الخميس، 27 فبراير 2025

مشاهدات (149) - القيادة مدارس

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

وأنا أقرأ في كتب القيادة المختلفة ألاحظ أن هناك اختلافا من المؤلفين اتجاه أساليب القيادة ونظراتهم حول القادة الموجودين. وهذا كذلك واقع مُشاهد من خلال الاحتكاك بالقيادات المختلفة وسماع قصصهم ومواقفهم. وهنا قد يأتي التساؤل، ما هي القيادة المطلوبة أو ما هي القيادة المثالية؟

أريدك أن تكتب هذا السؤال في موقع البحث (جوجل) أو تسأل أيّا من برامج الذكاء الاصطناعي. ستجد أجوبة كثيرة ومتعددة وهذا كذلك شيء طبيعي لأنّ الشخص أو النظام الذي يجيب على هذا السؤال سوف يبني على خبرته ومواقفه وتجاربه وقراءاته، وبالتالي لن تحصل على الإجابة التي تريدها بل يمكن أن تزيد حيرتك.

في نظري، أنّ الأفضل من البحث عن إجابة هذا السؤال هو تغيير السؤال إلى: ما هي القواعد الرئيسة للقيادة الإيجابية؟ فمعرفة قواعد أو مبادئ القيادة سوف تسهّل معرفة القائد المثالي أو الإيجابي. وهذه القواعد سوف يتّفق عليها الأغلب مثل الاهتمام بالرؤية والاستراتيجية والناس والإيجابية والإصرار وغيرها.

أمر آخر يساعد على معرفة صفات القائد الإيجابي وهي قراءة حياة القادة العظماء وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام. فهؤلاء جسّدوا صفات القيادية الإيجابية وهناك كتب ومقالات وبرامج تكلّمت عن هذا الأمر يمكن الرجوع إليها.

الأمر الهام الذي يجب أن نعرفه أنّ موضوع القيادة من أهم المواضيع التي تحرص عليها الدول المتقدمة والمؤسسات الناجحة لأنّها أساس في النجاح أو الفشل، فكما يقول المؤلف الأمريكي جون سي ماكسويل والذي له كتب متعددة عن القيادة بأنّ كل أمر يعتمد في النهاية على القيادة، وهذا أمر صحيح والواقع في القديم والحديث يشهد بذلك.

لماذا أتحدّث عن القيادة في هذه الحلقة؟ إحدى الأسباب الرئيسة هي أنّ القيادة هامة في جميع المجالات ابتداء من المنزل ومرورا بالعمل والمدرسة والجامعة وانتهاء بالألعاب الرياضية. ولذلك فإن معرفة علم القيادة ضرورة لمن أراد النجاح والتميز في أي مجال كان حتى لو كان في المنزل. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الفردوس)، يرجى الضغط هنا.

الاثنين، 17 فبراير 2025

مشاهدات (148) - الفردوس

بسم الله الرحمن الرحيم 


 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

تأمّلت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ وأَعْلَى الجَنَّةِ" (رواه البخاري)، وتساءلت، لماذا حثّنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسأل الله تعالى الفردوس وهو أعلى الجنة ووسطها وأفضلها مع كل الجنّة حسنة ورائعة؟ هناك عدة أمور نستطيع أن نستفيدها من هذا التوجيه النبوي الجميل:

أولا: يريدنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون لنا طموح عالٍ في الدعاء بحيث نرفع السقف إلى أعلى الأمور، وهذا الطموح في الدعاء توجيه ربّاني كذلك حين قال سبحانه في كتابه الكريم: "وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" (الفرقان 74)، فالمتقين ذوو درجة عالية جدا، ومع ذلك يوجّه الله تعالى بأن يدعو الشخص بأن يكون إماما لهذه الفئة وهذا لا شك طموح عال في الدعاء.

ثانيا: هذا الطموح في الدعاء ينبغي أن يتبعه طموح في العمل وذلك بأن يسعى الشخص إلى طَرْقِ أبواب الخير ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ليس ذلك فقط، وإنّما الحرص على الأعمال التي لها أجور خاصة ومضاعفة، فيكون طموحه في الدعاء مناسبا لطموحه في العمل.

ثالثا: هذا التوجيه النبوي يبيّن بوضوح اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بأمّته ورحمته بهم، فهو صلى الله عليه وسلم يريد لنا الخير الكثير والدرجات العلا من الجنة ولذلك وجّهنا لهذا الدعاء العظيم ولم يقتصر توجيهه مثلا لبعض أصحابه أو لمن له أعمال خاصة، وإنّما كان التوجيه للجميع بلا استثناء.

رابعا: الحرص على تطبيق هذا الدعاء يُكسب الشخص فوائد وثمرات متعددة، فجانب أداء الدعاء والذي هو بحدّ ذاته عبادة عظيمة جدا، فإنّ الحرص على هذا الدعاء له أجر اتّباع سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كذلك له أجر عظيم عند الله تعالى.

خامسا: هذا الدعاء يربط الشخص بالآخرة والجنّة، وهذا مما نحتاجه في هذه الأيام بكثرة حيث زادت مغريات الدنيا وكثرت همومها وأشغالها ومتاعبها وأصبح الاهتمام بالدنيا طاغيا بحيث أصبح الدعاء عند البعض موّجها أكثر نحو أمور الدنيا. الأصل هو أن نضع الآخرة كأولوية لنا دائما كما قال سبحانه في الآية العظيمة: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" (القصص 77). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (عقلية التعلّم...مرة أخرى)، يُرجى الضغط هنا.

الخميس، 30 يناير 2025

مشاهدات (147) - عقلية التعلّم...مرة أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كنت قد كتبت مقالة بنفس عنوان هذه المقالة من قبل بتاريخ 16 فبراير 2021 (عقلية التعلّم)، وما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع أنّني قرأت مقولة جميلة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله تعالى يقول فيه: (العلم هو الذي يصنع الحياة، ومن يتوقف عن التعلّم، يتوقف عن الحياة)، وفي نفس الوقت، حضرت دورة تدريبية على منصة (اللينكد إن التعليمية) بعنوان (تطوير عقلية التعلّم في عصر الذكاء الاصطناعي).

عقلية التعلّم من أهم صفات المتميزين، وهو ليس بالأمر اليسير خاصة مع التقدّم السريع والهائل في جميع المجالات، فالبحوث والكتب والمقالات والمحاضرات والمؤتمرات لا تتوقف، وهذا يدلّ على وجود الجديد دائما، ومع وجود الذكاء الاصطناعي بأنواعه المختلفة، فالجديد أصبح أكثر وأكثر بشكل لا يُتصوّر.

ماذا يعني عقلية التعلّم؟ تعني أن نجعل التعلّم جزءا من حياتنا بحيث يكون لنا وسائل واضحة نتعلّم منها بشكل مستمر مثل القراءة أو سماع المواد المسموعة وحضور المحاضرات والدورات التدريبية وغيرها من الوسائل. وتعني كذلك أن يكون التعلّم جزءا من خططنا الحياتية سواء كانت يومية أو شهرية أو سنوية.

الشخص الذي لدية عقلية التعلّم يكون منفتحا على تعلّم الجديد وخاصة ما يتعلّق بالتقنيات الجديدة واستخدامها في تنمية نفسه كالذكاء الاصطناعي التوليدي والذي يعطي للشخص معلومات ونصائح وتوجيهات يستطيع من خلالها الشخص أن يطوّر نفسه.

ولا يقتصر التعلّم فقط على التقنيات الجديدة وإنما يشمل كذلك العلوم الشرعية والتي تنبغي أن تأتي كأولوية للشخص لأنها تساعد الشخص على معرفة دينه وتقوية علاقته بالله تعالى، فالجديد في هذه العلوم كثيرة لأنّ العلماء لا يتوقفون عن البحث والكتابة وتقديم المحاضرات وغيرها.

تطوير عقلية التعلّم توجيه ربّاني ونبوي من خلال كثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، هذا غير أقوال العلماء وأفعالهم في التعلّم المستمر كما جاء عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حينما سئل: إلى متى ستطلب العلم؟ فقال: مع المحبرة إلى المقبرة. وهناك الكثير من قصص العلماء الذين كانوا يحرصون على طلب العلم حتى آخر لحظات حياتهم. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وماذا أعددت لها؟)، يرجى الضغط هنا.

الأحد، 19 يناير 2025

مشاهدات (146) - وماذا أعددت لها؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ما هو وحدة قياس الوقت في الإسلام؟ قد يبدو هذا السؤال غريبا بعض الشيء والإجابة عنه واضحة، فقد تكون الوحدة هي الساعة أو الدقيقة أو الثانية بحسب السؤال، ولكن الإجابة الصادمة كانت في بودكاست سمعته منذ فترة عن موضوع الغفلة حيث ذكر المحاضر بأنّ وحدة قياس الوقت في الإسلام هي النَفَسْ !!!.

لماذا هذه الإجابة؟ لأنّ هناك من الصالحين من كان يحسب وقته بأنفاسه وقد يبدو ذلك غريبا أو مثاليا جدا عند البعض ولكنّ هذا كان الواقع إذ كان هناك أشخاص تعجب من شدة حرصهم على الوقت لدرجة أنّهم كانوا يحسبون الأوقات الضائعة بدقة شديدة، كلّ ذلك لأنّهم فهموا حقيقة الوقت وأنّهم سيحاسبون عليها محاسبة دقيقة يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ...الحديث" (رواه الترمذي).

حين سأل الصحابي الرسول صلى الله عليه وسلم عن موعد يوم القيامة، أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال منطقي جدا: "وماذا أعددت لها؟"، فالتركيز ينبغي أن يكون على العمل والإعداد ليوم القيامة بدل معرفة موعد الساعة التي تخفى على الناس جميعا. وهذا الإعداد يأتي من الاستثمار الأمثل للوقت فيما ينفع الشخص في آخرته وهذا ما حرص عليه الصالحون في القديم والحديث.

قد يكون الوصول إلى ما وصل إليه الصالحون من الحرص الشديد على أوقاتهم فيه نوع من الصعوبة لكثير منّا، ولكنّنا نستطيع على الأقل أن نحرص على ألا تضيع أوقاتنا فيما لا ينفع بالإضافة إلى أداء الأعمال الصالحة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. أيضا، قراءة قصص الصالحين في حرصهم على أوقاتهم قد يزيد من حرص الشخص على أوقاته ولحظات عمره.

يجب أن نعلم أنّ الموت يأتي بغتة ولن يستأذن أحدا، والسعيد من جاءه الموت وهو مستثمر لوقته في الخير، أمّا من ضيّع وقته في الدنيا فيما لا ينفع وأكثر من المحرّمات، فيُخشى عليه من الندم يوم لا ينفع الندم. قال تعالى: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100). والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ثَقُلَت وخفّت)، يرجى الضغط هنا.