الأحد، 16 يناير 2022

مشاهدات (83) - الإتقان

 بسم الله الرحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

من خلال مشاركتي في برامج التميز، لاحظت بأنّ هناك معانٍ متعددة مرتبطة بالتميّز ومن هذه المعاني الهامة معنى الإتقان ويعني - كما جاء في معجم المعاني الجامع - ‏أداء الشيء على أكمل وجه وبمنتهى الدقة، فتطبيق الإتقان في أعمالنا هو عين التميّز. وحقيقة الإتقان هو بذل أقصى درجات الوسع والجهد لإخراج الشيء بأفضل صورة ممكنة، وهذا الشيء قد يكون عبادة أو مهمّة أو علاقة أو مشروعاً أو غير ذلك.

إذا استطعنا تطبيق الإتقان في حياتنا فإنني على يقين بأنّنا سنستطيع مواجهة كثير من التحديات الموجودة، هذا غير المساهمة في التطوير وزيادة السعادة بين الأطراف المعنية. وهنا دعونا نتساءل: ما الذي سيحدث إذا أتقنّا في تربية أبنائنا أو في علاقاتنا الزوجية أو أثناء تأدية مهامّنا في بيئة العمل أو في علاقاتنا مع المدراء والموظفين والشركاء؟ أعتقد أنّ الإجابة واضحة حيث سيتحقق لنا كثيرا من الثمرات الإيجابية.

وإذا تأملّنا في ديننا الحنيف، فسنلاحظ أنّه حثّ على الإتقان في أداء العبادات بصور مختلفة، فالحرص على الخشوع في الصلاة من الإتقان، والحرص على الإخلاص في العمل من الإتقان، والحرص على تلاوة القرآن بصوت حسن وتجويد من الإتقان وهكذا. فالإتقان جزء من ديننا الحنيف ولا عجب في ذلك، فالإسلام يحرص على كل قيمة إيجابية حتى يتميز الشخص في هذه الحياة الدنيا وبعد ذلك في الآخرة بإذن الله تعالى.

وهذا الإتقان قد يكون قريبا من المثالية التي تحدّثنا عنها في مقالة سابقة (المثالية) والتي يسعى صاحبها للكمال والخلو من العيوب والقصور وهي حالة سلبية بعكس الإتقان الذي يبذل صاحبه جهده ووسعه ولكنّه يتوقع وجود نقص وملاحظات لأن ذلك طبيعة بشرية، فالمتقن يسعى للتطوير دائما من خلال الملاحظات والتغذية الراجعة بعكس الشخص المثالي الذي لا يتقبل الملاحظات ويعتبر عمله كاملا لا يقبل النقاش.

جاء في الحديث الشريف الذي حسّنه بعض العلماء: "إنَّ الله يحبُّ إذا عَمِلَ أحدكم عملاً أنْ يتقِنَه" (صحيح الجامع)، فالإتقان قيمة يحبها الله تعالى ولذلك ينبغي الحرص عليه ما استطاع الشخص إلى ذلك سبيلا في كل أمور حياته. والله الموفق إلى كل خير، والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (تغيير العادات)، يرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق