الأحد، 17 أكتوبر 2021

مشاهدات (77) - الاستماع...تحدٍّ وتميّز

 بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

لا يكاد كتاب من كتب التميز أو القيادة وحتى التربية يخلو من بيان أهمية الاستمتاع أو الإنصات، وهذا الأمر يمثّل تحدّيا كبيرا بالنسبة للكثيرين لأنّه ليس سهلا على الإطلاق. فأن تظلّ مركّزا في كل ما يقوله الطرف الثاني من دون أن تقاطعه ثم تبدأ الكلام من دون تجهيز مسبق فهذا يحتاج حقيقة إلى مجاهدة كبيرة للنفس.

أمّا الأمر الأسهل فهو المقاطعة المستمرة أو عدم الانتباه أثناء حديث الطرف الثاني والردّ مباشرة بعد انتهائه. وللأسف، فهذا هو الأمر السائد بين الكثيرين، والقليل القليل ممن يطبّقون فن الاستماع أو الإنصات بشكله الحقيقي.

يبهرني الشخص المستمع وأعرف شخصيا البعض منهم حيث يحرص على الاستماع من الطرف الثاني حتّى ينتهي ثمّ يبدأ كلامه بعد ذلك من دون أن يكون قد أعدّ ردّه مسبقا. وهذا هو منهج النبي صلى الله عليه وسلم حيث يُعرف ذلك بمنهج (أَفَرَغْتَ؟) أي الانتظار حتى ينتهي الطرف الثاني من كلامه والتأكد من ذلك بسؤاله، ولا شكّ أنّ ذلك يدلّ على خلقٍ راقٍ جدّا ويؤدي إلى احترام الطرف الثاني.

الاستماع أو المرحلة المتقدمة منه وهو الإنصات فنّ، ومن استطاع إتقان هذا الفن سوف يحصل على نتائج رائعة، بل إنّ مشاكلاً تُحلّ وأفكاراً تُنتُج ومواضيعَ تُطَوّر حين يتم تطبيق الاستماع والإنصات. فهو تحدّ كبير ولكنّ في تطبيقه تميّز ونجاح.

والخبر الجميل هنا بأنّ هذه المهارة يمكن تعلّمها حيث أنّ هناك دورات وكتب تساعد كثيرا في تعلّم هذا الجانب ولكن ينبغي لمن أراد التعلّم الصبر لأنّه كما ذكرت ليس بالأمر اليسير. حينما يتعلم الأزواج والآباء والقادة والمدراء والمعلّمون والطلاّب هذه المهارة، فأعتقد أن ذلك سيؤثّر إيجاباً على المجتمع ككل بالإضافة إلى نتائجه الإيجابية على المستوى الشخصي.

كلمة أخيرة:

حتى القرآن الكريم يربّينا على تعلّم الاستماع والإنصات كما قال تعالى: "وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (الأعراف 204). والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (التعاون)، يُرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق