الجمعة، 29 سبتمبر 2023

مشاهدات (119) - الأعمار الخمسة للإنسان

بسم الله الرحمن الرحيم 

 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

كنت أسمع مؤخرا لأحد العلماء الأفاضل يتحدث عن العمر الحقيقي للإنسان. الذي جذبني هو أنّه ذكر أن للإنسان خمسة أعمار وليس عمرا واحدا كما نعتقد!

العمر الأول هو وجود الشخص في عالم الذّر في صُلْب آدم عليه السلام.

العمر الثاني هو وجود الشخص في الدنيا.

العمر الثالث هو وجود الشخص في قبره.

العمر الرابع هو في يوم الحشر وهو طويل كما قال سبحانه: "وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ" (الحج 47).

العمر الخامس والأخير هو الخلود الأبدي إمّا في جنة أو نار.

العجيب في الأمر أنّ العمر الثاني هو أقصر الأعمار ولكنّه يحدّد بشكل رئيس وضع الشخص في الأعمار الثلاث الباقية خاصة العمر الخامس الأطول على الإطلاق. فإنّ ما نعمله في عمرنا الثاني سينعكس على الأعمار التالية، إن خيراً فخير وإن شراً فشر كما قال سبحانه: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" (الزلزلة 7-8).

نحتاج فعلا إلى أن نعيد حساباتنا ونهتم بالآخرة أكثر من اهتمامنا بالدنيا، فالأصل هو تحقيق الآية الكريمة: "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا" (القصص 77) فالآخرة هي الأصل والدنيا تأتي بعد ذلك وليس العكس كما يفعل الكثيرون.

ولذلك قال الله تعالى في كتابه العزيز حكاية عن الإنسان يوم القيامة وندمه الشديد على ما فرّط في الدنيا: "يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" (الفجر 24)، فالحياة الحقيقية هي في الآخرة وليس في هذه الدنيا الفانية. عندما يكون عندنا يقين بهذه الحقيقة وأننا أيامنا - مهما طالت - فهي قصيرة جدا أو لا تقارن بحياتنا في الآخرة، فستتغير حياتنا تماما نحو الأفضل.

وللأسف، تزيد الماديات والمغريات في حياتنا يوما بعد يوم لتبعد الشخص أكثر وأكثر عن الآخرة، وإذا لم ننتبه لأنفسنا، فسوف تأخذنا الدنيا بعيدا كما فعلت بالكثيرين فابتعدوا عن طاعة الله تعالى وتجرّؤوا على معصيته، فالدنيا حينما تدخل القلوب، فستكون المعاصي أسهل للشخص.

إذا لم نُعِد ترتيب أولوياتنا في الدنيا بحيث تكون طاعة الله تعالى على قمة أولوياتنا فسوف نعاني كثيرا في الأعمار القادمة لأن الأساس سيكون بالحسنات والسيئات وليس أي شيء آخر. والله الموفق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (مشاركة الإنجازات)، يرجى الضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق