بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب
العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فهدفي من هذه
المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري
أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من
المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور
التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.
إذا قمنا
بسؤال الناس عن أهم عوامل النجاح والتميز في المجالات المختلفة فسنجد أن الثقة ستأتي
في قائمة الإجابات عند كثير من الناس، لذلك لأنّ وجودها سبب لبناء واستمرار
العلاقات الإيجابية وتحقيق النتائج المرجُوّة. وإذا أردنا أن ندرك أكثر قيمة
الثقة، فلنا أن نتخيّل غيابها بين الناس ثم نتساءل، كيف ستكون العلاقات بينهم وهل
سيحقّقون النتائج المرجوّة كما هو الحال عند وجود الثقة؟
تأمّل مثلا
في أهمية الثقة في العلاقات الأسرية، أتحدث هنا عن الثقة المتبادلة بين الأزواج،
وبين الآباء والأبناء، وبين الأشقّاء، وبين الأهل بعضهم مع بعض، ومع الخدم
والعمّال. كيف هي شكل العلاقات في وجود الثقة وفي عدمها؟ أعتقد أن الإجابة واضحة
في أن وجود الثقة سبب أساسي في العلاقات المتينة والإيجابية في الأسرة.
وفي الكتاب
الأخير الذي قرأته (اصنعيني...يا أمّاه) للدكتور خالد بن سعود الحليبي، لاحظت قيمة
الثقة العالية التي كانت بين الأمهات وأبنائهم وكيف نتج ذلك في إخراج عظماء في
التاريخ القديم والحديث.
وفي مجال
العمل أيضا لا بدّ من الثقة المتبادلة بين القادة والمدراء والموظفين والعملاء
وجميع المعنيين، فأي خلل في الثقة بين الأطراف سيؤثّر بلا شك على المؤسسة بدرجات
متفاوتة. وقد شاهدت بنفسي أمثلة في فقدان الثقة بين المدراء والموظفين وكيف أثّر
ذلك على العلاقات والإنتاجية وكانت النتيجة في النهاية غير سعيدة.
وألاحظ نفس
الأمر في عالم كرة القدم حين وجود الثقة بين اللاعبين والمدرب والأجهزة الفنية
والإدارية حيث تسمع دائما تصريحات إيجابية من جميع الأطراف قبل وبعد المباريات حتى
في حالة الخسارة فضلا عن طريقة لعب الفريق في الملعب. أمّا في حالة اهتزاز الثقة
أو انعدامها، فالمتابع يسمع ويرى ما يحدث ولا داعي لإطالة الحديث عن ذلك.
أريد هنا أن
أبيّن نقطتين هامتين في مسألة الثقة، الأولى هي أنّ بناء الثقة في أغلب الأحيان
تراكمي أي أنها تحدث مع مرور الزمن من خلال المواقف والأحداث. نعم، تكون هناك
حالات ثقة تحدث من مرة واحدة ولكن الأغلب في وجهة نظري تراكمي.
النقطة
الثانية هي أن هدم الثقة أسهل من بنائها – للأسف الشديد – وهذا واقع مُشاهد.
شخصياً، لا أؤيّد اهتزاز الثقة من موقف واحد خاصة إن كان هناك وقت طويل في
العلاقات، ولكنّ الواقع يشهد بأن البعض يقوم بسحب ثقته من طرف آخر لمجرّد موقف
واحد أو نتيجة لتراكمات متعددة.
وبناء على هاتين النقطتين، نحتاج إلى تعلّم كيفية بناء الثقة والمحافظة عليها والأمور التي تسبّب اهتزاز الثقة أو فقدانها حيث يمكن تعلّم ذلك من خلال القراءة أو حضور الدورات أو الاستمتاع للمتخصصين وقبل ذلك سؤال الله تعالى التوفيق والسداد فالثقة ضرورة ونحتاج إليها في جميع أمورنا خاصة داخل أُسَرِنا وفي بيئة عملنا. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.
لقراءة المقالة السابقة (وقتك هو حياتك)، يرجى الضغط هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق