الأربعاء، 17 أغسطس 2022

مشاهدات (95) - الإحباط - الجزء الأول

 بسم الله الرحمن الرحيم  


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

هناك تحديات كثيرة تمرّ على الشخص في حياته ومن الطبيعي أن يُصاب الشخص بالإحباط أو ببعض المشاعر السلبية في أوقات مختلفة في حياته. وشخصياً، لست مع مَن يطلبون مِن الناس ألا يُحبَطوا من أي موقف وأن يكونوا إيجابيين دائما فهذا عكس قوانين الحياة وهذا من الطرح المثالي الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية في بعض الأحيان.

فكّر في الموقف التالي: بَذلْتَ جهدا كبيرا في أمر ما وعندما حان الوقت المنتظر لعرض النتيجة، قام أحدهم بنقد الأمر الذي فعله نقدا سلبيا ولم يقدّر أبدا الجهد الكبير الذي بذلته. خذ كذلك موقفا آخر وهو أنه قد حققت إنجازا معيّنا تفتخر به كثيرا وعندما عرضته على شخص ما، لم يعرك انتباهاً بل وربّما قلّل من شأن هذا الإنجاز.

الطبيعي هنا أن يحدث إحباط للشخص وتختلف درجة الإحباط على حسب منزلة الشخص المنتقِد أو درجة قرابته من الشخص أو طريقة إلقاء النقد أو الملاحظة. وما يجب أن ندركه أنّنا لا نعيش في عالم مثالي يقدّر جميع الناس بعضهم البعض، فهناك أشخاص متخصّصين في النقد السلبي الهدّام الذي لا يُرجى منه أي فائدة سوى تحطيم الشخص أو التقليل من شأنه.

وهناك أشخاص لا يقدرّون الإنجازات مهما كانت حجمها وقد يكون ذلك لأسباب مختلفة، وهناك أشخاص لا يعبّرون بالطريقة الصحيحة أو يلقون كلمات سواء بقصد أو بغير قصد من شأنها أن تُحبط الشخص الأول.

ولا أريد أن يُفهَم من كلامي أنني لست مع النقد أو إبداء الملاحظات فهذه الأمور من شأنها أن تطوّر الشخص وتلفت نظره إلى زوايا مختلفة، ولكن طريقة إبداء النقد أو إعطاء الملاحظة هامّة بقدر أهمية النقد أو الملاحظة نفسها فقد تكون الملاحظة غاية في الأهمية ولكنّ الطريقة غير مناسبة تماما فيسبّب إحباطا للطرف الآخر بدلا من استفادته.

وأودّ التأكيد كذلك أنّني لست مع الإحباط وأعتبره عدوّا أساسيا من أعداء الإيجابية ويجب على الشخص أن يحرص على التغلبّ عليه قدر الإمكان لأنّ آثاره مدمّرة ولكنّني في نفس الوقت لست مع من يقول أنّ الشخص لا ينبغي له أن يُحبَط أبدا، فالمهم هنا كيفية التعامل مع الإحباط والخروج منه بأسرع وقت وبأقل الأضرار.

إنّ ما يميّز الإيجابيين عن السلبيين هو تعاملهم مع الإحباط فهم لا ينكرونه في الأساس ولكنهم يحرصون على أمرين أساسين. الأمر الأول هو الحرص على عدم طول مدّة هذا الإحباط والأمر الثاني هو عدم انعكاس هذا الإحباط على السلوك، وإن حدث وتصرّف الشخص بشكل سلبي، فهو يعود بسرعة إلى رشده وإيجابيته.

الخلاصة هي أنّنا لا نريد أن نتسبّب في إحباط الآخرين وأنْ نحرص إن وقعنا في الإحباط أن نخرج منه بأسرع وقت وأن نقلّل من آثاره. وسنكمل في الحلقة القادمة مزيدا من المعاني عن الإحباط بإذن الله تعالى، والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الشغف)، يُرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق