الاثنين، 1 أغسطس 2022

مشاهدات (94) - الشغف

 بسم الله الرحمن الرحيم  



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

القراءة في سير العظماء والمؤثّرين في التاريخ ممتعة، فهي تعرّف القارئ بالصفات التي تمتّع بها هؤلاء حتى وصلوا إلى هذا التميّز، وأريد أن أقف في هذه الحلقة مع صفة هامّة تميّز بها هؤلاء، وهذه الصفة لا تقف على عمر معيّن إذ يمكن أن تكون لدى الصغار أو الكبار. هذه الصفة هي الشغف.

الشغف يعني الرغبة القوية اتّجاه أمر ما بحيث يسيطر على تفكير الشخص ووقته. والشغف قد يكون برؤية أو مشروع أو هدف أو منتج، وهو بمثابة طاقة داخلية تدفع الشخص لتحقيق الإنجازات والوصول إلى ما يطمح أو ما يهدف إليه.

ولذلك نستطيع أن نفهم لماذا بذل الإمام البخاري جهودا وأوقاتا طويلة حتى أخرج صحيح البخاري أو لماذا لم ييأس توماس أديسون من عدد التجارب والمحاولات الفاشلة التي أجراها حتى نجح في اكتشافاته واختراعاته، وهناك الآلاف من النماذج الأخرى في التاريخ القديم والحديث من أشخاص بذلوا جهودا ضخمة وأوقاتا طويلة دون كلل أو ملل.

وقد يعجب البعض حين يسمع مثل هذه القصص ولكن العجب يزول حين نعرف أنّ هؤلاء الأشخاص اتّصفوا بالشغف اتجاه ما فعلوه فلم يشعروا بالوقت أو الجهد المبذول بل أعتقد أنّهم كانوا يتحسّرون على سرعة فوات الوقت أثناء عملهم وبحثهم وتجاربهم. الشغف بالشيء من أهمّ الطرق لتحقيق الإنجازات.

والقائد الفعّال كذلك ينبغي أن يتّصف بالشغف اتجاه رؤيته وأهدافه لأنّ هذا الشغف هو الذي سيدفعه للتخطيط والمبادرات والابتكارات وتشجيع الآخرين، وسينتقل هذا الشغف بشكل تلقائي إلى الآخرين فيصبح الجميع منتجين وإيجابيين. ولعلّ في دولة الإمارات العربية المتحدة خير مثال لهذا الشغف من القادة والشعب.

بقي أن أذكر بأنّ الشغف ينبغي أن يكون اتّجاه أمر إيجابي لأنّ هناك أشخاص شغوفين بأمور سلبية فيقضون أوقاتا طويلة ويبذلون جهودا كثيرة ولكن في الاتّجاه الخطأ. الشغف ينبغي أن يكون إيجابيا حتى ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.

كلمة أخيرة:

من أفضل أنواع الشغف، الشغف بالأعمال الصالحة سواء الشعائر التعبدية كالصلاة والقرآن أو ما ينفع الآخرين كالأعمال التطوعية ومساعدة المحتاجين والضعفاء. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله ربّ العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (فن الصمت)، يُرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق