الجمعة، 27 مايو 2022

مشاهدات (90) - عقلية الوفرة

 بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

من المفاهيم الجميلة التي تعلمتها في عالم التميّز مفهوم (عقلية الوفرة) وهو مفهوم جميل ومفيد وله الكثير من الفوائد على المستوى الشخصي والجماعي وقد تميّز بهذه الصفة كثير من العظماء والإيجابيين عبر التاريخ. وقد تعلمتها شخصيا من كتب المؤلف الأمريكي جون سي ماكسويل حين يتكلّم عن صفات القادة والأشخاص الناجحين.

عقلية الوفرة عبارة عن طريقة تفكير بالدرجة الأولى ومفاد هذه العقلية بأنّ القمة تسع الجميع ويمكن للجميع النجاح والتميّز في الحياة وبالتالي يتصرّف الشخص وفق هذه العقلية فيساعد الجميع ويوفّر لهم الأدوات والبيئة المناسبة لكي يصلوا جميعا إلى القمّة والتميز، فعقلية الوفرة تدعم التعاون والعمل والتميّز الجماعي.

فائدة أخرى لوجود عقلية الوفرة هي تقليل الحقد والحسد والكراهية بين الناس لأنّ الأساس هو أنّ القمة تسع الجميع وبالتالي لا داعي للتنافس المذموم الذي تنتشر فيه هذه الصفات السلبية وإنما يساعد الجميع بعضهم البعض ويتعاونون فيما بينهم.

عقلية الوفرة تساعد أيضا على التطوّر والتحسّن لأن الجميع يقترح ويساعد ويتعاون، وكما هو معروف بأنّ الفكرة التي تخرج من المجموعة أفضل من التي تخرج من فرد واحد لأنّ مجال تطوير الفكرة والنظر إليها من جوانب مختلفة يكون أكبر.

المؤسسات المتميزة تتميز بوجود أفراد يتمتّعون بعقلية الوفرة، فالتعاون والتكاتف والتآزر طريق إلى التميّز. وشخصيا، أعتقد أنّ المؤسسات المعروفة كأبل وجوجل وفيسبوك ومايكروسوفت وغيرها تتميّز بعقلية الوفرة بشكل عام ولذلك تميّزت ووصلت إلى القمة، فالجميع يسعى إلى نفس الهدف والجميع يريد الوصول للقمة وبالتالي تقل فرص التنافس المذموم.

عقلية الندرة هي المفهوم المعاكس لعقلية الوفرة، وصاحب هذه العقلية يظنّ بأنّ القمّة محدودة وبالتالي يسعى إلى الوصول إليها ولو على أكتاف الآخرين وإن كانت بطرق غير مشروعة. باختصار، صاحب عقلية الوفرة يركّز على (نحن)، بينما صاحب عقلية الندرة يركّز على (أنا).

كلمة أخيرة:

إذا تأملنا في ديننا الحنيف، فسنجد بوضوح أنّه يركّز على عقلية الوفرة، فالخير بطرقه الكثيرة متوفّر للجميع وليس مقصورا على أحد، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تركّز على التمتّع بعقلية الوفرة والابتعاد عن عقلية الندرة كقوله تعالى: "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (القيادة بالحبّ (الشيخ خليفة بن زايد رحمه الله تعالى نموذجا))، يرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق