السبت، 27 يونيو 2020

مشاهدات (48) - اصنع سعادتك



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

شاء الله تعالى أن أحضر خلال الأسبوعين الماضيين محاضرة ودورة عن السعادة حيث كانت المحاضرة للأستاذ فهد هيكل والدورة للأستاذة هالة داود. المادتان كانتا مفيدتين وتم طرح مفاهيم عديدة عن معنى السعادة وكيفية تحقيقها في الحياة.

الملاحظة الواضحة كانت في اختلاف الناس في تحديد معنى السعادة وطرق الحصول عليها وهذا أمر طبيعي بسبب اختلاف ثقافات الناس وشخصياتهم وخلفيّاتهم، فشخص يربط سعادته بالشعور بالرضا الداخلي، وآخر يربطها بالإيمان والدين، وثالث بالمال والثروة والمنصب، وآخر بخدمة الآخرين وهكذا.

الجميل أن المحاضرين اتفقا على أن السعادة قرار داخلي ينبع من داخل الشخص، فإذا قررّ الشخص أن يكون سعيدا فسيكون مهما كانت الظروف وإذا لم يُرِد فسيكون عكس ذلك. ولهذا فإننا نرى أشخاصا سعداء لم يملكون من الحياة إلا القليل وأشخاصا آخرين غير سعداء مع أنهم يملكون أمورا كثيرة.

بعد هذا القرار الداخلي، يحتاج الشخص إلى جهود وأدوات لكي يؤكد هذا القرار، إذ أن السعادة ليست مجرد حلم تأتي بمجرّد أن يستيقظ الشخص من نومه ويقول أنا سعيد، فهذا ليس شيئا منطقيا. الأصل هو كما قال الكاتب جون ماكسويل: (الشيء الجدير بالاهتمام يحتاج إلى عمل شاق)، ولا شك بأن السعادة مطلب رئيس لكل شخص ولذلك نحتاج إلى بذل الجهود لكي نحصل عليها.

الأدوات كثيرة ومتعددة مثل أن يتذكر الشخص نِعَمَ الله تعالى عليه ومن أهمّ هذه النِّعَم كما ذكر الأستاذ فهد هيكل أنّك على قيد الحياة في هذا اليوم، إذ لو كنت ميّتا فليس هناك شيء مهم بالنسبة لك في هذه الحياة، أمّا وقد أعطاك الله تعالى يوما جديدا، فإنك تستطيع أن تتذكّر جميع النِّعم من إيمان وأسرة وعمل وأصدقاء ومال وقدرات وغير ذلك.

كذلك فإن خدمة الآخرين من أهم مصادر السعادة وصدق من قال: (السعادة الحقيقية هي في العطاء وليس في الأخذ) ولذلك نرى كثيرا من المحسنين والمتطوعين تبدو عليهم مشاعر السعادة مع أنهم يعطون من أموالهم وأوقاتهم ولا يأخذون شيئا ولكن يكون هناك شعور داخلي يجعلهم سعداء.

كلمة أخيرة:

وردت كلمة السعادة في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى: "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ" (هود 108). فالسعادة الحقيقية هي في دخول الجنة وهذا يحتاج منّا إلى عمل وجهد ودعاء وتوفيق. والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (القراءة سعادة)، يرجى الضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق