، كأنَّ قَلبَه قِنديلٌ مِن قَنادِيلِ المسجِدِ).

ثانيا: السؤال الهام هنا، لماذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الفئة من جملة الذين يظلّهم الله تعالى في ظلّه؟ لا شكّ أنّ هناك حِكَم كثيرة ولكن في وجهة نظري أنّ من أهمّ الأسباب مكانة وقدر المسجد في الإسلام حيث أنّه "أحبُّ البِقاعِ إلى اللهِ" (رواه مسلم) وفيه تقام أعظم شعائر الإسلام وأفضل العبادات وهي الصلاة وفيه يُقرَأ القرآن الكريم ويُذكر الله تعالى أي الأمور التي يحبّها الله تعالى.

ثالثا: لا شكّ أنّ الذي يحرص على بناء المساجد أو يشارك في بنائها يكون قلبه معلّق بالمساجد كذلك. وهذا الأمر مُشاهد لدى الأشخاص الذي يتبرعون بكثرة في بناء المساجد. هذا غير الأجور العظيمة الأخرى المترتبة على بناء المساجد.

رابعا: من الأسباب كذلك أنّ الشخص المعلّق قلبه بالمساجد، معلّق قلبه كذلك بالصلاة وبالحرص عليها وعلى أدائها في أوقاتها وهذا لا شكّ فضل عظيم وأجر كبير للشخص لما للصلاة من منزلة عالية ومكانة عظيمة في الإسلام.

خامسا: يحتاج الشخص إلى جهد كبير جدا لكي يجعل قلبه معلّق بالمساجد لأنّ مشاغل الدنيا وملهياتها كثيرة وهي تجذب الشخص بقوة لكي يأتي إلى المسجد ويخرج منه بأسرع ما يمكن وبالتالي يحتاج الشخص إلى إرادة قويّة وعزيمة جبّارة لكي يجعل قلبه يتعلّق بالمسجد ويحبّه ويشتاق إليه.

وأخيرا: أعتقد أنّه يجب أن نحرص على أن نكون من إحدى الأصناف الذين يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم القيامة ونجعل ذلك هدفا أساسيا في حياتنا وأولوية لنا لأنّ الموقف يوم القيامة كما ورد سيكون شديدا وعصيبا وسنحتاج بشدة إلى أن نكون في ظلّ الله تعالى ولذلك فالحرص على أن نكون من إحدى هذه الأصناف سيجعلنا في موقف مريح بإذن الله تعالى. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (عام آخر من أعمارنا)، يُرجى الضغط هنا.

الأحد، 29 يونيو 2025

مشاهدات (155) - عام آخر من أعمارنا

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

قبل أيّام، ودّعنا عاما هجريا واستقبلنا عاما آخر جديدا نسأل الله تعالى أن يكون عاما مباركا ومليئا بالإنجازات والخير للجميع. ربّما لا نركّز كثيرا على العام الهجري بحكم أنّ أكثر مواعيدنا مرتبطة بالعام الميلادي ولكنّ المهم هنا أن ندرك أنّ نهاية عام سواء كان هجريا أو ميلاديا تعني نهاية فصل من أعمارنا واقترابنا أكثر وأكثر من أجلنا المحتوم وهو الموت.

وأعتقد أنّ من رحمة الله تعالى بنا أن يذكّرنا بمثل هذه المناسبات بمسألة المحاسبة أي محاسبة أنفسنا على ما فعلناه خلال العام. وهنا تكمن أهمية وجود الخطة الشخصية والتي تبيّن إن كان الشخص قد حقّق أهدافه أم لا وأيضا تبيّن إنجازاته والأمور التي قصّر فيها. ليس الهدف وجود خطة بعينها وإنّما محاسبة الشخص لنفسه بشكل مستمر ولذلك فإنّ وجود الخطة تسهّل على الشخص هذا الأمر بشكل كبير.

المحاسبة الشخصية ضرورة لأنّها تجعل الشخص يستدرك الأمور بشكل سريع خاصة إن كان مقصّرا في الواجبات وحتى النوافل والمستحبات. قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة).

وله رضي الله عنه قول آخر مشهور في المحاسبة حين قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيّنوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). ومن الأقوال الجميلة كذلك قول التابعي الجليل ميمون بن مهران رحمه الله تعالى: (لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه).

دخول عام جديد يعني فرصة جديدة، وأقصد بالفرصة هنا الاستزادة من الحسنات من خلال طاعة الله تعالى والتوبة والاستغفار من المعاصي والسيئات. ولا ندري كم ستسمر هذه الفرصة معنا، فقد تستمر لسنوات أو شهور أو أيام أو لحظات، فالإنسان لا يدري متى سيكون أجله ولذلك ينبغي له الاستعداد الدائم لهذه اللحظة.

قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (الحشر 18). قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: (وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللا تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه، وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة). والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (اللهم اجعلنا من الأبرار)، يرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 17 يونيو 2025

مشاهدات (154) - اللهم اجعلنا من الأبرار

بسم الله الرحمن الرحيم 


 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

هناك فئات كثيرة ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم ومن هذه الفئات التي يجب أن نلقي لها بالا فئة (الأبرار)، وقد ورد ذكرها في آيات متعددة كقوله تعالى: "رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ" (آل عمران 193)، وقوله تعالى: "إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ" (الانفطار 13). المهم هنا أن نطمح لأن نكون من هذه الفئة لأنّ هذا هو المقصد الحقيقي لذكرها في القرآن الكريم.

وحتى ندخل ضمن هذه الفئة، يجب علينا أولا أن نتعرّف على معنى كلمة (الأبرار). جاء في تعريفها أنّها جمع بار وهم المطيعون والمؤمنون الصادقون، ورجال أبرار: رِجَالُ صِدْقٍ وَخَيْرٍ وَإِحْسَانٍ وَإِصْلاَحٍ. أمّا عن أقوال المفسّرين رحمهم الله تعالى، فأورد بعضا منها:

قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: (وهم الذين برّت قلوبهم بما فيها من محبة الله ومعرفته، والأخلاق الجميلة، فبرّت جوارحهم، واستعملوها بأعمال البر)، وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: (يعني المؤمنين الصادقين في إيمانهم المطيعين لربهم)، وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: (برّوا بطاعتهم ربهم في أداء فرائضه، واجتناب معاصيه).

السؤال الهام هنا بعد أن عرفنا التعريفات المختلفة لهذه الفئة هو: كيف نكون من هذا الصنف؟ وقبل أن أجيب على هذا السؤال، يجب علينا أن نعمل بكل جهدنا لكي نكون من هذه الفئة، لماذا؟ لأنّ الله تعالى ذكر الأبرار بأنّهم في نعيم كبير في الجنّة كما جاءت الآيات الكريمة بذلك، ولأنّ من ضمن دعاء المؤمنين الذي ذكره الله تعالى في كتابه بأن يتوفاه الله تعالى مع الأبرار مما يدلّ على علو قدر هذا الصنف من الناس.

أمّا عن الإجابة عن سؤال كيف، فمن التعريفات السابقة، نستطيع القول بأنّ هناك ثلاثة أمور لكي نصل إلى هذه الفئة بعد توفيق الله تعالى:

·      طاعة الله تعالى باتّباع أوامره واجتناب نواهيه.

·      الاهتمام بالقلب بتنقيته من الأمراض القلبية وتغذيته بالعبادات القلبية.

·      الدعاء المستمر لله تعالى بأن نكون من هذه الفئة.

كم هو جميل أن يأتي الشخص يوم القيامة وينادى عليه بأنّه من الأبرار لأنّ فرحه سيكون كبيرا جدا لأنّ ذلك يعني النعيم المقيم في الجنة. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من هذه الفئة وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه. والحمد لله رب العالمين. 


لقراءة الحلقة السابقة (الفوز الحقيقي)، يرجى الضغط هنا.

الخميس، 29 مايو 2025

مشاهدات (153) - الفوز الحقيقي

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

جميعنا نطمح إلى الفوز في مجالات مختلفة، ولا شكّ بأنّنا نفرح عندما نفوز في أي أمر سواء كان ذلك الحصول على تكريم أو جائزة أو الفوز في لعبة أو منافسة أو نحصل على إحدى المراكز الأولى أو غيرها، وهذا أمر حسن ما دام مشروعا، ولكنّ القرآن الكريم يأتي ليغيّر مفهومنا عن الفوز الحقيقي ويضبط البوصلة تجاه الأمر الذي يجب أن نسعى إليه لكي نحقّق هذا الفوز.

دعونا نتأمل بعض الآيات القرآنية التي تحدّثت عن الفوز حتى نعرف ماذا يريد منّا القرآن أن نركّز عليه. 

قال تعالى: "فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ" (آل عمران 185)، 

وقال الله تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (النساء 13)، 

وقال سبحانه: "قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (المائدة 119)، 

وقال سبحانه: "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ" (الجاثية 30).

هذه الآيات وغيرها تبيّن بوضوح بأنّ الفوز الحقيقي هو في دخول الجنّات والنجاة من النيران ونيل رحمة الله تعالى يوم القيامة، لأنّ هذا الفوز هو الفوز المطلق والكامل والذي تصغر أمامه كل فوز حقّقه الشخص في الدنيا ولو كان شيئا كبيرا في وجهة نظره أو الآخرين. قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: (فمن نُحِّي عن النار فأبعد منها وأدخل الجنة، فقد نجا وظفر بعظيم الكرامة).

وحتى ندرك معنى هذا الفوز، تأمّل في هذا الحديث الشريف الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ" (رواه مسلم)، فالحديث يصف بوضوح بأنّ لحظة واحدة في الجنّة تنسي الشخص كلّ ما مرّ به في حياته الدنيا ولو كانت لسنوات طويلة لأنّ هذا هو الفوز الحقيقي.

عندما نضع هذا الأمر نصب أعيينا دائما، فستتغيّر حياتنا بشكل كامل لأنّنا سنسعى إلى تحقيق كلّ ما يؤدي إلى هذا الفوز من عمل الصالحات واجتناب المعاصي والمحرّمات فسنسعد بذلك في الدنيا قبل الآخرة كما قال سبحانه: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" (النحل 97).

نحتاج أن نتدبّر القرآن الكريم ونعيد حساباتنا وطريقة تفكيرنا لكي يتوافق مع ما يقوله رب العالمين سبحانه، وبهذا يتحوّل القرآن الكريم إلى كتاب نور وهداية فننال الفوز الحقيقي بإذن الله تعالى. نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (أحاديث للقلوب مباشرة)، يرجى الضغط هنا.

الثلاثاء، 20 مايو 2025

مشاهدات (152) - أحاديث للقلوب مباشرة

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

في كل مرة يتحدّث فيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله تعالى ورعاه، تجد حديثه حديث الوالد لأبنائه والمعلّم لتلاميذه والمربّي لشعبه، ويتميّز سموّه بحديثه الدافئ وفي نفس الوقت تجد العمق في المعاني والواقعية في الطرح، ولذلك تصل أحاديثه إلى القلوب مباشرة.

هذا النوع من القيادة مزيج عجيب من القيادة بالحب والاحترام والقدوة مع وجود معرفة عميقة بالأمور سواء كان ذلك في الجانب النظري أو العملي من خلال الزيارات الميدانية والمتابعات الدقيقة. كل ذلك وسمّوه يتابع أمور الناس ومشاكلهم ويظهر ذلك جليّا من خلال مداخلاته القيّمة أو أوامره في برنامج الخط المباشر أو غيرها من الأدوات.

قبل مدة، كنت أسمع حديث سمّوه عن أهمية الصلاة ثمّ في مقطع آخر عن مسألة الأخلاق في وسائل التواصل الاجتماعي، واليوم تحدّث كذلك للاعبي فريق الشارقة لكرة القدم عن مسألة الأخلاق في المباريات وغيرها من الأمور. والجميل في أحاديث سمّوه هو إدخاله الفكاهة في بعض الأحيان مما يعطي أحاديثه كذلك متعة أخرى جميلة.

يقول صلى الله عليه وسلم: "خِيارُ أئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ ويُحِبُّونَكُمْ، ويُصَلُّونَ علَيْكُم وتُصَلُّونَ عليهم" (رواه مسلم). هذا الحب والدعاء المتبادل بين القائد وشعبه من أسباب سعادة المجتمع بعد توفيق الله تعالى وعونه. يحتاج القادة في مختلف المجالات أن يتعلّموا هذا النوع من القيادة من صاحب السمو لأنّ له ثمرات وفوائد كثيرة تعود على الجميع.

نسأل الله تعالى أن يوفّق صاحب السمو إلى كل خير وأن نكون جميعا من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب وأن يرزقنا الإخلاص والصواب في جميع الأقوال والأفعال، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)، يرجى الضغط هنا.