الخميس، 19 أكتوبر 2023

مشاهدات (120) - نظرتنا إلى الفشل

بسم الله الرحمن الرحيم 


 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:

فهدفي من هذه المقالات هي كتابة أحداث أعايشها أو أشاهدها أو أسمع عنها شخصيا مع بيان وجهة نظري أو تحليلي لهذه الأحداث، وقد يوافقني البعض ويخالفني آخرون وهذا شيء طبيعي لأنه من المستحيل أن يتفق الناس على كل شيء، وسأذكر هذه الأحداث بشكل مختصر مع بيان الأمور التي استفدت منها أو أثرّت عليّ.

حضرت في الأسبوع الماضي دورة الكترونية على منصة اللينكد إن التعليمية عن الفشل وكيفية الاستفادة منه وتحويله إلى فرصة للتعلّم والتطوير. وكنت قد قرأت سابقا كتابا للمؤلف الأمريكي جون ماكسويل بعنوان (الفشل البنّاء) يتحدث فيه كذلك عن كيفية تحويل الفشل إلى نجاح ويذكر فيه الكثير من المواقف والقصص لأشخاص استطاعوا تحويلهم فشلهم إلى نجاحات.

الفشل جزء من الحياة وخاصة للعظماء والمؤثّرين، وأذكر كذلك أنني قرأت كتابا للمؤلف كفاح فيّاض بعنوان (حكايات كفاح) يتحدث فيه عن مؤسسي الشركات العالمية وكيف أنّ بعضهم قد فشلوا فشلا ذريعا خلال حياتهم ومع ذلك لم ييأسوا وواصلوا كفاحهم إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه من نجاح باهر، ليس فقط على مستوى بلدانهم وإنما على مستوى العالم أجمع.

نظرة الكثيرين إلى الفشل سلبية للأسف الشديد ويرجع ذلك ربّما إلى التربية في الصغر أو التعليم في المدارس أو تعامل القادة والمدراء في بيئة العمل أو غيرها من الأسباب. الفشل عند الكثيرين يعني النهاية واليأس والهمّ وتوقّع اللوم من الآخرين عكس ما ينصح به الخبراء والحكماء من أنّ الفشل ينبغي أن يكون محطة للتعلّم والانطلاق من جديد.

وأحبّ أن أؤكّد هنا بأنّ للقادة دور هام في نظرة الناس للفشل، فعندما يقوم القائد باللوم والتوبيخ والتهديد والعقاب للأشخاص الذين فشلوا في أمر ما، عندئذ يصبح الناس في رعب عند الفشل ويتجنّبون إعطاء المعلومات اللازمة أو المساعدة وبالتالي لا يصبح هذا الفشل مصدرا للتعلّم سواء للشخص أو للآخرين. ونفس الأمر ينطبق على الوالديْن في المنزل والمعلّمين في المدرسة في تعاملهم مع الفشل الصادر من الأبناء والطلاب.

عندما يكون هناك أمان وثقة بين الوالدين والأبناء والمعلمين والطلاب والقادة والموظفين بأنّه لا مانع من الفشل بشرط بذل الجهد واتخاذ الأسباب، سيصبح الفشل حينئذ مصدرا لتعلّم وتطوير الجميع. هذه البيئة الآمنة تحتاج إلى عقول منفتحة وإيجابية، وقد سمعت عن بعض المؤسسات التي تعطي جوائز عن المحاولات والمشاريع الفاشلة لأن أصحابها بذلوا وتعبوا وحاولوا، فالمكافأة على الجهد وليس على النتيجة.

لست أدعو أبدا إلى تعمّد الفشل وعدم بذل الجهود والأسباب للنجاح، ولكن أدعو لتغيير نظرتنا إلى الفشل بحيث لا نقصي الأشخاص الذين فشلوا ونجعل عليهم علامة (الفاشلين) بل نفتح صدورنا وقلوبنا وعقولنا حتى نتعلّم ونتطور، فالتميّز يعني التعلّم المستمر والفشل جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة. والله الموفّق إلى كل خير والحمد لله رب العالمين.


لقراءة المقالة السابقة (الأعمار الخمسة للإنسان)، يُرجى الضغط هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق