الأحد، 19 يناير 2025

مشاهدات (146) - وماذا أعددت لها؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ما هو وحدة قياس الوقت في الإسلام؟ قد يبدو هذا السؤال غريبا بعض الشيء والإجابة عنه واضحة، فقد تكون الوحدة هي الساعة أو الدقيقة أو الثانية بحسب السؤال، ولكن الإجابة الصادمة كانت في بودكاست سمعته منذ فترة عن موضوع الغفلة حيث ذكر المحاضر بأنّ وحدة قياس الوقت في الإسلام هي النَفَسْ !!!.

لماذا هذه الإجابة؟ لأنّ هناك من الصالحين من كان يحسب وقته بأنفاسه وقد يبدو ذلك غريبا أو مثاليا جدا عند البعض ولكنّ هذا كان الواقع إذ كان هناك أشخاص تعجب من شدة حرصهم على الوقت لدرجة أنّهم كانوا يحسبون الأوقات الضائعة بدقة شديدة، كلّ ذلك لأنّهم فهموا حقيقة الوقت وأنّهم سيحاسبون عليها محاسبة دقيقة يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ...الحديث" (رواه الترمذي).

حين سأل الصحابي الرسول صلى الله عليه وسلم عن موعد يوم القيامة، أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال منطقي جدا: "وماذا أعددت لها؟"، فالتركيز ينبغي أن يكون على العمل والإعداد ليوم القيامة بدل معرفة موعد الساعة التي تخفى على الناس جميعا. وهذا الإعداد يأتي من الاستثمار الأمثل للوقت فيما ينفع الشخص في آخرته وهذا ما حرص عليه الصالحون في القديم والحديث.

قد يكون الوصول إلى ما وصل إليه الصالحون من الحرص الشديد على أوقاتهم فيه نوع من الصعوبة لكثير منّا، ولكنّنا نستطيع على الأقل أن نحرص على ألا تضيع أوقاتنا فيما لا ينفع بالإضافة إلى أداء الأعمال الصالحة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. أيضا، قراءة قصص الصالحين في حرصهم على أوقاتهم قد يزيد من حرص الشخص على أوقاته ولحظات عمره.

يجب أن نعلم أنّ الموت يأتي بغتة ولن يستأذن أحدا، والسعيد من جاءه الموت وهو مستثمر لوقته في الخير، أمّا من ضيّع وقته في الدنيا فيما لا ينفع وأكثر من المحرّمات، فيُخشى عليه من الندم يوم لا ينفع الندم. قال تعالى: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100). والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ثَقُلَت وخفّت)، يرجى الضغط هنا.