الخميس، 30 يناير 2025

مشاهدات (147) - عقلية التعلّم...مرة أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كنت قد كتبت مقالة بنفس عنوان هذه المقالة من قبل بتاريخ 16 فبراير 2021 (عقلية التعلّم)، وما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع أنّني قرأت مقولة جميلة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله تعالى يقول فيه: (العلم هو الذي يصنع الحياة، ومن يتوقف عن التعلّم، يتوقف عن الحياة)، وفي نفس الوقت، حضرت دورة تدريبية على منصة (اللينكد إن التعليمية) بعنوان (تطوير عقلية التعلّم في عصر الذكاء الاصطناعي).

عقلية التعلّم من أهم صفات المتميزين، وهو ليس بالأمر اليسير خاصة مع التقدّم السريع والهائل في جميع المجالات، فالبحوث والكتب والمقالات والمحاضرات والمؤتمرات لا تتوقف، وهذا يدلّ على وجود الجديد دائما، ومع وجود الذكاء الاصطناعي بأنواعه المختلفة، فالجديد أصبح أكثر وأكثر بشكل لا يُتصوّر.

ماذا يعني عقلية التعلّم؟ تعني أن نجعل التعلّم جزءا من حياتنا بحيث يكون لنا وسائل واضحة نتعلّم منها بشكل مستمر مثل القراءة أو سماع المواد المسموعة وحضور المحاضرات والدورات التدريبية وغيرها من الوسائل. وتعني كذلك أن يكون التعلّم جزءا من خططنا الحياتية سواء كانت يومية أو شهرية أو سنوية.

الشخص الذي لدية عقلية التعلّم يكون منفتحا على تعلّم الجديد وخاصة ما يتعلّق بالتقنيات الجديدة واستخدامها في تنمية نفسه كالذكاء الاصطناعي التوليدي والذي يعطي للشخص معلومات ونصائح وتوجيهات يستطيع من خلالها الشخص أن يطوّر نفسه.

ولا يقتصر التعلّم فقط على التقنيات الجديدة وإنما يشمل كذلك العلوم الشرعية والتي تنبغي أن تأتي كأولوية للشخص لأنها تساعد الشخص على معرفة دينه وتقوية علاقته بالله تعالى، فالجديد في هذه العلوم كثيرة لأنّ العلماء لا يتوقفون عن البحث والكتابة وتقديم المحاضرات وغيرها.

تطوير عقلية التعلّم توجيه ربّاني ونبوي من خلال كثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، هذا غير أقوال العلماء وأفعالهم في التعلّم المستمر كما جاء عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حينما سئل: إلى متى ستطلب العلم؟ فقال: مع المحبرة إلى المقبرة. وهناك الكثير من قصص العلماء الذين كانوا يحرصون على طلب العلم حتى آخر لحظات حياتهم. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (وماذا أعددت لها؟)، يرجى الضغط هنا.

الأحد، 19 يناير 2025

مشاهدات (146) - وماذا أعددت لها؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

ما هو وحدة قياس الوقت في الإسلام؟ قد يبدو هذا السؤال غريبا بعض الشيء والإجابة عنه واضحة، فقد تكون الوحدة هي الساعة أو الدقيقة أو الثانية بحسب السؤال، ولكن الإجابة الصادمة كانت في بودكاست سمعته منذ فترة عن موضوع الغفلة حيث ذكر المحاضر بأنّ وحدة قياس الوقت في الإسلام هي النَفَسْ !!!.

لماذا هذه الإجابة؟ لأنّ هناك من الصالحين من كان يحسب وقته بأنفاسه وقد يبدو ذلك غريبا أو مثاليا جدا عند البعض ولكنّ هذا كان الواقع إذ كان هناك أشخاص تعجب من شدة حرصهم على الوقت لدرجة أنّهم كانوا يحسبون الأوقات الضائعة بدقة شديدة، كلّ ذلك لأنّهم فهموا حقيقة الوقت وأنّهم سيحاسبون عليها محاسبة دقيقة يوم القيامة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ...الحديث" (رواه الترمذي).

حين سأل الصحابي الرسول صلى الله عليه وسلم عن موعد يوم القيامة، أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال منطقي جدا: "وماذا أعددت لها؟"، فالتركيز ينبغي أن يكون على العمل والإعداد ليوم القيامة بدل معرفة موعد الساعة التي تخفى على الناس جميعا. وهذا الإعداد يأتي من الاستثمار الأمثل للوقت فيما ينفع الشخص في آخرته وهذا ما حرص عليه الصالحون في القديم والحديث.

قد يكون الوصول إلى ما وصل إليه الصالحون من الحرص الشديد على أوقاتهم فيه نوع من الصعوبة لكثير منّا، ولكنّنا نستطيع على الأقل أن نحرص على ألا تضيع أوقاتنا فيما لا ينفع بالإضافة إلى أداء الأعمال الصالحة ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. أيضا، قراءة قصص الصالحين في حرصهم على أوقاتهم قد يزيد من حرص الشخص على أوقاته ولحظات عمره.

يجب أن نعلم أنّ الموت يأتي بغتة ولن يستأذن أحدا، والسعيد من جاءه الموت وهو مستثمر لوقته في الخير، أمّا من ضيّع وقته في الدنيا فيما لا ينفع وأكثر من المحرّمات، فيُخشى عليه من الندم يوم لا ينفع الندم. قال تعالى: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" (المؤمنون 99-100). والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (ثَقُلَت وخفّت)، يرجى الضغط هنا.